هذين العنوانين على الأجير فتحرم وعدمه فتحلّ فالتّعليل بذلك للإشارة إلى انتفاء مناط الحرمة حتّى في الثّلاثة المذكورة لأنّهم وكلاء الأجير وعملته بمعنى أنّهم قد فوّض إليهم الأجير أمر مورد الإجارة من عند نفس الأجير وبما هو هو لا من عند الوالي الجائر وبما هو ( أي الأجير ) منصوب من قبله كما هو المفروض إذ قضيّة جعل قوله فلا بأس إلى آخره تفريعا على سابقه أنّ الأجير لا ينطبق عليه عنوان وكالة الوالي ولا عنوان الولاية من قبله فيكونون من عمّال الأجير لا من ولاة الوالي فيكون عملهم حلالا وبالجملة إنّ حرمة عملهم بعد أن لم يكن في جهة راجعة إلى ولاية ولاة الجور إنّما هي متوقّفة على كونهم من جملة ولاة الوالي وهو مبنيّ على كون الأجير على النّحو المذكور والمفروض بمقتضى التّفريع أنّه ليس كذلك فكذلك هؤلاء الثّلاثة أيضا ليسوا منهم ولعمري إنّ هذا ممّا ينبغي تصديقه والإذعان به بعد أدنى تأمّل وإنصاف ثمّ إنّه عليه الصّلاة والسّلام قد أتى لتوضيح ما ذكره بالمثال وقال نظير الحمّال الَّذي يحمل شيئا يجوز له حمله كما يدلّ عليه كلامه في السّابق واللَّاحق وإنّما ترك التّقيد به لوضوحه لا مجّانا بل بشيء معلوم فيجعل الحمّال هذا الشّيء الَّذي يجوز له حمله إلى مكان آخر معيّن وينقله إليه إمّا بنفسه أو بملكه أيّ شيء كان سفينة أو دابّته أو غير ذلك من أملاكه أو يواجر نفسه عطف على يجعل والفرق بينه وبين المعطوف عليه بوقوع العقد هنا وعدمه هناك في عمل متعلَّق بيؤاجر يعني به العمل الحلال بقرينة ما قبله وما بعده من دون فرق بين أن يعمل ذلك العمل الحلال ويوجده بنفسه أو يعمله بمملوكه كالعبد والدّابّة أو قرابته يعني به من له ولاية عليه من جهة القرابة كالأولاد الصّغار أو يعمله بأجير من قبله أي من قبل المؤجر لا من قبل الغير فهذه الوجوه المذكورة وجوه من وجوه الإجارات وطرق من صفتها أنّها حلال لكلّ مستأجر ممّن كان من آحاد النّاس سواء كان ذاك المستأجر ملكا وسلطانا أو سوقة أي غير ملك قال السّيّد الشّريف في حاشية شرح الرّضي في مبحث إذا من الظَّروف السّوقة خلاف الملك يستوي فيه الواحد والجمع المذكَّر والمؤنّث قالت بنت النّعمان بن المنذر < شعر > فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف أو كافرا أو مؤمنا < / شعر > والوجه في ذكر هذه هو الفقرة مع معلومية حلَّية هذه الوجوه ممّا سبق أنّ الفرض من هذه الفقرة بيان حليّة الإجارة بالإضافة إلى المستأجر وهو غير معلوم ممّا سبق حيث إنّه مسوق لبيان حليّتها من حيث المورد كما أنّ الغرض من قوله فحلال إجارته وحلال كسبه من هذه الوجوه بيان الحليّة الوضعيّة وانتقال العوض في مقابل العمل مضافا إلى الحليّة التّكليفيّة ولذا عطف حليّة الكسب على حليّة الإجارة والتّعرض هنا للحليّة التّكليفيّة مع العلم بها ممّا سبق لأجل التّوطئة لبيان الحكم الوضعي هذا كلَّه بيان وجوه الحلال وأمّا وجوه الحرام عطف على إجارة الإنسان والوجوه مبتدأ خبره نظير أن يوجر الإنسان نفسه على حمل ما يحرم عليه إمّا من جهة أكله أو شربه أو لبسه كلباس الحرير والذّهب فيما إذا كان غرضه من حمله توصّل