إسم الكتاب : هداية الطالب إلى أسرار المكاسب ( عدد الصفحات : 659)
أموال البائع وإمّا من الظَّهور الثّاني وحمله على أنّ المسبّب من التّلف هو العلم بكونه مالا حقيقيّا للبائع قبل التّلف وإنّما عبّر عن العلم بالمعلوم بنحو من العناية والتّجوّز فيكون المعنى أنّ التّلف قبل القبض سبب للعلم بكونه مالا له قبله والفرق بين التّصرفين أنّ النّبوي على الأوّل لا يدلّ على الانفساخ بوجه بخلافه على الثّاني فإنّه بناء عليه يدلّ عليه بالالتزام لأنّه لا يكون مالا له إلَّا بذلك أو بملكه له ملكا جديدا إمّا مجّانا وإمّا بالمعاوضة القهريّة بينه وبين طرفه ولا مجال للثّاني بكلا شقّيه فتعيّن الأوّل ويمكن أن يقال بترجيح التّصرّف الأوّل على الثّاني لأنّ الثّاني موجب لرفع اليد عن قواعد عديدة إحداها إطلاقات أدلَّة الصّحّة من حيث الزّمان والقول بحصول الأثر للبيع إلى ما قبل التّلف بآن مّا وثانيها قاعدة تسلَّط النّاس على أموالهم وعدم خروجها عن ملكهم إلَّا برضاهم في خروج المبيع عن ملك المشتري بدون رضاه وثالثها قاعدة تسلَّط النّاس على أنفسهم وعدم دخول شيء في ملكهم إلَّا برضاهم في دخول المبيع في ملك البائع ويظهر الثّمرة بين المعنيين في مئونة تجهيز العبد المبيع التّالف قبل القبض ومئونة دفع أذى الدّابّة المبيعة التّالفة كذلك فإنّها على الانفساخ على البائع وعلى عدمه على المشتري وفي حقّ الاختصاص والانتفاع بالتّالف في مثل سدّ السّاقية وإطعام الطَّير فإنّه للبائع على الانفساخ وللمشتري على عدمه وتظهر أيضا فيما إذا عادت إليه الماليّة بعد ذهابها قوله لا ضمانه عليه إلى آخره ( 1 ) أقول كما هو قضيّة ما ذكره في المسالك قوله ولعلّ الرّواية أظهر إلى آخره ( 2 ) أقول لم أفهم وجه الأظهريّة ولعلّ نظره في ذلك إلى قوله ع فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه حتّى يردّه إليه بتقريب أنّه بمفهومه يدلّ على عدم ضمان المشتري للثّمن إذا تلف المبيع قبل القبض ولا يصحّ ذلك إذا كان الضّمان في المنطوق ضمان المعاوضة بمعنى الانفساخ قبل التّلف الموجب لعود الثّمن إلى ملك المشتري ولا معنى لضمان المالك ماله بضمان المعاوضة ولا بضمان اليد وهذا بخلاف ما إذا كان المراد من الضّمان فيها ضمان اليد بمعنى كون مال الغير بما هو مال الغير على ذي اليد إذ لا يصحّ سلبه بهذا المعنى عن المشتري في المفهوم ضرورة كون يده على الثّمن يدا على مال الغير لولا الانفساخ ككون يد البائع على المبيع كذلك لولاه وبالجملة المفهوم المزبور يدلّ على نفي ضمان المشتري للثّمن عند تلف المبيع عند البائع ولا مجال لنفيه إذا كان الضّمان بمعنى ضمان اليد المتفرّع على صحّة المعاملة وعدم انفساخها فلا بدّ أن يراد منه الضّمان ضمان المعاوضة وانفساخ المعاملة فيعلم من ذلك أنّه المراد من ضمان البائع للمثمن أيضا في الفقرة السّابقة فتدبّر جيّدا قوله ويترتّب على ذلك كون النّماء قبل التّلف للمشتري ( 3 ) أقول في المبسوط كلام يظهر منه كونه للبائع قال قدّس سرّه في فصل عقده في أنّ الخراج بالضّمان وقوله ص الخراج بالضّمان معناه أنّ الخراج لمن يكون يتلف المال من ملكه ولمّا كان المبيع يتلف من ملك المشتري لأنّ الضّمان انتقل إليه بالقبض كان الخراج له فأمّا النّتاج والثّمرة فإنّهما أيضا للمشتري وإن حصل من المبيع