إذ لا سبيل إلى الرّدّ والاسترداد إلَّا بفسخ العقد ولذا يجعلون أدلَّة الخيار مخصّصة لأدلَّة اللَّزوم ولا وجه لذلك إلَّا أنّ الخيار لا يجتمع مع لزوم العقد ولازم ذلك إرادة ملك فسخ العقد من الخيار فكان الأولى تبديل ذلك إلى قوله إلَّا التّسلَّط على فسخ العقد مع التّمكن من الرّدّ والاسترداد وليس فيها التّعرّض والدّلالة على جواز الفسخ مع التّلف أيضا وإرادة ملك الفسخ من الخيار في الأخبار ومعقد الإجماع لا يقتضي ثبوته مع التّلف أيضا لاحتمال كونه مقدّمة صرفة للرّدّ والاسترداد الموجب لأن يختصّ بصورة البقاء إلَّا أن يكون لدليله عموم يعم صورة التّلف وليس أمّا في الإجماع فواضح وأمّا في الأخبار فلأجل إهمالها من هذه الجهة وكيف كان فالتّحقيق كما ذكره هو عدم ثبوت الخيار مع التّلف إلَّا إذا دلّ الدّليل على الثّبوت كما إذا كان دليل الخيار حديث نفي الضّرر وتفصيل هذا الإجمال أنّه إن قلنا بأنّ هناك عموما يدلّ على اللَّزوم لولا قيام الدّليل الخاصّ على ثبوت الخيار في الجملة وأنّ المرجع بعد ورود التّخصيص في مورد الشّكّ هو العامّ لا استصحاب حكم الخاصّ كما هو الحقّ على ما مرّ في مبحث خيار الغبن أو قلنا بأنّه لم يكن هناك عامّ كذلك وأنّ مدرك اللَّزوم في العقود ومنه البيع هو استصحاب الأثر الحاصل بالعقد بعد فسخه كما هو الحقّ على ما مرّ تفصيل الكلام فيه في أوّل الخيارات عند التّكلَّم في دلالة * ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * على اللَّزوم وعدمها وقلنا بعدم جريان استصحاب الخيار الثّابت حال وجود العين بعد تلفها لشبهة الشّكّ في الموضوع فمقتضى الأصل الجاري في المقام في مورد الشّك وهو صورة التّلف هو اللَّزوم لأنّ المرجع إمّا أصالة العموم كما في الشّقّ الأوّل وإمّا استصحاب بقاء الأثر بعد الفسخ بعد التّلف كما في الشّق الثّاني إذ المفروض عدم جريان استصحاب الخيار الحاكم عليه للشّكّ في الموضوع لو قلنا بعدم عموم يدلّ على اللَّزوم ولحكومة العموم عليه على تقدير جريانه لأنّه المرجع عند الشّكّ لا الاستصحاب فيكون الأصل على طبق الاحتمال الثّاني من تعلَّقه بالعقد مشروطا ببقاء العين وأمّا لو قلنا بجريان استصحاب الخيار نظرا إلى أنّ بقاء العين في نظر العرف المحكم في تشخيص الموضوع في باب الاستصحاب إنّما هو من حالات الموضوع لا من قيوده ولذا تراهم يحكمون بالبقاء إذا ثبت الخيار بعد التّلف كما قبله والارتفاع فيما إذا ثبت عدمه فلو كان من قبيل القيد فيه لما صحّ التّعبير بالبقاء والارتفاع لكان مقتضاه جواز العقد سواء قلنا بعدم عموم يدلّ على اللَّزوم أو قلنا بأنّ المرجع في مورد الشّكّ استصحاب حكم المخصّص دون العامّ ولو كان فحينئذ يكون الأصل في المسألة على طبق الاحتمال الأوّل من تعلَّقه بالعقد مطلقا وحيث إنّ المختار عندنا انتفاء ما يدلّ بعمومه أو إطلاقه على اللَّزوم وإنّ الظَّاهر بعد مراجعة العرف كون البقاء من الحالات لا القيود كان الأصل الجاري في المقام استصحاب الخيار الَّذي مرّ أنّ مقتضاه على طبق