والرهن والهبة المعوضة ، والصلح على مال غير ذلك ، ولكل واحد منها ماهية تخصه ، والرضا الذي لا بد منه في المعاوضة جنس لا بد منه في جميع تلك المعاوضات ، فلا بد في معرفة كون العقد بيعاً أو إجارة أو صلحاً أو هبة من بيان كل منهما باسم يخصه ، وليس الا القول المترجم عما في النفس ، والرجوع إلى غيره رجوع إلى غير ما أمر اللَّه ، على أن الآيات القرآنية يستفاد منها حصر الوسائل التي يتم بها التعاقد بالألفاظ ، ومن ذلك قوله سبحانه * ( أَحَلَّ ا لله الْبَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبا ) * ، وقوله * ( وأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) * ، وليس ببعيد كما يدعي صاحب الروض النضير . ان يكون المراد من هاتين الآيتين ان البيع الحلال هو الذي يتم التعبير عنه بصيغة البيع وما يؤدي معناها من الصيغ المتعارفة في المعاوضات على حد تعبيره [1] ولقد وجد المتعصبون للألفاظ هجوماً عنيفاً من فقهاء الحنابلة الذين لم يروا للألفاظ أي ميزة على غيرها من الوسائل الكاشفة عن رأي المتعاقدين وأورد نقوضهم وأدلتهم ابن قدامة الحنبلي في المجلد الرابع من المغني ، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن وغيرهما [2] . ولقد ناصر الأستاذان الشيخ محمد أبو زهرة والشيخ علي الخفيف الرأي الحنبلي الذي يعتد بالتراضي بأي وسيلة كان لفظاً أو غيره من التصرفات والأفعال التي تكشف عن إرادة المتعاقدين ومقصودهما [3] < صفحة فارغة > [ حرمة البيع بالتعاطي هند الشوافع ] < / صفحة فارغة > ثم إن القائلين بأن البيع لا ينعقد بها كما نقلنا ذلك عن الشافعية بين من يقول

[1] - وقد أورد ابن قدامة الحنبلي في المغني على من استدل بهاتين الآيتين على أن البيع لا يتم إلا بألفاظ البيع وما يؤدي معناها بأن هاتين الآيتين ليس الغرض منهما بيان الوسيلة التي لا بد منها في إنشاء البيع ، بل المقصود منهما إقرار ما تعارف بين الناس بعنوان البيع إذا لم يؤدي إلى الربا وأكل المال بالباطل وبلا عوض .
[2] - انظر أحكام القرآن للجصاص المجلد الثاني ص 173 وانظر التعبير عن الإرادة لوحيد الدين سوار ص 256 .
[3] - الملكية ونظرية العقد لأبي زهرة ص 205 و 206 ، وأحكام المعاملات لعلي الخفيق ص 155 و 156 .

171