لا بدّ إمّا من كون الضّمان فيه بغير معنى الانفساخ وإمّا من كونه فيه أيضا بمعنى الانفساخ وهو لا يرضى بواحد منهما هذا ولكن قد مرّ أنّه لا دليل على كون الضّمان بمعنى الانفساخ إلَّا أصالة العموم فيما دلّ على عدم ضمان شخص لما يتلف في ملك غيره وقد قرّر في محلَّه أنّه لا حجيّة لها في مثل المقام هذا مع أنّه يمكن الالتزام بالانفساخ في تلف وصف الصّحّة قبل القبض أو زمن الخيار آنا مّا قبل التّلف وهذا لا يرد عليه أنّه لم يقل به أحد لأنّه الانفساخ من الأصل لا قبل آن التّلف وحينئذ لا بأس بالقول بضمان تلف وصف الصّحّة بمعنى ضمان تلف الموصوف بناء على شمول الحدث في الأخبار لتلف وصف الصّحة على إشكال فيه تقدّم في رابع مسقطات خيار العيب من حيث الرّدّ قوله وأمّا إذا كان بإتلاف ذي الخيار إلى آخره ( 1 ) أقول يعني وأمّا إذا كان تلف المنقول عن شخص بالمعاملة بالبيع بإتلاف ذي الخيار المنقول إليه كما لو باع زيد من عمرو عبدا بدينار وأتلف المبيع عمرو في مدّة الثّلاثة الَّتي له خيار الحيوان فيها سقط به خياره ولزم العقد من جهته وإن كان التّلف فيه بإتلاف غير ذي الخيار وهو البائع في المثال لاختصاص خيار الحيوان بالمشتري كما هو المشهور لم يبطل به خيار صاحبه وهو المشتري فيتخيّر بين إمضاء العقد وفسخه فإن أمضاه يرجع إلى البائع بقيمة العبد الَّذي أتلفه وإن فسخه يرجع إليه بالثّمن ويأخذه منه لو أقبضه وإن كان تلف العبد في المثال بإتلاف الأجنبيّ تخيّر المشتري بين إمضاء العقد وفسخه فعلى الأوّل يرجع المشتري إلى الأجنبيّ المتلف بقيمة العبد ويأخذها منه لقاعدة الإتلاف وعلى الثّاني وهو الفسخ يرجع إلى البائع بالثّمن ويأخذه منه وأمّا البائع فيرجع بقيمة العبد في الجملة بلا إشكال فيه وإنّما الإشكال فيمن يرجع البائع بها إليه هل هو المتلف الأجنبيّ أو صاحبه أي المشتري أو هما على التّخيير بينهما وجوه أمّا الأوّل فلوجهين أحدهما أنّ البدل القائم مقام العين في جميع الجهات الَّتي منها دخوله في ملك ناقل العين بعد الفسخ مثل العين لو كانت موجودة إنّما هو في ذمّة الأجنبيّ المتلف وهي محلَّه وظرفه فيستردّ ذاك البدل من المتلف ويأخذه منه بسبب الفسخ وثانيهما أنّ الفسخ موجب لاعتبار كون العين ملكا للنّاقل عند تلفها بناء على اعتبار قيمة يوم التّلف أو عند الفسخ بناء على اعتبار قيمة يوم الفسخ وعلى كلا التّقديرين في وقت اعتبار كون العين التّالفة ملكا لناقلها فهي أي العين التّالفة في ضمان المتلف وعهدته فيرجع النّاقل وهو البائع إلى المتلف ويطالبها كما يرجع إليه بعد الفسخ لو كانت العين في يد ذاك المتلف الأجنبيّ ولم يتلفها والفرق بين الوجهين أنّ الَّذي في عهدة المتلف هو البدل من أوّل الأمر على الأوّل بخلافه على الثّاني فإنّه نفس العين وإنّما ينتقل إلى البدل وقت الدّفع وأمّا الثّاني وهو الرّجوع إلى صاحبه المشتري فلأنّه إذا دخل الثّمن لأجل فسخ العقد في ملك المشتري الَّذي تلف المثمن في ملكه خرج عن ملكه بدل الثّمن ويدخل