أشار إليه سابقا بقوله فهذا كلَّه وقوله لأنّ هذا كلَّه في ذلك الوجه نهي عنه بهذا الوجه وإن كان تقلَّبه وتصرّفه بغير البيع والشّراء والإمساك والملك والاستعمال والهبة والعارية من أنحاء التّقلَّبات والتّصرّفات كالإجارة والجعالة وغيرهما ومن تقييد التّقلَّب بقوله في ذلك يعلم أنّ حرمة بيع الشيء المذكور في صدر العنوان إنّما يعتبر فيها القصد إلى ترتيب الوجه المنهيّ عنه وكونها لأجل ذلك فتأمل ويعلم أيضا اندفاع توهّم دلالة الحديث على حرمة إمساك النّجاسات لأجل التّسميد كما في العذرة أو لأجل إيكال جوارح الطَّير كما في الميّتة إلى غير ذلك لابتنائها على كون إضافة التّقلَّب إلى الضّمير من إضافة المصدر إلى الفاعل وكون ذلك إشارة إلى المنهيّ عنه وهو خلاف الظَّاهر ولا أقلّ من عدم ظهوره في ذلك فيرجع إلى أصالة البراءة والإباحة ويظهر أيضا عدم دلالته على عدم جواز الانتفاع بها في غير ما نهي عنه وعدم دلالته على عدم دخولها في الملك كي يخصّص به ما دلّ على الملك بمثل الحيازة ويكون حاكما على الأصل المقتضي لجواز الانتفاع بها ولمّا لم يكن المحرّمات منحصرة فيما ذكر ممّا كان المنهيّ عنه وما كان فيه الفساد نفس الشّيء بعنوانه الأولي الذّاتي إذ قد يكون الشّيء حراما من جهة انطباق عنوان آخر محرّم عليه كعنوان اللَّهو والتّقرّب لغير الله تعالى وتقوية الكفر والشّرك وتقوية الضّلالة والباطل وتوهين الحقّ بحيث لو قطع النّظر عن طروّ ذلك العنوان وانطباقه عليه لم يكن حراما عطف عليه لإفادة التّعميم قوله وكذلك كلّ مبيع ملهوّ به ومعدّ للهو بحيث لا ينتفع به غيره كالنّرد والشّطرنج والمزمار والقصب والعود والبربط والطَّنبور وقيل هو الطَّبل وفسّر بالبربط وغيره والمناسب للقول المعروف وزاد في الطَّنبور نغمة أخرى كونه ممّا يتغنّى به والدّف مطلقا ولو لم يكن له صنج والمعازف والأربعة عشر والسّدء والعرطبة وغير ذلك ممّا يأتي بعضه مع تفسيره وتفسير ما ذكرناه من أقسام الآلات المتّخذة للَّهو في باب حرمة اللَّهو إن شاء الله ومن هذا كلَّما كان ملهوّا به في هذه الأزمنة كالفنقراف والقراموف والپيانو وغير ذلك من آلات اللَّهو المستحدثة ولعلّ الظَّاهر أن الرّاديو منها أمّا ما لم يكن معدّا لذلك فهو خارج عن هذا العنوان وكذلك وكلّ مبيع منهيّ عنه لا بعنوان ذاته كما في المعطوف عليه بل بعنوان أنّه ممّا يتقرّب به لغير الله كالصّنم وقد يمثّل لذلك بالصّليب وفيه منع يأتي وجهه في محلَّه إن شاء الله أو ممّا يقوّى به خصوص معصية الكفر بجميع أقسامه وأعظمها الشّرك من بين جميع وجوه المعاصي وعناوينها وأقسامها والظَّاهر أنّ من هنا للتّبعيض في موضع الصّفة للكفر والشّرك لا لبيان الموصول المطوي في الكلام وذلك لأنّ جميع وجوه المعاصي ليس ممّا يصدق عليه تقوية الكفر والشّرك كما لا يخفى على من لاحظ العرف وإنّما هو مختصّ ببعضها مثل بيع السّلاح لأعداء الدّين حال قيام الحرب ونحوه ممّا يتقوّى به العدوّ على عساكر الإسلام حتّى الأرزاق والألبسة والخيل والبغال والسّفن ونحوها يعني وكذلك كلّ منهيّ عنه ممّا يقوى به خصوص معصية الكفر ومعصية الشّرك من بين جميع عناوين المعاصي أو من باب من الأبواب يقوى به من باب من أبواب الضّلالة أو باب من