فرع تعيّن المراد من النهي في المرتبة السابقة وأنّه منع تكليفي أو إرشادي ، ولا يمكن تعيينه بالاطلاق . ونحن إذا لم نستظهر من النهي الوارد في تلك الروايات الإرشاد إلى المانعية والبطلان بل حرمته التشريعية ، أمكن الجمع بينها وبين صحيح جميل الآخر بإرادة استحبابه إذا جيء به بقصد الدعاء والذكر المطلق ، وحرمته إذا جيء به بقصد الورود في الصلاة كما يصنعه العامّة به ؛ لكونه تشريعاً محرّماً ، ويكون ما في ذيل الصحيح من قوله ( عليه السلام ) : « واخفض الصوت بها » إشارة إلى ذلك وأنّه لا تصنع كما يصنعه العامّة حيث يرفعون الصوت بها فإنّه غير وارد في الصلاة ، فيكون هذا وجه جمع بينهما ؛ فإنّ العامة وإن لم يطبقوا على الجهر بالتأمين مطلقاً ، بل ذهب بعضهم إلى استحباب الاسرار بها بالنسبة للإمام - كما حكاه في الخلاف [1] - إلاّ أنّ المعروف الشائع والذي عليه عملهم هو الجهر بها . أو يحمل قوله : « واخفض » على الأمر بالخفض ؛ للتخضّع المطلوب في الدعاء سيّما طلب الإجابة فيدل على الاستحباب [1] ، أو ليتميّز عن القرآن [2] . الاحتمال الثالث : كون المراد النهي تكليفاً ووضعاً [3] ، إلاّ أنّ ذلك مردود ؛ فإنّه لا يمكن الجمع بين المعنيين المختلفين للنهي في استعمال واحد ، وكلّ هذا مقرّر في محلّه من علم الأُصول . وهكذا يتّضح أنّ عمدة الدليل في المسألة هي الروايات ، واستفادة فتوى المشهور منها مبتنية على استظهار المانعية من النهي لقول ( آمين ) بعنوانه عقب الحمد في الصلاة . * الاستدلالات الأُخرى ومناقشتها : وقد استند في كلمات الفقهاء إلى وجوه أُخرى لتخريج البطلان قد أُجيب عليها جميعاً في كلمات الأعلام والمحقّقين المتأخرين :
[1] انظر : الخلاف 1 : 332 ، م 84 . [1] مستند الشيعة 5 : 190 . [2] الوافي 8 : 658 . أقول : هذا الوجه مأخوذ عن الإسكافي . [3] كما صرّح بذلك في كتاب الصلاة من مصباح الفقيه ( 312 ) أوّلا ، ثمّ مال إلى كون الحرمة تشريعية حسب .