عاريته على إشكال في الأخير لأنّ النّهي عن الملك مساوق لعدم القابليّة له ولا يتفاوت الحال فيه بين حال الاختيار وحال الاضطرار وبالجملة الحرمة بالنّسبة إلى ملك ما ذكره من الأمور مع فرض ذكر الشّراء قبل المراد منه التّملَّك بعوض كما أنّ المراد من البيع هو التّمليك بعوض لا بدّ وأن يكون وضعيّة صرفة ولا فرق فيها بين الاختيار والاضطرار ولا يلزم من ذلك استعمال لفظ الحرمة في أكثر من معنى واحد لأنّ الاختلاف من حيث الوضع والتّكليف راجع إلى ما هو السّبب للحرمة فلا يوجب تعدّد معنى الحرمة وهو المنع فقد يجتمع فيها الجهتان كما في بيع الرّبا وقد يختصّ بجهة الوضع كما في حرمة الملك وقد يختصّ بجهة التّكليف وهي قبح الفعل ومبغوضيّته ومثاله كثير وكيف كان فإذا عرفت شرح الحديث إلى هنا وعلمت أنّ الضّابطة الثّانية في جواز بيع شيء هو وجود وجه من وجوه الصّلاح فيه وفي عدم جوازه وجود وجه من وجوه الفساد فاعلم أنّه قد يستشكل على الحديث بأمرين أحدهما عدم اطَّراد الضّابطتين لمكان ثبوت الواسطة بين وجود الصّلاح ووجود الفساد وهي صورة خلوّ الشّيء عنهما معا فيكون الحديث ساكتا عن بيان حكم ذلك والحال أنّه ع في مقام تميّز كلّ ما يجوز ممّا لا يجوز بل بناء على اعتبار المفهوم فيما ذكر من الضّابطتين يقع التّعارض بينهما في تلك الصّورة نظرا إلى أنّ قضيّة الضّابطة الأولى عدم جواز البيع لانتفاء ملاكه وهو الصّلاح وقضيّة الثّانية جوازه لانتفاء ما يمنع عنه وهو الفساد وقد أجيب عن ذلك بما حاصله أنّ هذا مبنيّ على كون الفساد مثل الصّلاح أمرا وجوديّا وكان لهما ثالث وهو ممنوع لأنّ التّحقيق أنّهما من قبيل العدم والملكة وأنّ الصّلاح عبارة عن الاعتدال والاستقامة والفساد عبارة عن عدم الاعتدال فيما من شأنه الاعتدال قال في المصباح صلح الشّيء صلوحا من باب قعد وصلاحا أيضا خلاف فسد وصلح يصلح بفتحتين لغة ثالثة وقال في موضع آخر واعلم أنّ الفساد إلى الحيوان أسرع منه إلى النّبات وإلى النّبات أسرع منه إلى الجماد انتهى وعلى هذا لا يكون بينهما واسطة انتهى الجواب بحاصله وفيه ما لا يخفى لأنّ لكلّ واحد من الصّلاح والفساد لحاظين أحدهما لحاظهما بالنّسبة إلى نفس الشّيء من حيث هو فيقال صلح الشّيء أي اعتدل وإلى هذا ينظر ما سمعته من المصباح والفساد على هذا عبارة عن عدم الاعتدال وثانيهما لحاظهما بالنّسبة إلى فعل المكلَّف المتعلَّق به فصلاح الشّيء بهذا اللَّحاظ كونه ذا منفعة عائدة إلى المكلَّف وفساده كونه ذا مضرّة واصلة إليه وما يكون من قبيل العدم والملكة هما باللحاظ الأوّل وأمّا باللَّحاظ الثّاني فهما أمران وجوديّان يتحقّق بينهما الواسطة ويشهد لذلك ما عليه العدليّة من ابتناء الأحكام الشّرعيّة على المصالح والمفاسد في متعلَّقاتها وأنّ مورد الإباحة ليس فيه مصلحة ولا مفسدة إذ لو كانا من العدم والملكة مطلقا لما تحقّقت الإباحة ولزم كون الأحكام أربعة فتأمّل إذا تبيّن ذلك فنقول إنّ الصّلاح والفساد إنّما أخذا في الحديث باللَّحاظ الثّاني الَّذي اعتبر فيه تضمّن