فالحكم في جميع الصور دفع حصة المالك إليه ، غاية الأمر : قد يحصل النقص بسبب المزج أو الخلط ، وقد لا يحصل . فإذا حصل النقص وكان المزج بفعل شخص فالضمان عليه ، إلا أن لا يكون يده يد ضمان . ثم المزج قد يلحق بالتلف : كمزج ماء الورد بالنفط ، وقد تتبدل صورة الممتزجين إلى صورة ثالثة ، وقد يبقى الممزوجان على حالهما . وتفصيل الأقسام مع حكم كل واحد منها سيجئ - إن شاء الله تعالى - في خيار الغبن . ولو لم يعلم المالك ولا المقدار فالمعروف إخراج الخمس ، ولا إشكال فيه بمقتضى الأخبار ، إنما الكلام في أنه هل يؤخذ بإطلاق الأخبار ويطهر المال بالخمس - سواء علم بزيادة المحرم على الخمس أو نقيصته منه فيجب إخراج الخمس ، ولو علم بنقص الحرام عنه ولا يجب دفع الزائد عن الخمس ، ولو علم بزيادة الحرام منه - أو يختص بما إذا كان القدر مجهولا ؟ والأقوى هو الأخير ، لانصراف الأخبار إليه [1] واختصاصها به . وتوضيح ما يتعلق به من الأحكام من كون مصرفه هو مصرف الخمس المعهود أولا ، وأن الحكم ظاهري أو واقعي بحيث إنه لو ظهر المالك لا يجب دفع القيمة إليه في محله ، وأما إذا كان القدر معلوما والمالك مجهولا فقد تقدم في الصورة الثالثة حكمه . وأما إذا كان المالك معلوما والمقدار مجهولا فيجب التخلص عنه بالمصالحة ، أو يحكم بالتنصيف بينهما قهرا . ويدل عليه : صحيحة عبد الله بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين كان معهما درهمان ، فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : ( أما الذي قال : هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له فيه شئ وأنه لصاحبه ، ويقسم الدرهم الثاني بينهما نصفين ) [2] .
[1] في المطبوع من الأصل : سقط الواو والألف . [2] تهذيب الأحكام : ج 6 ص 208 ح 481 ، عنه الوسائل : ج 13 ص 169 ب 9 من أبواب الصلح ح 1 .