عدم الإعادة إلَّا فيما إذا لم يتمكَّن من إتيانه على غير وجه التّقيّة حين التّقيّة بدون تأخيره إلى جزء آخر من الوقت بأن جعل من يخاف منه وراءه وصلَّى غير متكتّف وإلَّا فلو تمكَّن من ذلك يكون الفرد الخفيّ هو هذا لا ذاك وفيه أنّ ظهوره فيه مبنيّ على أن يكون مراده من قوله قبل خروج الوقت جزء آخر منه بحيث يكون المعنى وإن تمكَّن من إتيانه على غير وجه التّقيّة بتأخير العمل إلى جزء آخر من الوقت فيكون له ظهور فيما ذكره بما مرّ من التّقريب لكنّه قابل للمنع لإمكان أن يكون مراده منه التّحفظ على الوقت بحيث يكون المعنى وإن تمكَّن من إتيانه على غير وجه التّقيّة في الوقت ومع حفظه له سواء كان بتأخيره إلى جزء آخر منه أو بشيء آخر بدون التّأخير كما في المثال فحينئذ لا يبقى له ظهور فيما ذكره لأنّه على هذا قد جعل صورة التّمكَّن بكلا قسميها معا فردا خفيّا لعدم وجوب الإعادة بالقياس إلى الفرد الآخر وهو صورة عدم التّمكَّن منه بالمرّة وهو صحيح إذ ليس هنا بناء على هذا فرد آخر أخفى من صورة التّمكَّن نعم أحد فردي صورة التّمكَّن أخفى من الآخر إلَّا أنّه جعلهما معا فردا خفيّا لا خصوص الثّاني وحينئذ فمعنى قوله قبل ذلك وإن كان للمكلَّف مندوحة ثبوت المندوحة مطلقا إمّا بتأخيره إلى جزء آخر من الوقت لا تقيّة فيه أو بلا تأخيره كما فيما مثّلناه وحينئذ لا يكون هذا قولا باعتبار عدم المندوحة كي يوافق صاحب المدارك ولو كان مراد صاحب المدارك من اعتباره هو اعتباره من غير جهة التّأخير لا مطلقا حتّى من جهة الوقت أيضا بلحاظ ما استظهره المصنف من أنّه لم يعتبره أحد مستندا في ذلك إلى ظهور الأخبار بل صراحة بعضها في خلافه وإن كان يمكن المناقشة فيه كما سيأتي فيما بعد بل يكون قولا بعدم اعتباره فيخالف صاحب المدارك فإن قلت على أيّ تقدير ليس قوله ره تفصيلا في المسألة أمّا بناء على ما استظهره المصنف من عبارته فلأنّه قائل بالاعتبار مطلقا فيما هو مورد الخلاف في المسألة وهو اعتبار عدم المندوحة بما عدا التّأخير إلى جزء آخر من الوقت وأمّا بناء على ما ذكرناه في معنى عبارته فلأنّه قائل بعدم الاعتبار مطلقا فيه مثل الشّهيدين قدّس سرهما قلت نعم لو كان مورد الخلاف في اعتبار عدم المندوحة من غير جهة التّأخير مختصّا بالقسم الأوّل ممّا ذكره في طرفي التّفصيل وأمّا إذا كان عامّا له ولمقابله كما قد يحتمل فهو تفصيل في مورد الخلاف كما هو واضح قوله فمن يمكن من الصّلاة في بيته إلى آخره ( 1 ) أقول هذا تفريع على القول بعدم اعتبار المندوحة في الجزء الَّذي يقع فيه العمل قوله نعم لو كان الخلاف ( 2 ) أقول لا حاجة إلى ذلك في كونه تفصيلا في المسألة بل يكفي فيه كون مورد الخلاف في اعتبار عدم المندوحة بخصوص غير جهة التّأخير إلى وقت آخر عامّا لكلا القسمين اللَّذين جعلهما المحقّق الثّاني طرفي التّفصيل كما أشرنا إليه قوله إنّه إن أراد من عدم ورود نصّ بالخصوص إلى آخره ( 3 ) أقول يمكن أن يقال إنّه أراد ذلك ويجاب عمّا أورده عليه بأنّه ما ادّعى مشروعيّة العبادة المخالفة للواقع على وجه التّقيّة بل مقتضى قوله إذا اقتضت الضّرورة مخالفة أهل الخلاف فيه إلى آخره إنّما هو عين ما ذكره المصنف بقوله وإن فرضنا أنّ التّقيّة ألجأته إلى الصّلاة ولا تتأدّى بترك الصّلاة قوله والحاصل أنّ الفرق إلى آخره ( 4 ) أقول يعني وحاصل الشّقّ الثّاني الَّذي ذكره بقوله وإن أراد به عدم النّصّ الدّالّ إلى آخره قوله قدّس سرّه كما اعترف به بعض ( 5 ) أقول الظَّاهر أنّه عنى به هنا وفي قوله إنّ ما أجاب بعض صاحب الحدائق قدّس سرّه في مسألة المسح على الخفّين من باب الوضوء قوله ره لا وجه له على إطلاقه ( 6 ) أقول يعني بحيث يعمّ ما إذا كان متعلَّق التّقيّة من الأجزاء والشّرائط مطلقا حتّى في حال الاضطرار لأنّ اللَّازم في مثل ذلك كما مرّ هو الحكم بسقوط الأمر بالمركَّب والمشروط رأسا لا بقائه متعلَّقا بما عدا متعلَّق التّقيّة حتّى يكون من مصاديق مسألة أولي الأعذار نعم هو صحيح فيما إذا كان متعلَّقها من الأجزاء والشّرائط الاختياريّة قوله إنّه إن أريد عدم المندوحة بمعنى عدم التّمكن حين العمل من الإتيان به موافقا للواقع إلى آخره ( 7 ) أقول ما ذكره في هذا الشّقّ من وجوب إتيان العمل على طبق الواقع وعدم جواز إتيانه بنحو التّقيّة مبنيّ على وجوب التّورية عند الضّرورة على إتيان العمل المخالف للواقع على المتمكَّن منها وهذا المبنى وإن كان لا ينبغي الإشكال فيه فيما إذا لم يكن هناك إلَّا الأدلَّة المأخوذة في موضوعها الضّرورة والاضطرار إلى مخالفة الواقع حيث لا ضرورة فيها مع إمكان التّورية وأمّا لو كان دليل لم يؤخذ فيه ذلك فهو مشكل مثل ما عن العيّاشي بسنده عن صفوان عن أبي الحسن عليه السّلام وفي آخره الوارد في غسل اليدين قلت له يردّ الشّعر قال إن كان عند آخر فعل وإلَّا فلا ومثل رواية أبي الورد الواردة في المسح على الخفّين وفي آخرها فقلت هل فيها رخصة قال لا إلَّا من عدوّ تتّقيه أو ثلج تخاف على رجليك وأمثال ذلك ممّا ورد في الموارد الخاصّة مثل الأخبار الواردة في باب الجمعة والجماعة والأخبار الواردة في الحلف كاذبا بمجرّد الخوف والأخبار الواردة في السّبّ والبراءة لأجل التّقيّة والأخبار الواردة في الإذن في التّقيّة في الوضوء والصّلاة فإنّها بإطلاقها يدلّ على عدم اعتبار العجز عن التّورية وتقييدها بما دلّ على اعتبار الضّرورة وحملها على صورة العجز عنها مع كونه من الحمل على الفرد النّادر ممّا لا داعي إليه بعد توافقهما في الإثبات نعم التّورية لمن تمكَّن منها أفضل واعتبار العجز عنها أحوط قوله فإنّ ظاهرها اعتبار تعذّر ترك الصّلاة معهم ( 8 ) أقول نعم ولكن في ذاك الموضع الَّذي جامعه وإيّاهم فلا يدلّ على اعتبار تعذّر تركها معهم برفع الاجتماع معهم فيه بخروجه أو إخراجهم منه فلا يمنع عن إتيان العمل على وجه التّقيّة مع التّمكَّن من إتيانه على غير وجهها بتبديل الموضوع ولو سلَّم فيمكن أن يقال إنّ المراد من عدم البدّ فيها هو عدم البدّ العرفي بحسب مقاصدهم وإراداتهم العرفيّة ومن المعلوم صدق عدم البدّ عن الصّلاة معهم في السّوق والمسجد ونحوهما ممّا جمعه وإيّاهم مع إرادتهم البقاء فيه وعدم الخروج عنه قوله ونحوها ما في الفقه الرّضوي ( 9 ) أقول فيه مضافا إلى عدم ثبوت حجّيّة هذا الكتاب أنّه لا دلالة فيه على اعتبار الضّرورة وعدم المندوحة بالمعنى الَّذي ذكره فإنّ غاية مدلوله حصر جواز الصّلاة خلف رجل لا يوثق بدينه في رجل يتّقى من ضرره وكون الدّاعي إليها اتقاء شرّه وهو يصدق مع التّمكَّن