قانون الإسلام عند المزاحمة والعجب كلّ العجب والأسف كلّ الأسف أنّ المؤسّسين لهذا النّحو من الأساس الباطل والموجدين له بين المسلمين في كلّ قرن من القرون إنّما أسّسوه باسم تقوية الإسلام فلمّا أحكموه فعلوا ما فعلوا ونالوا من أموال المسلمين وأعراضهم بل دمائهم بما نالوا ولذا لم يتّفق هذه الأمور نوعا من لدن آدم ع إلى زماننا هذا إلَّا من ولاة الجور بل قد ينجرّ الأمر إلى إلغاء الدّيانة بالمرّة كما اتّفق ذلك في الدّولة العثمانيّة ولا غرو في صدور ذلك منهم لأنّ أسلافهم بنوها بإجماع أهل الحلّ والعقد فأخلافهم دفعوها بذلك وفي المثل ما يجيء بالهواء فيزول به فما ترى في أزمنة ولايتهم من وجود الحقّ بل وإحيائه وإمامة الباطل أحيانا إنّما هو من جهة فقدان شرط المقتضي أو وجود المانع من اقتضائه فلا منافاة بين هذا وبين جعل ولاية الجائر موجبا لاندراس تمام الحقّ وإحياء تمام الباطل وأمثال ذلك ممّا كان الدّليل المثبت ناظرا إلى بيان صرف المقتضي وهو فوق حدّ الإحصاء في الأدلَّة الشّرعيّة فلذلك الوجه الَّذي ذكر حرم على كلّ عامل العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم في جهة الولاية على ما مرّ في مقابل هذه الفقرة حرمة لا تزول إلَّا بجهة من الجهات المانعة عن بلوغ الحكم الإلزامي إلى مرتبة الفعليّة مثل جهة الضّرورة نظير الضّرورة إلى الدّم والميّتة وجهة الجهل والإكراه والسّهو والنّسيان إلى غير ذلك ممّا ذكره في حديث الرّفع فيرتفع الحرمة ويطرأ الإباحة حينئذ من حيث التّكليف بلا إشكال فيه فتوى ونصّا وأمّا من حيث الوضع فالظَّاهر أنّه أيضا كذلك إذ لا يرتفع الضّرورة في الكسب معهم إلَّا بالحليّة الوضعيّة كما لا يخفى على المتأمّل وأمّا تفسير التّجارات في جميع البيوع الظَّاهر أنّ المراد من البيوع أقسام البيع الاصطلاحي وأصنافه من الصّرف والسّلم والنّقد والنّسيئة وغير ذلك والشّاهد على هذا قوله قبل ذلك ثمّ التّجارة في جميع البيع والشّراء وقوله بعد ذلك أيضا وأمّا وجوه الحرام من البيع والشّراء لأنّ الظَّاهر من البيع المقترن بالشّراء معناه الاصطلاحي ويشهد لهذا أيضا قوله عليه السّلام الصّناعات في جميع صنوفها بمقتضى وحدة السّياق فتأمل فما ذكره سيّدنا الأستاد في تعليقه من أنّ المراد من البيوع مطلق المعاوضات فتشمل الصّلح والهبة المعوّضة ونحوهما اشتباه منشأه كما صرّح به قوله ع فهذا كلَّه حلال بيعه إلى قوله ع وهبته ثمّ إنّه لم يكتف بما مرّ من خلاف الظَّاهر وقال بل يظهر منه التّعميم بالنّسبة إلى غير المعاوضات أيضا ومنشأ ذلك قوله ع وعاريته والوجه في كون ذلك اشتباها أنّ المظنون لولا المقطوع أنّ غرضه عليه السّلام من قوله وأمّا تفسير التّجارات إلى آخره وكذلك الجملة المعطوفة عليها بيان وجوه الحلال من البيوع ووجوه الحرام منها بالنّسبة إلى الأشياء الَّتي يتعلَّق بها البيع والشّراء بمعنى أنّ أيّ شيء يحلّ بيعه وشراؤه وأيّ شيء يحرم كما هو واضح من ملاحظة قوله ع ممّا هو غذاء وقوله ع ممّا يأكلون وقوله ع ممّا هو منهيّ عنه من جهة أكله إلى آخره فلمّا بيّن الحلال منها الَّذي هو المقصود الأصلي بقوله فكلّ مأمور به إلى آخره وقوله وكلّ شيء يكون لهم فيه الصّلاح عقّبهما بقوله وإمساكه واستعماله وهبته وعاريته للإشارة