الاحتمال الأوّل إلَّا أن يقال بأنّه لا مجال لهذا الاستصحاب لأنّ الشّكّ في البقاء وعدمه سبب عن الشّكّ في أنّ متعلَّق الخيار هو العقد فيبقى أو العين فلا والأصل عدم تعلَّقه بالعقد فلا يبقى ولا يعارضه أصالة عدم تعلَّقه بالعين لأنّه مثبت لأنّ موضوع أثر البقاء هو تعلَّقه بالعقد وهو لازم عقلي لأصالة عدم تعلَّقه بالعين وهذا بخلاف أثر عدم البقاء إذ يكفي فيه عدم تعلَّقه بالعقد هذا بحسب الأصل وأمّا بحسب الدّليل الاجتهادي فاعلم أنّ الخيارات بلحاظ الدّليل على قسمين إذ منها ما ليس له دليل إلَّا العمومات كخيار الشّرط حيث إنّه لا دليل عليه إلَّا عموم المؤمنون عند شروطهم وكخيار الشّركة وخيار التّدليس ونحوهما ممّا لا دليل عليه إلَّا حديث نفي الضّرر وأمّا خيار الشّرط فالمرجع فيه من حيث الإطلاق والتّقييد هو كلام المشترط للخيار إن كان هناك ما يدلّ على أحدهما ولو بملاحظة ما يحتفّ به من القرائن وإلَّا فالأصل الَّذي مرّ الكلام فيه هو المرجع وأمّا الخيار الثّابت بحديث نفي الضّرر بناء على تكفّله لمثل ذلك فلا ينبغي الإشكال في تعلَّقه بالعقد مطلقا إذ لا فرق في صدق الضّرر بين صورتي بقاء العين وعدمه وأمّا ما دلّ عليه الدّليل الخاصّ فهو أيضا على قسمين إذ منه ما دلّ دليله على اشتراط بقاء العين فيه بل عدم تغيّرها وذلك كخيار العيب إذ المستفاد من قوله ع في مرسلة جميل إن كان قائما بعينه فلا ردّ بملاحظة قوله ع في مقابله وإن كان قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان الثّمن أنّ الخيار يزول بمجرّد حدوث التّغير فضلا عن التّلف ومنه ما ليس في دليله إلَّا الحكم بالخيار من دون تقييده بوجود العين وذلك مثل خيار المجلس والحيوان والتّأخير وما يفسد من يومه والرّؤية وقد يقال إنّ متعلَّق الخيار فيها هو العقد مطلقا فيبقى مع تلف العين أيضا ويستدلّ على ذلك بإطلاق أدلَّتها من هذه الجهة وفيه أنّه يتمّ لو تمّت مقدّمات الحكمة الَّتي عمدتها إحراز كون المتكلَّم فيها في مقام البيان من هذه الجهة أيضا ولو بالأصل عند العقلاء في المحاورات عند الشّكّ فيه إمّا مطلقا كما نفى عنه البعد شيخنا الأستاد قدّس سرّه في مبحث المطلق والمقيّد من الكفاية تبعا للمصنّف قدّس سرّه أو في خصوص ما إذا قطع بكونه في مقام البيان من غير تلك الجهة المشكوكة كما اختاره بعض الأواخر ولكن يمكن منع تماميّتها لمنع إحراز كونه في ذاك المقام أمّا بطريق القطع فواضح وأمّا بطريق الأصل العقلائي فلأنّ التّصديق بتحقّقه عندهم كما بيّنّاه في تعليقتنا له على الكفاية في غاية الإشكال فيما إذا كان كون المتكلَّم في مقام البيان دون الإهمال ناشئا من قصور المقتضي بالقياس إلى البيان الزّائد كما هو الظَّاهر لا لاحتمال وجود ما يمنع عن تأثيره المقتضي لبيان تمام المراد فيه كاحتمال التّقيّة والسّهو والنّسيان وأمثال ذلك والاستناد في ذلك إلى دعوى الغلبة مجازفة صرفة مع أنّها توجب الفرق في التّمسّك بين صورة إحراز الغلبة فيجوز وما قبله فلا يجوز ولعلّ المدّعي غير ملتزم