المتنجّس بالولوغ لابدّ من غسله ثلاث مرّات أُولاهنّ بالتراب [1] . ثمّ إنّه بناءً على ما تقدّم من اختصاص الموثّقة بالماء القليل بقرينة الصبّ من الإناء والتفريغ منه فلا محالة يكون تقييد الصحيحة بقدر ذلك لا أكثر ، فلا يجب التعدّد بعد التعفير إلاّ في الغسل بالماء القليل ، لا المعتصم . وهذا مبنى القول بالتفصيل [2] . ويمكن أن يناقش في ذلك : أوّلا - بأنّ هذا يقتضي اشتراط الغسل بالماء ثلاثاً بعد الغسل بالتراب ، لا مرّتين كما هو ظاهر ، وقد صرّح بذلك بعضهم [3] . وثانياً - بأنّ الصحيحة حيث إنّها واردة في خصوص الكلب ، والموثّقة في مطلق الإناء الذي فيه القذر ، فالنسبة بينهما عموم وخصوص مطلق من حيث الموضوع وإن كان مع لحاظ اطلاق الحكم وهو الأمر بالغسل مع الموضوع النسبة بينهما عموم من وجه ، والميزان في الجمع العرفي بالتخصيص ملاحظة النسبة بين موضوع الدليلين لا من جميع الجهات ، ومن هنا لا يحمل دليل الأمر باكرام النحوي على الاستحباب بقرينة الدليل العام الدالّ على عدم وجوب إكرام كلّ عالم وإن كانت دلالة الأمر من باب الإطلاق وبمقدمات الحكمة . وثالثاً - لو سلّمنا لزوم ملاحظة النسبة بين الدليلين من مجموع الموضوع والحكم فمع ذلك قلنا بوقوع التعارض بين الحديثين والتساقط والرجوع في مورد التعارض - وهو الغسل بالماء بعد التعفير بالتراب - إلى المطلقات الفوقانية ، وهي أوامر الغسل الواردة في مطلق النجاسات أو في خصوص آنية الولوغ ، كصحيحة محمّد بن مسلم : « سألته عن الكلب يشرب من الإناء ؟ قال : اغسل الإناء » وهي تقتضي كفاية الغسل مرّة واحدة .
[1] التنقيح في شرح العروة ( الطهارة ) 3 : 50 - 51 . [2] هذا ، وقد احتاط بعضهم ، قال السيد الإمام الخميني : « ولا يترك الاحتياط بالتعدّد أيضاً في غير المطر ، وأمّا فيه فلا يحتاج إليه » ( تحرير الوسيلة 1 : 115 ، م 1 ) . [3] انظر : مستند الشيعة 1 : 304 . وانظر : تعليقة السيد أبو الحسن الإصفهاني ( العروة الوثقى 1 : 230 ، ذيل م 5 ، التعليقة 4 . ط - جماعة المدرّسين ) .