< صفحة فارغة > [ المدخل ] < / صفحة فارغة > رسالة في العدالة بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد للَّه ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على محمّد وآله الطَّاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى يوم الدّين وبعد فهذه تعليقة على رسالة في العدالة للمولى المحقّق المدقّق شيخ المشايخ الشّيخ مرتضى الأنصاريّ أعلى الله في الخلد مقامه < صفحة فارغة > [ العدالة هل هي الملكة أو الاستقامة عليها ] < / صفحة فارغة > قوله قدّس سرّه صحيحة ابن أبي يعفور إلى آخره ( 1 ) أقول هذا فاعل يدلّ ولمّا كانت هذه الصّحيحة أجمع رواية في الباب وأبسطها واشتملت على فوائد كثيرة فأحببت شرحها من البداية إلى النّهاية حتّى يعلم أنّ مدلولها ما ذا وحيث إنّ متنها في رواية الفقيه كان مختلف معه في رواية التّهذيب في بعض الفقرات وكان السّند صحيحا في طريق الفقيه دون التّهذيب كما صرّح به بعض أرباب الرّجال اخترنا شرح المتن الموجود في الفقيه فأقول قال عبد الله بن أبي يعفور قلت لأبي عبد الله ع بما يعرف عدالة الرّجل بين المسلمين بكلمة بين كما في بعض نسخ الفقيه والوسائل والوافي وجملة من الكتب الاستدلاليّة فهي ظرف ليعرف يعني أنّ عدالة الرّجل بما يعرف بين المسلمين وعندهم وهذا عبارة أخرى عن أنّ المسلمين بما ذا يعرفون عدالة الرّجل أو من المسلمين بكلمة من بدل بين كما في نسختين خطَّيّتين من المفاتيح للكاشاني فهي للتّبعيض الأفرادي وعليه لا يكون للرّجل إطلاق يعمّ غير المسلم كي يحتاج إلى إخراجه بشيء خارجيّ حتّى يقبل شهادته لهم وعليهم أي لنفعهم وعلى ضررهم كما في باب المرافعة فإنّ شهادة الشّاهد فيها كما يكون لأحد المتخاصمين كذلك يكون على الآخر لو كانا من المسلمين والشّهادة هو الخبر المتعرّض فيه لبيان كونه جازما بمضمونه المدلول عليه بلفظ أشهد أو بقرائن الحال المنضمّة بصيغة الخبر فهي أخصّ من الخبر لأنّه عبارة عن محض الحكاية عن النّسبة بين الموضوع والمحمول أعمّ من أن يكون المخبر جازما بها أم لا فكلّ شهادة خبر ولا عكس وسيأتي لذلك تتمّة عند التّعرّض لثبوت العدالة بخبر العدل وعدمه قال عليه السّلام أن يعرفوه بالسّتر والعفاف أي يكون معروفا عندهم بذلك وإنّما فسّرنا أن يعرفوه بالمعروفيّة والحال أنّه بصيغة المعلوم فينبغي تفسيره بمعرفتهم إياه بما ذكرنا من جهة أنّ تفسيره بالمعرفة إنّما يتّجه فيما لو كان التّعبير بقوله أن يعرفوه ستره وعفافه لا بما في الرّواية إذ فرق بين قوله أعرف زيدا بالاجتهاد وبين قوله أعرف اجتهاده حيث إنّ الأوّل لا يحسن بل لا يصحّ إلَّا فيما إذا كان الاجتهاد فيه ظاهرا بحيث يصحّ أن يجعل عنوانا له ويعتبر به ويعرّفه به وهذا بخلاف الثّاني ويتّضح ذلك بعد التّأمّل ودقّة النّظر ولأجل هذه النّكتة نعبّر عن مفاد هذه الجملة فيما يأتي بالمعروفيّة والاستشهاد وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في أنّ اللَّام في السّتر والعفاف عوض عن الضّمير المحذوف المضاف إليه الرّاجع إلى الرّجل والظَّاهر أنّ المراد من المستور عنه المدلول عليه بالسّتر هو العيب والمعصية يعني أن يعرفوه أنّ الرّجل بستره نفسه وجوارحه