* ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْه إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِه مُؤْمِنِينَ . وما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْه وقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه وإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ) * [16] . وتقريب الدلالة : أنّ الأمر بالأكل في الآية الأولى إرشاد إلى الإباحة أو حلَّية الذبيحة وذكاتها ، وذلك لمقام توهّم الحظر ، وبداهة عدم وجوب الأكل ، والآية الثانية قرينة على ذلك أيضا . ومقتضى إطلاقها كفاية ذكر اسم اللَّه في الحلَّية والتذكية ، بلا حاجة إلى شرط آخر من الاستقبال أو طهارة الذابح أو غير ذلك ، بل الآية الثانية - بقرينة قوله تعالى فيها * ( وقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) * - كالصريحة في العموم ، وأنّ غير ما فصّله وحكم بحرمته بالآيات الأخرى - وهو الميتة والمنخنقة والمتردّية ونحوها وما أهلّ لغير اللَّه وما ذبح على النصب - يكون حلالا . لا يقال : إن الآية ليست في مقام بيان أكثر من شرطية ذكر اسم اللَّه ، وأنّ ما لم يذكر عليه اسم اللَّه يكون حراما ، كما أكَّد ذلك بعد آيتين بقوله تعالى * ( ولا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْه وإِنَّه لَفِسْقٌ ) * [17] فلا يمكن أن يستفاد منها نفي الشروط الأخرى ، ومن هنا لم تذكر في الآية الشرائط المعتبرة في الذبح ، بل لم يذكر فيها أصل الذبح ، مع أنّه لا إشكال في عدم كفاية مجرّد ذكر الاسم في حلَّية ما زهقت روحه بغير الذبح كالنطيحة والمتردية أو كان الحيوان ممّا لا يقبل التذكية أصلا . فإنّه يقال : فرق واضح بين الآيتين ، فتارة يقال : لا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللَّه عليه فهذا ظاهر في الشرطية ، وأخرى يقال : كلوا ممّا ذكر اسم اللَّه عليه فهذا ظاهر في أنّ ما ذكر عليه اسم اللَّه حلال مذكَّى ، فيصحّ التمسّك بإطلاقه لنفي شرط آخر في الحلَّية ، خصوصا مع القرينة التي ذكرناها من تفصيل ما حرّم