ما رواه الشيخ الكليني في الكافي بسند معتبر عن علي ( عليه السلام ) نفسه حيث يقول في حديث طويل : " وقد كنت أدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيثما دار ، وقد علم أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد بنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكتّ عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ ، فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليَّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً . فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأُمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنسَ شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه . أفتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد ؟ فقال : لا ، لست أتخوّف عليك النسيان والجهل " [1] . وقد عبّر عن هذه المدوّنات التي يشير إليها الإمام علي ( عليه السلام ) في الأحاديث الصادرة بعد ذلك عن الأئمة ( عليهم السلام ) ب " كتاب علي " ، وهو أوّل كتاب جمع فيه العلم على عهد رسول الله ، وقد انتقل إلى الأئمة من ولده من بعده كما تنصّ على ذلك روايات مستفيضة ؛ ففي رواية ينقلها النجاشي في فهرسته بسنده إلى عذافر الصيرفي قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فجعل يسأله - وكان أبو جعفر ( عليه السلام ) له مكرماً - فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر : " يا بني قم فأخرج كتاب علي ( عليه السلام ) ، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً ففتحه وجعل ينظر حتى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : هذا خطّ علي ( عليه السلام ) واملاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأقبل على الحكم وقال : يا أبا محمّد اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالا فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان