أربحت بصيغة المجهول يعني طلبوا منّي أن أبيعه بالرّبح ومنها ما هو ظاهر بإطلاقه في الجواز مثل ما في الفقيه في ذيل رواية الكرخي المتقدّمة قلت لأبي عبد الله عليه السّلام أشتري الطَّعام من الرّجل ثمّ أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فأقول له ابعث وكيلك حتّى يشهد كيله إذا قبضته قال لا بأس ورواية جميل عن أبي عبد الله ع في الرّجل يشتري الطَّعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه قال لا بأس ويوكَّل الرّجل المشتري منه قال لا بأس كما في الوسائل لا بأس بذلك كما في الوافي والظَّاهر أنّ قوله لا بأس الأوّل زائد وعلى أيّ حال المراد من الرّجل المشتري الأوّل والبائع الثّاني ومن المشتري المنصوب على المفعوليّة ليوكل المشتري الثّاني وضمير منه راجع إلى الرّجل ويقبضه متعلَّق بيوكل يعني يوكله في قبضه من البائع الأوّل فإنّهما بالإطلاق يدلَّان على عدم البأس في بيعه قبل القبض وقد مرّ أنّ الطَّائفة الأولى لا تعارض الأخيرتين وإنّما التّعارض بين الأخيرتين في البيع قبل القبض بالمرابحة أو بغير التّولية مطلقا وسيأتي الإشارة إلى منشإ التّرديد المزبور حيث إنّ الأولى بلحاظ الموضوع وهو البيع قبل القبض نصّ فيه وبلحاظ الحكم ظاهر في الحرمة والثّانية بالعكس لأنّها من حيث الحكم نصّ في الجواز ومن حيث الموضوع ظاهر فيه فإنّه يعمّه بالإطلاق فيدور الأمر بين رفع اليد عن ظهور النّهي في الطَّائفة الأولى في الحرمة وحمله على الكراهة وبين رفع اليد عن إطلاق الموضوع في الثّانية وحمله على خصوص التّولية وإخراج المرابحة ولا يخفى أنّ التّحقيق كما قرّر في محلَّه أنّ ظهور النّهي في الحرمة إنّما هو بالإطلاق لا بالوضع فحمله على الكراهة لا يوجب التجوّز في مدلول هيئة النّهي على التّحقيق من وضع المطلقات للمعاني اللَّابشرط المقسمي فلا مجال لترجيح التّصرّف في إطلاق موضوع الثّانية بالتّقييد على التّصرّف في النّهي في الأولى بالحمل على الكراهة بلزوم التّجوّز في الثّاني دون الأوّل حيث إنّ التّصرّف في كلّ منهما ليس إلَّا في الإطلاق وكذلك لا مجال لترجيحه عليه بما ذكره المصنّف بقوله مع أنّ استثناء التّولية إلى آخره لما سيأتي أنّه جدل لا يجدي في مقام الاستدلال فعلى هذا لا بدّ في دعوى أولويّة حمل المطلقات النّافية للبأس على التّولية على حمل النّواهي على الكراهة من الاعتماد إلى دعوى أنّ الإطلاق في ناحية الموضوع أقوى منه في ناحية الحكم عند العرف ولذا تراهم يتصرّفون في ظهور الموضوع في دليل دون ظهور الحكم في دليل آخر يعارضه لو لم يتصرّف في أحد الظَّهورين كما إذا ورد يجوز إكرام العلماء ولا تكرم زيدا العالم حيث إنّهم يعالجون تعارضهما النّاشي من ظهور موضوع الأوّل في عمومه لزيد المقتضي لجواز إكرامه وعدم حرمته وظهور النّهي في الثّاني في الحرمة المقتضي لحرمة إكرامه فيرفعون اليد عن عموم موضوع الأوّل لا عن ظهور النّهي في الحرمة في الثّاني وكذلك في أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة فإنّهم يقيّدون الأوّل بغير الكافرة ولا