أبواب الباطل أو من باب يوهن به الحقّ في حاشية الفاضل الممقاني قدّس سره فيما علَّقه على المتن في أواخر النّوع الثّاني أنّ المراد بباب يوهن به الحقّ هو ما كان يوهن به الحقّ بوصفه العنواني بمعنى أنّه يوهن به الدّين والشّريعة انتهى موضع الحاجة ولذا تأمّل المصنف في مسألة بيع السّلاح لأعداء الدّين في شموله لبيعه لقطَّاع الطَّريق وذلك لأنّ قطع الطَّريق لا يوهن به الحقّ من حيث هو حقّ لأنّ ذلك إتلاف لمال المسلم ولا يزاحم شيئا من أمور دينه هذا ومن بياننا هذا يظهر فساد ما علَّقه المولى الفاضل الممقاني قدّس سره على هذه الفقرة في مسألة حفظ كتب الضّلال قال ره بعد جملة كلام له فيما يتعلَّق بالاستدلال بهذه الفقرة على حرمة الحفظ ما هذا لفظه ثمّ إنّ قوله أو ما يقوى به الكفر في جميع وجوه المعاصي ممّا لا ملاءمة فيه بين القيد والمقيّد فإن قلنا بورود ظهور المقيّد أعني عموم جميع وجوه المعاصي على ظهور المقيّد أعني قوّة الكفر نظرا إلى أنّ المعاصي عن شعب الكفر كما أشار إليه قوله ع لا يزني الزّاني وهو مؤمن ولا يشرب الشّارب وهو مؤمن كان مؤدّاه حرمة الإعانة على مطلق المعصية ومنه ما نحن فيه وإن قلنا بظهور المقيّد هنا نظرا إلى مقارنة الكفر بقوله باب يوهن به الحقّ المقتضي لبقاء الكفر على ظاهره لزم الاقتضاء من عموم المعاصي على ما كان في ضمن الكفر ولعلَّه الأظهر في المقام وإن كان الظَّاهر أنّه لولا الصّارف كان ظهور القيد واردا على ظهور المقيّد بحسب المتعارف فافهم انتهى وجه الظَّهور ظاهر قد علم من إدراج كلمة من هنا وفي قوله أو باب من الأبواب وعدمه في قوله أو باب من أبواب الباطل أنّه بالرّفع عطف على باب من أبواب الضّلالة وأنّهما بالجرّ عطف على الموصول فيما يتقرّب به ثمّ إنّ الفرق بين توهين الحقّ وتقوية الضّلالة كالفرق بين نفس الضّلالة والبطلان ممّا لا يخفى على المتفطَّن فلا تكرار في الحديث فهو حرام محرّم مبتدأ وخبر والجملة خبر الكلّ في قوله وكذلك كلّ مبيع ملهوّ به وقوله حرام بيعه وشراؤه عطف بيان للحرام الأوّل وقد مرّ في السّابق أنّ عطف إمساكه وملكه وهبته وعاريته وغير ذلك من أنحاء التّقلب فيه بدل على قاعدة كلَّية وهي أنّ كلَّما يحرم بيعه وشراؤه يحرم إمساكه إلى آخر الأمور المذكورة والمراد الجدّي من حرمة الأفعال المذكورة حرمتها حال الاختيار لا الأعمّ منها ومن حال الاضطرار وذلك لقوله ع إلَّا في حال تدعو الضّرورة فيه أي في هذا الحال إلى ذلك الَّذي حرم فعله لأنّه استثناء من جميع الأمور المذكورة على الظَّاهر لا خصوص الأخير أعني قوله ع والتّقلَّب فيه بل وكذلك الحال وإن اختصّ بالأخير أيضا لأنّه عنوان يعمّ جميع ما قبله فالاستثناء منه استثناء من جميع المذكورات قبله مع زيادة وليس هذا من قبيل الاستثناء المتعقّب لجمل عديدة كما يظهر من بعض الأعلام حتّى يتفاوت الأمر بين رجوعه إلى الأخيرة ورجوعه إلى جميعها لأنّ النّزاع فيه فيما إذا لم يكن الموضوع في الجملة الأخيرة ممّا يعمّ لما هو الموضوع فيما عداها من الجمل ممنوع ولكن الإنصاف اختصاص الاستثناء الأخير مع تخصيص عمومه ما عدا الإمساك من الأفعال الخاصّة المتقدّمة على هذا العام إذ مع فرض النّهي عن ملك شيء لا يجوز بيعه وشراؤه وهبته و