إلى أنّ صحّة هذه المذكورات وحلَّيّتها من حيث الوضع والتّكليف مثل البيع والشّراء مبنيّة على أن يكون موردها أشياء يكون لهم فيه الصّلاح هذا نظير قولك في جواب من يسألك ويقول يجوز لي أن أعطي زيدا درهما جاز لك أن تعطيه درهما ودينارا وعباء وقباء وهكذا فهل يتوهّم متوهّم من ذكر الدّينار وما بعده عقيب الدّرهم أنّ المراد منه في السّؤال معنى عامّ له ولغيره من المذكورات في الجواب وكيف كان فقوله ووجوه الحلال عطف على التّجارات المضاف إليها التّفسير وإضافتها إلى الحلال من قبيل إضافة الموصوف إلى الصّفة والمراد منها هي الأقسام الخاصّة من مطلق البيع بلحاظ ما يتعلَّق به من الأعيان الخارجيّة من للتّبعيض صفة للحلال أو لوجوه الحلال وإضافة لفظة وجه إلى التّجارات بيانيّة والمراد من هذه مطلق التّجارات أعمّ من المحلَّلة والمحرّمة في مقابل الصّناعات والإجارات الَّتي يجوز للبائع صفة الوجوه ويجوز جعله صفة للتّجارات إلَّا أنّ الأوّل أجود منه أن يبيع مؤوّل بالمصدر فاعل يجوز والضّمير المستتر فيه راجع إلى البائع والضّمير العائد إلى الموصول وهو كلمة بها محذوف ممّا لا يجوز متعلَّق بالتّفسير باعتبار تضمّنه معنى التّمييز والمراد من الموصول وجوه الحرام وفاعل الفعل مع مفعوله محذوف بقرينة المقابلة يعني وأمّا تفسير الأقسام المحلَّلة من التّجارات الَّتي يجوز شرعا للبائع أن يوجد كلَّي البيع بهذه الأقسام والأنواع الخاصّة وتمييزها من الأقسام الخاصّة المحرّمة الَّتي لا يجوز له شرعا إيجاده بها وفي ضمنها وكذلك خبر مقدّم وذلك إشارة إلى البائع المتقدّم ذكره وبين كاف التّشبيه واسم الإشارة مضاف محذوف وهو الفعل أي البيع مثلا والمشتري بصيغة الفاعل لا بصيغة المفعول كما زعمه المولى الفاضل الممقاني قدّس سره وقال إنّ الفرق بين العنوانين بالاعتبار فإنّه كما ترى خلاف الظَّاهر جدّا مبتدأ مؤخّر قد حذف المضاف منه أيضا أعني الفعل أي الشّراء الَّذي بيان للفعل المضاف إلى المشتري لأنّ المراد من الموصول هو وجه الحلال من الشّراء كما أنّ المراد من قوله الَّتي يجوز للبائع أن يبيع هي وجوه الحلال من التّجارة والبيع يجوز له أي المشتري شراؤه فاعل يجوز والضّمير راجع إلى المشتري وإضافة الشّراء إليه من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله ويمكن أن يرجع إلى المبيع المستفاد من سياق الكلام فيكون الإضافة حينئذ من إضافة المصدر إلى المفعول ولكن الأوّل أظهر والضّمير العائد إلى الموصول في الصّلة كسابقه محذوف أيضا أعني به ممّا لا يجوز متعلَّق بوجه الشّبه المحذوف أعني قوله في تفسيره والقرينة على المحذوف قوله وأمّا تفسير التّجارات وجملة المبتدأ والخبر مع جميع ما يتعلَّق به معترضة بين الشّرط والجزاء مع الواو الاستئنافيّة مثل قوله تعالى في سورة البقرة * ( وَلَنْ تَفْعَلُوا ) * المعترض بين * ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ) * وبين * ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ) * وقد تجيء المعترضة بدون الواو وقد اجتمع كلا القسمين في قوله تعالى * ( وَإِنَّه ُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) * حيث إنّه معترض بين * ( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ) *