يعقل نقله إلى نفس من عليه الحق ، سواء نقله مجانا أو بالعوض بالبيع والصلح وغيرهما ، لأنه لا يمكن أن يكون للإنسان سلطنة على نفسه بالنحو الذي كان لطرفه عليه . هذا ، مع أن في بعض الحقوق خصوصية تمنع من نقلها إلى من عليه الحق : كحق الرهانة والشفعة والخيار . فإن حق الرهانة عبارة عن سلطنة للمرتهن بها يستوفي دينه من الراهن ، لأن نتيجة الرهانة جعل العين المرهونة مخرجا لدين المرتهن ، وهذا المعنى لا يمكن أن يستحقه الراهن . وكذلك حق الشفعة سلطنة بها يقدر الشريك على أخذ الشقص من المشتري بالقيمة التي دفعها إلى البائع ، وهذا المعنى لا يعقل أن يتقوم بالمشتري . وهكذا الخيار فإنه لو كان للبائع فله سلطنة على فسخ العقد واسترجاع المبيع إلى ملكه ، وهذا المعنى لا يمكن أن يتسلط عليه المشتري ، فإنه لو كان ذا خيار يتسلط على استرجاع الثمن . وبالجملة : لا يمكن نقل الحق إلى من هو عليه ، لأن الانسان لا يمكن أن يتسلط على نفسه . فعلى هذا ، مراد المصنف قدس سره من قوله : ( والسر أن الحق سلطنة فعلية لا يعقل قيام طرفيها بشخص واحد ) [1] أن من له الحق ومن عليه الحق لا يمكن أن يكون واحدا ، وليس مقصوده أن الحق دائما قائم بشخصين ، وإلا لانتقض عليه بحق التحجير ، فإنه ليس هناك شخص كان الحق عليه . وعلى هذا ، فمراده من قوله : ( ولا ينتقض ببيع الدين على من هو عليه ) [2] أيضا واضح . وحاصله : أن امتناع نقل الحق إلى من هو عليه ، لعدم معقولية تسلط الانسان على نفسه لا يرد عليه النقض ببيع الدين على من هو عليه ، فإنه وإن استلزم تسلط الانسان على ما في ذمته إلا أنه فرق بين الملك والحق ، فإنه يمكن أن
[1] المكاسب : كتاب البيع ص 79 س 9 وما بعده . [2] المكاسب : كتاب البيع ص 79 س 9 وما بعده .