المستأجر إلى تلك الجهة المحرّمة لما عرفت في وجوه التّجارات أو يواجر نفسه في صنعة ذاك الشّيء المحرّم أو يواجرها في حفظه أو في لبسه على الغير كأن يكون أجيرا على أن يلبس الغير لباسه الحرير أو الذّهب هذا الشّرح والتّفسير بناء على وجود أو لبسه في ما صدر من الإمام وإلَّا بناء على عدمه فيه كما فيما رأيته من نسخ المكاسب فالأمر سهل أو يواجر نفسه في هدم المساجد ضرارا لها لا مقدّمة لتعميرها أو في قتل النّفس بغير حلّ بخلاف قتله بحلّ كالقصاص فإنّه لا بأس به أو يواجر نفسه في حمل التّصاوير الَّتي لا يجوز تصويرها كتصاوير الرّوحاني على ما يأتي في الصّناعات ويحتمل أن يكون عطف الأصنام عليها للتّفسير بناء على اختصاصها بما يكون مصوّرا من حجر أو صفر أو غير ذلك والمزامير والبرابط والخمر والخنازير والميّتة والدّم ولكن فيما إذا كان حمل المذكورات بقصد الجهة المحرّمة المطلوبة منها وفي نسخ المكاسب وعمل بدل وحمل وهو غلط ضرورة عدم إمكانه بالنّسبة إلى الخنازير وما بعده أو يواجر نفسه شيء من وجوه الفساد الَّذي كان محرّما عليه من غير جهة الإجارة فيه وكلّ أمر منهيّ عنه من جهة من الجهات قال سيّدنا الأستاد إنّ هذا إمّا مرفوع عطفا على النّظير أو مجرور عطفا على ما أضيف إليه النّظير وكلاهما فاسد إذ عليه يكون المعنى أنّ وجوه الحرام كلّ منهيّ عنه أو نظيره وهو كما ترى والظَّاهر أنّ الواو للاستيناف وكلّ أمر مبتدإ وهو من جهة تضمّنه لمعنى الشّرط من جهة إضافته إلى نكرة موصوفة أتي بالفاء الجزائيّة في خبره وهو قوله ع فمحرّم على الإنسان والوجه في إتيان هذه الجملة الاستئنافيّة هنا إنّما هو إفادة ما لم يستفد من الفقرات السّابقة من تعميم الحرمة لجميع أنحاء الإجارة المتعلَّقة بالمنهيّ عنه سواء كان إجارة الإنسان نفسه فيه أي في خصوص إتيان المنهيّ عنه وعمله أو إجارته له أي لغرض حصول المنهيّ عنه وذلك المعنى لأنّ الظَّاهر أنّ اللَّام الجارّة للغاية والضّمير المجرور بها الرّاجع إلى المنهيّ عنه علَّة غائية لمتعلَّقها وهو الإجارة وحينئذ لا بدّ أن يكون مورد الإجارة شيئا يكون حصول المنهيّ عنه غاية له فيكون المعنى أو إجارته في فعل غير منهيّ عنه لغرض أن يترتّب عليه المنهيّ عنه وعلى هذا يكون الفرق بينه وبين قوله فيه أنّ مورد الإجارة هنا مقدّمة الحرام وفي المعطوف عليه نفس الحرام عكس ما ذكره السّيّد الأستاد أو إجارته في شيء هو بعض وجزء منه أي المنهيّ عنه أو له أي لتحصيل شيء هو جزء من المنهيّ عنه وممّا ذكرنا يعلم أنّ الضّمير المجرور باللَّام راجع إلى الشّيء الموصوف بقوله منه ويحتمل رجوعه إلى المنهيّ عنه بالتزام حذف الشّيء وكلمة من بين اللَّام والضّمير المجرور وكيف كان فالفرق بين التّعبيرين هنا هو الفرق بينهما في السّابق على هذه العبارة وما ذكر من أنحاء الإجارة لا يحلّ إلَّا إذا كانت لمنفعة من استأجره أي المستأجر هذا الَّذي كتبتها وإن كان مخالفا لما رأيته من نسخة التّحف والبحار والمكاسب فإنّ المؤجور فيها استأجرته بصيغة الخطاب إلَّا أنّ الظَّاهر غلطيّته وما كتبناه هو الصّحيح إذ لا وجه للعدول عن الغيبة إلى