وحق الجار على الجار والوالد على الولد ونحوهما من الأحكام عبارة عن ثبوتها ، وهكذا ملكية العين أو المنفعة من الحقوق والأمور الثابتة كحق الخيار ، وحق الشفعة . وبعبارة أخرى : إطلاق الحق على العين والمنفعة إطلاق شائع كإطلاقه على الحكم . نعم ، الحق بالمعنى الأخص مقابل لذلك كله ، فإنه عبارة عن إضافة ضعيفة حاصلة لذي الحق ، وأقواها إضافة مالكية العين ، وأوسطها إضافة مالكية المنفعة . وبتعبير آخر : الحق سلطنة ضعيفة على المال ، والسلطنة على المنفعة أقوى منها ، والأقوى منهما السلطنة على العين ، فالجامع بين الملك والحق هو : الإضافة الحاصلة من جعل المالك الحقيقي لذي الإضافة المعبر عنها بالواجدية ، وكون زمان أمر الشئ بيد من جعل له ، وكونه ذا سلطنة وقدرة ، وهذه الإضافة لو كانت من حيث نفسها ومن حيث متعلقها تامة بأن تكون قابلة لأنحاء التقلبات فتسمى ملكا . ولو كانت ضعيفة إما لقصور نفس الإضافة كحق المرتهن بالنسبة إلى العين المرهونة ، وإما لقصور في متعلقه : كحق التحجير وحق الخيار بناء على تعلقه بالعقد الغير القابل لما عدا الفسخ والإجارة وحق الاختصاص بالنسبة إلى الأشياء الغير المتمولة كالخمر القابل للتخليل فتسمى حقا . وعلى هذا ، فلو لم يكن المجعول الشرعي مستتبعا للإضافة والسلطنة فليس إلا حكما ، وتسميته بالحق إنما هو بلحاظ معناه اللغوي ، وأما الاصطلاحي فالفرق بينه وبين الحكم واضح جدا ، فإن الحكم الشرعي هو المجعول المتعلق بعمل المكلفين اقتضاء أو تخييرا ، وهو وإن اشترك مع الحق في بعض الآثار : كجواز رجوع الواهب عن الهبة وجواز فسخ ذي الخيار إلا أنهما متباينان سنخا ، فإن الجواز في الأول حكم شرعي ، بخلاف الثاني فإنه ملك وإضافة . وبالجملة : الجواز في الهبة كاللزوم في النكاح من الأحكام الشرعية ، وهذا بخلاف الجواز في البيع الخياري واللزوم في البيع الغير الخياري فإنهما من