مكانة علما وعملا ، وورعا وزهدا ، وهديا ورأيا ، يعدّونه من أبطال العلم وأعلامه البارزين ولا سيّما في الفقه والأصول والحديث والدراية والرجال ، والعلوم العربية بأسرها والفنون الأدبية كلَّها . كان مقدّما في علوم القرآن ، وأنساب العرب ، وأخبار الماضين ، وحوادث السنين ، وله في العلوم العقلية ولا سيما الحكمة والكلام مكانة سامية . وقد جمع اللَّه فيه علو الفهم ، وقوة الحافظة ، فكان إذا تلاعن لوح قلبه ، رأيته يتلو عن لوح محفوظ ، لا يفوته عند الحاجة شيء من آي الذكر الحكيم ، ولا يغيب عنه شيء من السنن المأثورة والحكم المسطورة ، ولا تفوته دقيقة من ظرائف الكلام ولطائفة ونوادره ونكاته ، يحفظ الكثير من مفردات اللغة ، ممحصا لها ، خبيرا في اشتقاقاتها . وكان يقظ الفؤاد ، ملتهب الذكاء ، قوى الحجة ، سديد البرهان ، يتحرّى في رأيه القواعد والأصول ، ويتبع فيه أدلة المعقول والمنقول ، فيترك خصمه معتقل اللسان ، كأنّما أفرغ عليه ذنوبا . له مواقف في بغداد شكرها اللَّه له ورسوله والمؤمنون ، وحسبك منها مناظراته ومحاضراته مع فقيه الحنفية ، ومتكلم الأشاعرة ، معاصره السيد صبغة اللَّه ، فقد أذاعها بريد الثناء ، ورواها له لسان الحمد . [1] وقال العلامة الصدر : حدّثني الشيخ الجليل صادق الأعسم النجفي : أنّ الشيخ محمد حسن صاحب ( الجواهر ) والشيخ حسن ابن شيخ الطائفة الشيخ جعفر ، كانا لما جاء السيد صدر الدين من أصفهان إلى النجف يعاملانه معاملة الأستاذ ، ويجلسان بين يديه جلسة التلامذة ، وهما يومئذ شيخا الإسلام في النجف ولعلهما ممن تلمّذ عليه . قال : وكنت يوما عند الشيخ صاحب ( الجواهر ) فجاء السيد صدر الدين ، فلمّا