في ملك ناقله وهو البائع لأنّه قضيّة فسخ المعاوضة وصار في ذمّته لا في ذمّة المتلف وذلك أي صيرورته في ذمّته لا في ذمّة المتلف لأنّ ضمان المال المتلف بصيغة المفعول أي بدله إنّما محلَّه الذّمّة لا الأمور الخارجيّة أي الأعيان الموجودة في الخارج فيدور الأمر في هذه الذّمّة الَّتي هي محلّ الضّمان وظرف البدل بين كونها ذمّة من تلف المبيع في ملكه وهو المشتري أو ذمّة الأجنبيّ المتلف ولا سبيل إلى الثّاني لأنّ ما في ذمّة الأجنبيّ إنّما تشخّص عند الإتلاف مالا للمالك الَّذي تلف المبيع في ملكه وهو المشتري وصار ملكا له ومع تشخّصه بذلك لا يمكن تشخّصه بكونه مالا للنّاقل وهو البائع لاستحالة اجتماع مالكين على مملوك واحد بالاستقلال فإن قلت إنّما يلزم ذلك لو اجتمعا في زمان وليس كذلك في المقام لأنّه إنّما يتشخّص بكونه ملكا للنّاقل بعد زوال تشخّصه بكونه ملكا للمنقول إليه وذلك لأنّ التّشخّص لكلّ واحد منهما إنّما يجيء من قبل تشخّص المبدل به وهو عين المبيع وهو قبل الفسخ متشخّص بكونه للمنقول إليه فيكون بدله أيضا كذلك وبعد الفسخ يزول هذا التّشخّص ويتشخّص بكونه للنّاقل فيكون بدله أيضا كذلك فعلى هذا يكون البدل محلَّه ذمّة المتلف فيرجع إليه قلت نعم الأمر كما ذكرت لو كان المراد من كونه بدلا عن العين ومنزّلا منزلته هو كونه كذلك في جميع الأحكام ولكنّه ليس كذلك وإنّما هو بدل عنها بالنّسبة إلى خصوص حكم نشأ من تلف العين وهو وجوب الدّفع إلى مالك العين كما يجب دفع العين عند الوجود لا أنّه بدل خارجيّ عنها يترتّب عليه جميع أحكام العين حتّى بالنّسبة إلى حكم آخر لا مدخليّة فيه للتّلف أعني كونه لناقل العين بالفسخ كما يكون العين له به لو وجدت فهذا البدل نظير بدل العين وثمنه لو باعها المشتري ففسخ البائع فإنّه أي بدل العين في البيع الثّاني لا يتعيّن للدّفع إلى البائع الفاسخ للبيع الأوّل وأمّا الفسخ فهو وإن كان لا ريب في أنّه موجب لاعتبار كون العين ملكا للنّاقل على ما مرّ في ثاني وجهي الوجه الأوّل لكن موصوفا باشتغال ذمّة متلفها ببدلها و تلفها بهذا الوصف يكون على المالك المنقول إليه لا على المتلف وإلَّا يلزم اشتغال ذمّة شخص واحد ببدلين لمال واحد بشخصين وأمّا الثّالث وهو التّخيير فلما ذكره في المتن من كون يد الفاسخ وهو المشتري يد ضمان بالعوض المسمّى قبل الفسخ وبالقيمة بعده وإتلاف الأجنبيّ أيضا سبب للضّمان فيتخيّر في الرّجوع إليهما وهو أضعف الوجوه وذلك لبطلان الطَّرف الثّاني للتّخيير لأنّه لا يكون طرفا له إلَّا أن يكون إتلافه له سببا لضمانه للنّاقل المفسوخ عليه وقد مرّ في ذيل منشإ الوجه الثّاني بيان فساد ما يستند إليه من كون البدل قائما مقام العين ومن أنّ الفسخ موجب لاعتبار كون العين ملكا للنّاقل المفسوخ عليه أمّا بيان فساد الأوّل فبقوله وكونه بدلا عن العين إلى آخره وأمّا بيان فساد الثّاني فبقوله وأمّا الفسخ إلى آخره وبهذا يظهر فساد الوجه الأوّل وهو الرّجوع إلى المتلف بفساد ما استند إليه من