فرجها الأخير ، ويضرب الشاهدان الحدّ ، ويضمنان المهر لها عن الرجل بما غرّا ، ثم تعتد وترجع إلى زوجها الأول [9] ظاهران في أن هذا الحكم ليس من باب التعبّد ، بل لصدق الإتلاف والاستناد إلى السبب إذا كان في البين تغرير للمباشر ، وهذا بمثابة التعليل الذي يستفاد منه التعميم وعدم الاختصاص بالمورد . فكبرى التسبيب في موارد مقهورية إرادة المباشر لجهل أو اضطرار أو أداء تكليف وواجب شرعي عليه أو نحو ذلك لا ينبغي إنكارها . وأما المناقشة الصغروية ، فيمكن دفعها بأن ما هو المعيار عند العقلاء ليس تلف المال وانعدامه ، بل ذهاب ملكيته ، أي خسارة المالك ونقصان ماله بحسب النتيجة ، سواء أكان بالإتلاف للمال خارجا ، أم بأخذ الغير له ، أو بلزوم دفعه وصرفه اضطرارا ، فالميزان ذهاب المال عنه ونقصانه منه بحسب النتيجة ، وقد تشعر بذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه ( ع ) في شاهد الزور ما توبته ؟ قال : يؤدي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله . إلخ [10] . إلا أن الإنصاف أن عنوان ذهاب المال وخسارته أيضا غير صادقة هنا ، بل بابه باب الاستيفاء والانتفاع بالمال في العلاج ، وإلا لزم ورود النقض بسائر موارد انتفاع الإنسان وصرفه لماله على نفسه بسبب الغير مع انه لا يحكم فيها بالضمان . ( الثالث ) - التمسك بقاعدة عقلائية أخرى ممضاة شرعا ، هي وجوب رد حق الغير إليه سواء أكان حقا ماليا أم غير مالي ، وفي المقام حيث ان من حقوق الغير وشؤونه سلامته وبرئه من المرض والتي سلبها منه الجاني بجنايته ، فيجب عليه ردها إليه ، ولو بتحمل نفقات علاجه ، وان شئت عبّرت عن هذا بضمان العهدة ووجوب ردّ كلّ ما من شؤون الغير وأموره إليه ، ولو لم يكن مالا ، كما يجب رفع كلّ نقص أو ضرر أوقعه عليه ، ولو لم يكن ضررا ماليا .
[9] الوسائل : الباب 13 من أبواب الشهادات ، ح 2 . [10] الوسائل : الباب 11 من أبواب الشهادات ، ح 1 .