المقصود : أنه لو صار عزة وجوده موجبا لغلائه فقيمته في حال غلائه تستقر في ذمة الضامن ، لأن المال - حينئذ - مثلي فإنه آخر أزمنة وجود المثل ، وبعد ذلك لو وصل عزته بحيث لا يباع إلا بإزاء عتاق الخيل ، فهذا يعد متعذرا . ثم إن هذا بناء على عدم الانقلاب ، وأما بناء على الانقلاب سواء أقيل بانقلاب العين أم المثل فمقدار القيمة معلوم ، لأن العين أو المثل في يوم الضمان أو يوم التلف أو يوم الأعواز إما موجود ، أو كان موجودا ثم تلف أو أعوز فلا تخفى قيمته . الرابع : قد عرفت أنه لو أخذ المالك قيمة المثل المتعذر فليس له مطالبة المثل لو تمكن الضامن منه ، لأن قبض المالك ما عينه مصداقا لوفاء ماله يوجب تعيين حقه في المقبوض . وأما لو لم يقبضها فنفس المطالبة وإسقاط الخصوصية غير موجب للتعيين ، لأن غاية الأمر أنه تصير القيمة بالمطالبة من أحد مصاديق الكلي الثابت في الذمة ، وتعيين الكلي في المصداق الخاص إنما هو بقبض المالك ، فلو لم يقبضه لم يكن وجه لتعينه ، بل لو قيل بالانقلاب أيضا يمكن القول بأن الانقلاب ما دام التعذر فبعد التمكن يرجع الأمر إلى ما كان عليه . وعلى أي حال ، فبناء على عدم الانقلاب لا إشكال في أن للمالك مطالبة الضامن بالمثل عند تمكنه ، إنما الكلام في أن له المطالبة به ولو في غير بلد الضمان أولا ؟ وهذا النزاع يجري في مطالبة العين والقيمة أيضا . وتوضيح ذلك : أن في المقبوض بالعقد الفاسد ونحوه تارة تكون العين موجودة ، وأخرى تالفة . وعلى الثاني : إما تكون العين قيمية أو مثلية . وعلى الثاني : إما المثل موجود أو متعذر ، فلو كان العين موجودة قيل [1] بجواز مطالبة المالك بها من الضامن في أي بلد أراد ، سواء كان قيمة العين في بلد المطالبة أزيد عن قيمتها في بلد الضمان أم لا ، لعموم ( الناس مسلطون على
[1] قائله الحلي في السرائر : باب الغصب ج 2 ص 490 .