الأخرى والمسألة بحاجة إلى فريد تأمّل . في القسم الثالث : هذا كلَّه في الحدود المقرّرة شرعا ، أمّا التعزيرات فسلطة الحاكم فيها أوسع حيث أنّ له الاختيار في تحديد مقدار العقوبة كمّا أو كيفا ، كما هو المستفاد من ملاحظة مجموعة من الروايات في موارد مختلفة ، وهذا بحث لا ندخل فيه ، ولا في معنى كونه دون الحدّ ، كذلك له الاختيار والحقّ في العفو فإنّ هذا يمكن استفادته من لسان أدلَّة بعض التعزيرات من قبيل ما ورد في حكم شهود الزور ، من أنّهم يجلدون حدّا ليس له وقت - أي مقدار - فذلك إلى الامام ، كما في معتبرة سماعة [28] ، وغير ذلك من الألسنة ، حيث إنّ ظاهر التعبير والسياق أنّ أمر التعزير بيد الإمام ، وهو كناية عن أنّه يمكنه ، لا أنّ التحديد والتقدير فقط بيده ، فهذا تعبير عرفي عن كون العقوبة بيد الحاكم ، ويمكن استفادة ذلك أيضا من مثل لسان « ضربناه وجيعا لكي لا يؤذي الناس » الوارد في رواية ، أو مثل لسان « ثم يلي الوالي بعد أدبهم وحبسهم » فإنّ هذه الألسنة تتناسب أيضا مع كون التعزير بيد الإمام والحاكم ، وليس ملزما عليه كما في الحدّ ، فراجع وتأمّل . ويدلّ عليه صراحة بعض الروايات الخاصّة ، منها : معتبرة السكوني المتقدّمة ، حيث ورد فيها : « واشفع عند الإمام في غير الحدّ مع الرجوع من المشفوع له » فإنّ هذه الجملة بعد قوله : « لا يشفعنّ أحد في أحد ، إذا بلغ الإمام فإنّه لا يملكه » تدلّ بوضوح على أنّ وجه صحة الشفاعة عند الإمام في غير الحدّ أنّه يملكه ، والذي هو عبارة أخرى عن أنّ الاختيار بيده ، وجواز العفو منه إذا رأى المصلحة فيه [29] .
[28] الوسائل ، الباب 11 من أبواب بقية الحدود ، ح 1 . [29] الوسائل ، الباب 20 من أبواب مقدّمات الحدود وأحكامها العامّة ، ح 4 .