يتطلَّب البحث في هذه المسألة ، وتنقيح جهاتها الحديث في ثلاثة أنحاء من العقوبات : 1 - عقوبات الحدود التي تكون من حقوق اللَّه ، كحدّ الزنا ، وشرب الخمر والسرقة . 2 - عقوبات تكون حقّا من حقوق الناس ، كالقصاص ، وحدّ الفرية . 3 - عقوبات التعازير . في القسم الأوّل : أمّا البحث ، في القسم الأوّل ، فينبغي أن يعلم مسبقا أنّ المقصود بالحدود التي تكون من حقوق اللَّه ما إذا كان الحدّ نفسه والعقاب مجعولا كحقّ للَّه على المجرم ، سواء أكان سببه مخالفة أمره - سبحانه - محضا ، كما في شرب الخمر والزنا ، أم كان فيه عدوان على الناس أيضا ، كما في السرقة ، فإنّها وإن كانت اعتداء على المسروق منه ، إلَّا أنّ عقوبة القطع فيها لم تجعل له بحيث يملك قطع يد السارق ، كما في عقوبة القصاص والفرية ، وإنّما هي عقوبة ونكال من اللَّه بما كسب ، كما صرّحت به الآية الشريفة ، وكما هو المسلَّم فقهيّا ، وقد دلَّت عليه جملة من الروايات أصرحها صحيح فضيل عن أبي عبد اللَّه ( ع ) في حديث : « إذا أقرّ على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه ، فهذا من حقوق اللَّه » [1] . نعم يوجد فرق بين هذا النحو من حقوق اللَّه وبين ما يكون من حقوق اللَّه