إسم الكتاب : هداية الطالب إلى أسرار المكاسب ( عدد الصفحات : 659)
أمانة وأن يسلم الدّين أوّلا وقضيّة البيع بخلافه فيلزم التّناقض في الأحكام ولأنّ فيه استثناء منفعة ولا يجوز أن يستثني البائع بعض منافع المبيع لنفسه إلى أن قال ولأنّ المشتري لا يملك رهن المبيع إلَّا بعد صحّة البيع فلا يتوقّف عليه صحّة البيع وإلَّا لدار قوله لكنّه قدّس سرّه مع ذلك جوّز هذا الاشتراط ( 1 ) أقول لقوله في عنوان المسألة الأقرب جواز إلى آخر ما مرّ نقله ولكنّه أجاب عن أدلَّة المنع المتقدّم ذكرها حيث إنّه قال متّصلا بقوله وإلَّا لدار ما لفظه والجواب إلى أن قال والدّور ممنوع لأنّا نسلَّم أنّه لا يتوقّف صحّة البيع على الرّهن لكن لا كلام فيه بل في أنّه هل يمنع عن صحّة البيع انتهى وفهم المراد من هذا الجواب محتاج إلى التّأمّل فتأمّل قوله ره إلَّا أن يقال أخذ الرّهن على الثّمن والتّضمين عليه وعلى دركه ودرك المبيع من توابع البيع ومصالحه ( 2 ) أقول أخذ الرّهن مبتدأ وخبره من توابع البيع وأنّ التّضمين عطف على الأخذ والضّمير المجرور في عليه وفي علي دركه راجع إلى الثّمن والمراد منه أخذ الضّامن على الثّمن ليرجع إليه بالثّمن عند خروج المبيع مستحقّا لغير البائع ولعلّ الدّاعي إلى عطف دركه على الضّمير المجرور بعلى هو الإشارة إلى قسمي الثّمن أحدهما كونه كلَّيّا في الذّمّة أشار إليه بالمعطوف عليه أعني قوله والتّضمين عليه والآخر كونه عينا خارجيّة وأشار إليه بالمعطوف أعني قوله وعلى دركه كما أشار إلى كون المبيع عينا خارجيّة بقوله ودرك المبيع وعلى أيّ حال ففيه منع أصل كون أخذ الرّهن من توابع المبيع ومصالحه ولو سلَّم فهو لا يرفع غائلة الدّور النّاشي من اشتراط رهنه عند البائع على ثمنه في بيعه منه قوله بتفاوت في ترتيب المقدّمتين ( 3 ) أقول حيث إنّه قدّس سرّه عكس ترتيب العلَّامة فجعل ما هو المقدّمة الأولى في تقريره مقدّمة ثانية والمقدّمة الثّانية مقدّمة أولى وهو واضح قوله تفطن له في التّذكرة ( 4 ) أقول تفطن له في ضمن قوله المتقدّم ذكره لا يقال ما التزموه من الدّور آت هنا يعني في اشتراط بيعه من غيره وأجاب عنه في قوله لأنّا نقول بجواب عرفت فيما ذكره المصنّف بقوله نعم ينتقض إلى آخره انتقاضه بمثل اشتراطه رهنه على الثّمن وعرفت فيما ذكره المصنّف بقوله وقد اعترف بذلك في التّذكرة إلى آخره تفطَّنه لانتقاضه باشتراط رهنه على الثّمن أيضا وقد أجاب عنه بما قلنا إنّه لا بدّ من التّأمل في فهم المراد منه قوله قدّس سرّه وهو أنّ انتقال الملك ليس موقوفا على تحقّق الشّرط وإنّما المتوقّف عليه لزومه ( 5 ) أقول هذا منع للمقدّمة الأولى للدّور على تقرير جامع المقاصد والثّانية على تقرير التّذكرة وفيه أنّه مبنيّ على كون الشّرط قيدا للَّزوم لا الانعقاد وقد مرّ فساده وأنّه على خلاف القواعد اللَّفظيّة بلا قرينة عليه قوله وثالثة بعدم جريانه فيما لو شرط بيعه منه بعد أجل البيع الأوّل فإنّ ملك المشتري متخلَّل بين البيعين ( 6 ) أقول ما ذكره من الفرق بين أن يكون اشتراط بيعه منه بعد الأجل وأن يكون قبله بحصول الملك للمشتري قبل عمله بالشّرط في الأوّل وعدمه في الثّاني مبنيّ على أمور الأوّل الالتزام بأنّ العقد