وعفافه عن المعصية فيغاير المراد من السّتر في قوله في الذّيل أن يكون ساترا لعيوبه حيث إنّ المراد منه ستر عيبه ومعصيته عن الغير لا ستر نفسه عن المعصية فالسّتر والعفاف هنا لم يرد منهما شيء آخر وراء ما أفاده بقوله وكفّ البطن والفرج واليد واللَّسان والإضافة فيه بمعنى اللَّام أو بمعنى من ومؤدّاهما واحد ويؤيّد الثّاني تعبيره عن ذلك في طريق التّهذيب والاستبصار بقوله والكفّ عن البطن إلى آخره يعني الكفّ النّاشي من البطن والصّادر منه فتأمّل قال في الصحاح رجل ستير أي عفيف وقال في المجمع العفاف بفتح العين والتّعفّف كفّ النّفس عن المحرّمات وعن سؤال النّاس فيكون عطف الكفّ عليهما من قبيل عطف التّفسير قال السّيّد الجزائري في شرح التّهذيب وقوله والكفّ إلى آخره كأنّه تفسير للعفاف لأنّه معنى للعفاف شرعا انتهى وإنّما عبّر عنه بالسّتر بنحو من العناية والتنزيل حيث إنّ الكفّ والاجتناب كأنّه ستر وحاجب بين الشّخص وبين المعصية يمنعه عن الوصول إليها وبالجملة فجميع هذه الأمور الثّلاثة من قبيل الأفعال للنّفس لا من قبيل الصّفات لها فتفطَّن وفي التّهذيب في باب البيّنات وفي الإستبصار في باب الشّهادات والكفّ عن البطن والفرج إلى آخره والمراد منه كفّ النّفس عن المعاصي الَّتي يكون بالبطن والفرج واليد واللَّسان ومفاد التّعبيرين شيء واحد والاختلاف في التّعبير من التّفنّن في العبارة ومن ذلك يظهر أنّ قوله يعرف باجتناب الكبائر بالنّصب بأن المقدّرة عطف على يعرفوه بتبديل صيغة المعلوم في المعطوف عليه إلى صيغة المجهول في المعطوف لبيان أنّ المراد من أن يعرفوه في المعطوف عليه مع كونه بصيغة المعلوم هو المعروفية لما ذكرنا من النّكتة وضميره المستتر راجع إلى الرّجل يعني وأن يعرف الرّجل أي وأن يعرفوه باجتناب الكبائر والوجه في عطف هذه الفقرة على ما قبلها وذكرها بعده إنّما هو كونها وافية بالمقصود بأخصر بيان دون ما قبلها حيث إنّ الجملة المعطوف عليها لمّا كانت بما لها من النّسق الَّذي تراه تحتاج إلى تعداد جملة من الجوارح وتعداد الأفعال المحرّمة الصّادرة منها وهو موجب للطَّول عدل عنها في الأثناء إلى عبارة أخرى مختصرة تفي بالمرام فكأنّه ع قال وبالجملة أن يعرفوه باجتناب الكبائر وعلى هذا لا يكون لمتعلَّق كفّ البطن إلى آخره المحذوف عموم لغير الكبائر كما قد يتوهّم ولا اختصاص بخصوص الصّغائر كما هو ظاهر صاحب الحدائق قدّس سرّه في صلاة الجمعة حيث قال في ذيل الكلام في بيان المراد من الصّحيحة في مقام الإيراد على صاحب المدارك أنّ الخبر ظاهر فيما قلناه من قدح فعل الصّغيرة في العدالة فإنّ قوله أن تعرفوه بالسّتر والعفاف وكفّ البطن إلى آخره راجع إلى اجتناب الصّغائر ثمّ عطف عليها اجتناب الكبائر وملخّصه أنّه يجب أن يعرف بالتّقوى والعفاف عن كلّ معصية صغيرة وكبيرة انتهى موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه إذ لا نظر فيه إلَّا إلى ما عدل إليه من العبارة الجامعة المختصرة وبذلك يقيّد إطلاق الذّنب في مفهوم قوله ع فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو يشهد عليه شاهدان فهو من أهل العدالة والسّتر ويحمل على خصوص الكبيرة فلا يصحّ الاستدلال بهما على ما