لا بد من تشخيص المصاديق للضابطة . ثمَّ ان هذه الرواية [1] سندها صحيحه والعباد موثوق به على تأمل ، ولكن مورد الرواية هو عدم البأس في النظر إلى رؤس نساء أهل مكة ، ولم يعمل بها الأصحاب في المورد فتطرح الرواية لأنها به يصير موهونا وغير موثوق بها ولا يبقى مجال للتمسك بالتعليل ، مضافا على فرض تسليمه يكون ظاهرا في كونه ملاك الحكم دون علة الموضوع كما في ماء الاستنجاء فإنه أكثر فإنه ملاك الحكم ولو لم يكن في المقام بذلك الظهور ، وكذلك الروايات الواردة في أهل السواد [2] كما في ذيلها أيضا التعليل فإنها لم يعمل بها الأصحاب ، والمراد من السواد كل أرض معمورة من البستان والزراعة وأمثالهما والمراد من بغير تعمد كما في ذيلها وهو النظر الاتفاقي لا المراد منه بل ذلك في مقابل النظر التلذذي والريبى وهو النظر من غير شهوة . ثمَّ ان تهامة ارض واسعة تكون ابتداؤها من المواقيت وانتهاؤها إلى الميلين بعد مكة فيكون في هذه الأراضي جماعة من الاعراب والسودان يسكنون فيها وفي هذه البادية وكان أهل هذه البادية إذا نهوا لا ينتهون فلذا يجوز النظر إلى رؤسهن بما ورد الدليل عليه وأهل مكة داخلون في تهامة [3] فلو كان العلة موجودة فيهم فيجوز النظر إليها والا فلا .
[1] وسائل ، باب 13 ، من أبواب مقدمات النكاح . [2] وسائل ، باب 13 ، من أبواب مقدمات النكاح . [3] ومن هذه البادية رجل كان ملبسا بالسلاح وكان مستورا عورته فقط ويصعد إلى رأس الجبل وينادى بأعلى صوته يا حجيج بيت اللَّه الحرام هذه ارضى أعطوني حقي لا ترحلوا من مكانكم فان أنكروا عليه فيخبر أهل البادية ويعلمهم بما وضع العلامة بينه وبينهم من رمى السهام أو النبال فيجمع أهل البادية بمقدار النمل والجراد ويأخذون من المسافرين أموالهم ثمَّ بعد ذلك قام واحدا يحامى عنهم وهو الدولة .