المشروط بشرط متزلزل فيه الخيار بنفس الاشتراط من غير حاجة فيه إلى التّخلَّف أوّلا وعدم إمكان الإجبار ثانيا الثّاني الالتزام بتوقّف الملك على انقضاء زمان الجواز والخيار الثّالث الالتزام باختصاص توقّفه على الانقضاء بالخيار المتّصل وعدم شموله للمنفصل إذ بناء على الالتزام بهذه الأمور يتمّ الفرق المذكور لاختصاص المانع من حصول الملك وهو الخيار المتّصل بالعقد بصورة اشتراط بيعه منه فيما قبل الأجل وعدم جريانه في صورة اشتراط بيعه فيما بعده لانفصال الخيار فيها عن العقد بخلاف ما إذا انتفى أحد هذه الأمور إذ حينئذ لا يكون فرق بين الصّورتين بل إمّا يحصل الملك فيهما قبل العمل بالشّرط كما فيما إذا انتفى أحد الأوّلين وإمّا لا يحصل فيهما قبله كما فيما إذا انتفى الثّالث منها وكلّ هذه الأمور كما ترى إذ لا قائل بالأوّل عدا الشّهيد قدّس سرّه في بعض تحقيقاته ولا قائل بالثّاني عدا الشّيخ والقاضي قدّس سرهما بل ادّعى في السّرائر رجوع الشّيخ ره عنه ولا قائل بالثّالث عدا الشّيخ بمقتضى إطلاق كلامه هذا مع عدم الدّليل على واحد منها فمع ذلك لا يصحّ ما ذكره من الفرق حتّى يجاب عن الدّور بما ذكره ممّا مرجعه إلى أنّ الدّليل وهو لزوم الدّور أخصّ من المدّعى وهو بطلان البيع المشروط فيه بيعه منه مطلقا لاختصاصه بما عدا البيع المشروط فيه ذلك بعد أجل البيع الأوّل لعدم لزوم الدّور فيه لأنّ العمل بالشّرط في ظرفه وهو ما بعد الأجل وإن كان موقوفا على الملك إلَّا أنّ الملك غير موقوف على العمل به لحصوله قبله بنفس العقد هذا مضافا إلى ما ذكره بقوله ومبنى الجوابين على ما ذكره العلَّامة في بطلان الفرق بلزوم الدّور في أحدهما دون الآخر حيث إنّه مع التّحفظ على ما ذكره قدّس سرّه من اعتبار معقوليّة العمل بالشّرط في نفسه ومع قطع النّظر عن البيع المشروط فيه ذاك الشّرط في صحّة الشّرط لا يخلو إمّا أن يكون الشّرط بيعه منه غير مقيّد بما بعد خروجه عن ملك البائع وإمّا أن يكون هو مقيّدا به وعلى الأوّل يلزم الدّور مطلقا بخلافه على الثّاني كذلك فلا معنى للتّفرقة بينهما أصلا فتأمل قوله ومبنى الجوابين على ما ذكره العلَّامة ( 7 ) في قوله في السّابق لا يقال لأنّا نقول من أنّ الشّرط يعتبر في صحّته إمكانه في نفسه ومع قطع النّظر عن صحّة البيع المشروط به ولا يجوز توقّف إمكانه على صحّة البيع وإلَّا يلزم الخلف وبعد تسليم ذلك لا مجال لهذين الجوابين لأنّ عدم إمكان العمل بهذا الشّرط مع قطع النّظر عن صحّة البيع لأجل كونه من بيع الشّيء من مالكه لا فرق فيه بين أن يكون الأمر المشروط به هو صحّة البيع أو لزومه وكذا بين أن يكون الشّرط بيعه منه بعد الأجل للبيع الأوّل أو قبله كما أنّ إمكانه مع قطع النّظر عن صحّته فيما لو كان الشّرط بيعه منه مقيّدا بما بعد خروجه عن ملك مالكه لا فرق فيه أيضا بين كونه شرط الصّحّة أو لزومه ولا بين ما قبل الأجل أو ما بعده وأمّا ابتناؤهما على ما ذكره العلَّامة فلأنّه قضيّة التّفصيل في الجواب الأوّل بين كونه شرط اللَّزوم وبين كونه شرط الصّحّة وقضيّة التّفصيل في الثّاني بين ما بعد الأجل وبين ما قبله بلزوم الدّور في الشّقّ الأوّل فيهما وعدمه في الثّاني إذ لولا تسليم ما ذكره بل كان يمنع