يحملون النّهي في الثّاني على الكراهة إلَّا أن يناقش في ذلك بأنّ الأمر كما ذكر مع قطع النّظر عن الأمور الخارجة إلَّا أنّه قد يتّفق في بعض المقامات أنّه يكون الأمر بالعكس كما في المقام حيث إنّ الحمل على التّولية موجب بحمل المطلق على الفرد النّادر إلَّا أن يدفع ندرة التّولية إذ كثيرا ما يتّفق البيع برأس المال فتأمل فتحصّل أنّ الأقوى كما ذكره المصنّف قدّس سرّه حرمة بيع المكيل والموزون قبل القبض إلَّا تولية ولكن هذا بناء على كون المراد من القبض المنوط به الجواز في بعض الأخبار المتقدّمة متّحدا مع المراد من الكيل المنوط به الجواز في البعض الآخر إلَّا أنّه لا شاهد عليه من الأخبار حتّى نتعبّد به على خلاف حكم العرف واللَّغة على التّغاير فحينئذ نقول إنّ الأقوى في المسألة حرمته قبل تحقّق القبض والكيل معا وجوازه بتحقّق أحدهما لأنّه قضيّة الجمع بين إناطته في بعض الأخبار بالقبض الَّذي هو نصّ في جواز الاجتزاء به وظاهر في عدم الاجتزاء بالكيل وبين إناطته في البعض الآخر بالكيل الَّذي هو عكس الأوّل نصّ في جواز الاكتفاء بالكيل وظاهر في عدم الاكتفاء بالقبض فيرفع بنصّ كلّ منهما عن ظهور الآخر ونتيجة ذلك جواز الاكتفاء بأحدهما وبنحو التّخيير ولا نستوحش من تقوية ذلك بعدم الموافق إذ من المعلوم أنّ كلّ من قال بقول فقد قال به حسب ما أدّى إليه نظره في أخبار الباب بقي في المقام شيء ينبغي التّنبيه عليه وهو أنّ المنع في المسألة في قبال الإطلاقات العامّة المقتضية للجواز هل هو عام لجميع الأنحاء الأربعة إلَّا التّولية أو مخصوص بالمرابحة فيجوز ما عداها وجهان ظاهر قصر الاستثناء عن المنع بالتّولية في صحيحتي منصور ومعاوية بن وهب هو الأوّل وظاهر التّقابل بين المرابحة والتولية في صحيحتي الحلبيّ وعليّ بن جعفر بقوله إذا ربح لم يصلح حتّى يقبضه وإن كان تولية فلا بأس هو الثّاني حيث إنّه إذا كان في الكلام شرطيّتان مختلفي الجزاء بنحو التّضادّ والتّناقض وكان كلّ منهما بعض أفراد مفهوم الآخر فالظَّاهر أنّ الَّذي سيق لبيان المفهوم هو الشّرطيّة الأولى خاصّة لا كلتاهما ولا خصوص الثّانية بل هي لصرف بيان بعض أفراد مفهوم الأولى وعلى هذا بنينا في مواضع في الفقه منها مسألة تعدد الغسل فيما إذا كان بالكرّ ومسألة مقدار الزّكاة فيما سقي بالسّيح والدّوالي معا وهذا باب واسع يرتفع به توهّم التّناقض بين الشّرطيّتين في جملة من الأخبار فعلى هذا تدلَّان على إناطة الحرمة بالمرابحة وجودا وعدما فمعها يحرم وبدونها يجوز ولا يعارضهما رواية أخرى لعليّ بن جعفر الَّتي أرادها المصنّف في قوله وفي معناها روايته الأخرى وهي ما ذكره الشّيخ في التهذيب في ذيل صحيحته المتقدّمة بقوله وسألته عن الرّجل يشتري الطَّعام أتحلّ له أن يولَّي منه قبل أن يقبضه قال إذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس فإن ربح فلا يبع حتّى يقبضه بتوهّم أنّ الأمر فيها بعكس ما فيهما حيث إنّه جعل الشّرطيّة الأولى عدم أخذ الرّبح فمقتضى البيان السّابق تدلّ على إناطة الجواز بعدم أخذ الرّبح وعدمه