المنفعة والمضرّة كما يؤمي إليه قوله قبل ذلك فكلّ مأمور به ممّا هو غذاء للعباد وقوله بعد ذلك منها منافعهم وقوله بتصريفه إلى جهات المفاسد والمضارّ وقوله لما فيه الرّجحان في منافع جهات صلاحهم وقوامهم وقوله ع في الفقه الرّضوي الموافق لهذا الحديث من حيث المدلول فحرام ضارّ للجسم إلى غير ذلك وعلى هذا يتحقّق واسطة في البين لم يعلم حكمها من الرّواية ولو لأجل التّعارض فيرجع فيها إلى الأصل المقتضي للإباحة من حيث التّكليف والفساد من حيث الوضع فالأولى أن يجاب عنه بأنّ الإشكال مبنيّ على كون المدار في الحرمة على وجود وجه من وجوه الفساد وهو ممكن المنع بملاحظة إمكان كون ما ذكره ضابطا للتّحريم بمنزلة المفهوم لما ذكره ضابطا للحلّ فكأنّه ع قال أمّا وجوه الحرام فهو كلَّما لم يكن فيه الصّلاح وهو وإن كان على قسمين أحدهما ما يكون فيه الفساد والآخر ما لم يكن فيه ذلك أيضا الَّذي هو محلّ البحث فعلا إلَّا أنّه لم يتعرّض إلَّا لبيان حرمة القسم الأوّل خاصّة مع حرمة الثّاني أيضا لكونه من جملة أفراد مفهوم الضّابط الأوّل بملاحظة أنّ الغرض المهمّ من البيان هو إحداث الدّاعي إلى ترك المعاملة على ذلك والمحتاج إلى هذا هو القسم الأوّل وأمّا القسم الثّاني فيكفي في الدّاعي إلى التّرك مجرّد عدم الصّلاح فيه وعلى ما ذكرنا لا مفهوم للضّابط الثّاني كي يقع التّعارض بينه وبين مفهوم الأوّل ويرجع إلى الأصل بعد التّساقط ووقوع التّعارض بين الضّابطتين فيما اشتمل على جهتي الصّلاح والفساد وبعد التّساقط يبقى حكم هذه الصّورة غير معلوم من الرّواية والجواب أنّ المدار في جواز البيع فيها وعدمه على قصد جهة الفساد فلا يجوز وعدمه فيجوز ويدلّ على ذلك ما ذكره ع في ما يأتي في تفسير الصّناعات من كون مجرّد وجود عنوان الصّلاح علَّة لحليّة تعليمها وتعلَّمها والعمل بها إذ الظَّاهر عدم الفرق بين الصّناعة والتّجارة من تلك الجهة هذا ما يرجع إلى تفسير التّجارات وأمّا تفسير الإجارات فاعلم أنّ أمّا شرطيّة فإجارة الإنسان من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل مبتدأ ونفسه مفعول الإجارة وكلّ من قوله أو ما يملك أي ما يملكه عينا أو منفعة فيشمل الأجير وقوله أو ما يلي أمره عطف على المفعول ومن قرابته بيان لما يلي أمره والمراد منه كلّ من كان للإنسان ولاية شرعيّة عليه من جهة القرابة فلا يعمّ لغير الولد وولده وإن نزلوا كما أنّ ودابّته وثوبه بيان لما يملك بطور النّشر المشوّش بوجه الحلال بالباء الجارّة كما ( ما رأيته من نسخة البحار ) في نسخة تحف العقول وبعض نسخ المكاسب ومن جهات الإجارات وأقسامها قيد للمبتداء وأن يوجر يعني للغير مطلقا أيّ شخص كان ذاك الغير خبر له وأمّا بناء على كونه بالفاء بدل الباء فهو مبتدأ وأن يوجر خبره والجملة خبر الإجارة والأوّل أظهر وقوله نفسه بالنّصب وما عطفه عليه مثالا لما يملك تارة بنحو الخصوص أعني قوله أو داره أو أرضه وأخرى بنحو العموم أعني قوله أو شيئا يملكه مفعول به لقوله أن يوجر كما أنّ فيما ينتفع به مفعول