نماء قبل القبض كان ذلك للبائع إذا أراد الرّد بالعيب لأنّ ضمانه على البائع بظاهر الخبر انتهى أقول بناء على كون المراد من الخراج الغلَّة والفائدة كما قالوا لا محيص عمّا ذكره ولكن الشّأن فيه بل الظَّاهر ولا أقلّ من الاحتمال أنّ المراد منه ما يؤخذ من الإنسان قال الفخر في تفسير قوله تعالى * ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ ) * الآية حكاية عن أبي عمرو بن العلاء أنّ الخرج ما تبرّعت به والخراج ما لزمك أداؤه وقد تقدّم الكلام في ذلك في غير موضع قوله إلَّا أن يقال إلى آخره ( 4 ) أقول هذا استدراك ممّا يستفاد من سياق قوله وهو مبنيّ على ثبوت الملك الحقيقي وهو مثل قوله ولا دليل على الأوّل أي ثبوت الملك الحقيقي فكأنّه قال إلَّا أن يقال بأنّ النّبوي دليل عليه لأنّ كون التّلف من البائع يدلّ بالالتزام على الانفساخ الحقيقي قبل التّلف ولازمه ثبوت الملك الحقيقي قوله ثمّ إنّه يلحق بالتّلف تعذّر الوصول إليه عادة مثل سرقته إلى آخره ( 5 ) أقول وجه الإلحاق هو رواية عقبة الواردة في السّرقة بعد انصرافها إلى الغالب من عدم رجاء العود في المسروق وكون السّرقة من باب المثال لكلّ ما يتعذّر الوصول إليه مع بقاء عليه إذ مع قطع النّظر عنها وملاحظة النّبوي فقط فالوجه عدم الإلحاق لعدم شمول التّلف عليه فيرجع إلى القاعدة المقتضية لعدم ضمان البائع إلَّا أن يقال بأنّ المراد من تلف المبيع تلفه من حيث الماليّة وهو متحقّق مع تعذّر الوصول إليه عادة قوله قدّس سرّه وكذا انفلات الطَّير ( 6 ) أقول في المجمع الإفلات والانفلات التّخلَّص يقال أفلت الطَّائر وغيره إفلاتا تخلَّص انتهى قوله فهي بمثابة التّلف ( 7 ) أقول لزوال الماليّة عنها بالأمور المزبورة قوله أو يثبت به الخيار ( 8 ) أقول يعني به خيار العيب قوله وفي التّذكرة أيضا لو هرب المشتري قبل وزن الثّمن إلى آخره ( 9 ) أقول هذا الفرع لا يناسب المقام لأنّ الغرض هنا ذكر ما يلحق بتلف المبيع بلحاظ تعذّر تسليمه وهذا من قبيل تعذّر تسليم الثّمن إلَّا أن يقال إنّه بملاحظة عدم الفرق بين المثمن والثّمن لكن يتّجه عليه حينئذ أنّه لا وجه لتقويته ثبوت الخيار للبائع في الحال مع اختياره الانفساخ في المثمن بل اللَّازم عليه تقوية الانفساخ في هذا الفرع ثمّ إنّ وزن الثّمن كناية عن نقده ودفعه إلى البائع والمراد من عدم الإقباض عدم إقباض البائع للمبيع وإيصاله إلى المشتري قوله والصّبر ثلاثة أيّام عطف على أن يملك إلى آخره ( 10 ) يعني واحتمل الصّبر ثلاثة أيّام ثمّ يكون له ملك الفسخ للرّواية يعني بها الرّوايات الواردة في خيار تأخير الثّمن قوله لورودها في الباذل ( 11 ) أقول لأنّ الظَّاهر من قوله في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام فيقول أي المشتري آتيك بثمنه هو البذل فلا يعمّ صورة الهرب وفيه أنّه مختصّ بهذه الرّواية وأمّا بقيّة روايات ذاك الباب مثل روايتي ابن يقطين وإسحاق فهي مطلقة ولم يحرز في مورد هذه الرّوايات شرط حمل المطلق على المقيّد لعدم المنافاة بينهما وإمكان تعدّد موضوع الحكم فيؤخذ بإطلاقها وقضيّة لزوم الصّبر إلى ثلاثة أيّام فتدبّر قوله والمعوز ( 12 ) أقول بصيغة المفعول من باب الإفعال بمعنى النّاقص قوله وفي غير موضع ممّا ذكره تأمّل ( 13 ) أقول أحد مواضع التّأمّل تقوية