وفي المقام ان كانت المرافعة بطلب من المحكوم عليه كان ضامنا لها بالأمر ، وان كان بطلب المحكوم له أو بطلبهما معا ، أو بأمر الحاكم ابتداء أيضا يكون الضمان على المحكوم عليه لأنه بمنزلة السبب الذي يكون أقوى من المباشر ، إذ لو لا منعه لحق الغير وسلبه له لم يكن يلزم على الحاكم المسؤول عن اقامة العدل وإرجاع الحق إلى أهله أن يقوم بالمقاضاة وفصل الخصومة ، بناء على جواز أخذ الأجرة على الواجبات حتى في باب الحكومة لعدم تقييد دليل إيجابها بأن تكون على نحو المجانية . صحيح ان من له الحق لو كان يتنازل عن حقه ولم يرفعه إلى الحاكم فقد كان لا يقع مقاضاة وعمل من الحاكم ، إلا ان صاحب الحق من حقه المطالبة بحقه ، بخلاف من عليه الحق فإنه ليس من حقه سلب الحق ، بل عليه ردّه إلى صاحبه فتكون هذه نكتة عرفية لصدق التسبيب بلحاظه لا بلحاظ من له الحق ويطالب به ، نظير ما إذا سحب المالك ثوبه من يد الغاصب فأمسكه الغاصب وجرّه إلى نفسه فتمزّق فإن التلف وان كان حاصلا بفعلهما معا ، ولكنه يقال بأن الغاصب حيث كان لا يحق له إمساك ثوب الغير ومنعه عنه فهو السبب للتلف فيكون ضامنا لتمام قيمته ، أو نظير شاهد الزور الذي يحكم عليه بضمان ما ذهب من مال صاحبه بسبب إخفائه للحقيقة وشهادته على خلاف الواقع لكونه أقوى من المباشر وهو القاضي فإذا جزمنا بهذه النكتة ثبت الضمان عليه وإلا كان مقتضى الأصل عدم الضمان ، هنا أيضا كالمسألة السابقة .