دخول المضمون به في ملك الضامن ، فدلالة الاقتضاء في المقام نظير اقتضاء إيجاب شئ لإيجاب مقدمته ، وهذه الدلالة لو وجدت في عكس المسألة نلتزم بها ، كما لو فرض أنه قصد الإعطاء مجانا بنفس الفعل وقال : اشتر لك من مالي طعاما ، من دون أن يقصد بالقول إنشاء التمليك ، ومن دون توقف التمليك على اشتراء المأمور ، بل داعيه تمليك المال للمأمور مجانا لأن يشتري به شيئا خاصا ، أو قصد الإقراض وكان القبول من المتهب بنفس الأخذ ، من دون مدخلية للاشتراء في القبول ، أو كان غرضه توكيله في الاشتراء للمالك ثم أخذ الطعام قرضا ، أو اشتراء الطعام لنفسه في ذمته وإيفائه من مال الأمر بإذنه ، ويصح كل ذلك لو قلنا بوقوعه بالألفاظ المجازية والكنائية ، إلا أن جميع ذلك خارج عن مفروض المسألة ، لأن المفروض هو حصول النقل والانتقال بنفس الأمر والامتثال ، وهذا إنما يصح في ( أعتق عبدك عني ) ، أو ( أد ديني ) أو ( احلق رأسي ) ، لا في مثل : ( أعتق عبدي عنك ) و ( اشتر لنفسك من مالي طعاما ) . وتوضيح الفرق بينهما : أن في الأصل - وهو العتق عن الغير وأداء دينه وحلق رأسه - يصح بنفسه من مالك المال والعمل ، وإذا صح مجانا يصح مع العوض ، فإذا استدعى الأمر صدوره من المالك والعامل مع التزامه الضمان وامتثل المأمور فيقتضي الاستدعاء والامتثال مع عدم قصد التبرع الضمان ، ولازم الضمان التعهدي دخول المضمون به في ملك الضامن ، وهذا هو الملك التقديري . وأما في عكس المسألة : فالاشتراء للنفس بمال الغير وعتق عبد الغير لا يصح حتى يكون الأمر به استدعاء وامتثاله إيجابا ، فلا أثر هنا للامتثال ولا للأمر من المالك وإباحته لغيره وإذنه في التصرف ، لأنه ليس من أنحاء سلطنة المالك الإذن بتصرف يتوقف على الملك ، لأن الإباحة المطلقة لا يباح بها إلا ما هو جائز بذاته شرعا كما عرفت في الأصل ، لا ما يباح بالإباحة ، فإن الإباحة بها فرع صحتها وصحتها بالإباحة دور واضح فتقدير الملك في العكس دور واضح ، لتوقفه على صحة عتق المأمور ، وصحته تتوقف على التقدير .