إسم الكتاب : مفتاح البصيرة في فقه الشريعة ( عدد الصفحات : 369)
[ . . . ] الدرهم ، أو أكثر ، فلا مانع من إثباته بإجراء استصحاب عدم كون الدم قدر الدرهم أو أكثر ، عدما أزليا . ولكن يشكل عليه : بأنه خلاف ظاهر الروايات ، بل الظاهر منها هو أن موضوع العفو أمر وجودي ، كما لا يخفى على من راجع إليها . ثم إنه لو سلم أن شيئا من الأمر الوجودي والعدمي لم يستظهر من الروايات ، بل هي مجملة من هذه الجهة ، فلا محيص حينئذ عن الرجوع إلى أصالة البراءة كالصورة الأولى ، والنتيجة هو العفو ، أيضا . فتحصل : أن عدم العفو في الصورة الثانية ، إما مستند إلى الأصل اللفظي الإجتهادي وهو عموم المنع ، بناءا على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص ، وقد أشير إلى أنه خلاف التحقيق ، أو إلى الأصل العملي الفقاهي وهو الاستصحاب ، بناءا على أن موضوع العفو أمر وجودي وهو الدم الأقل من الدرهم . وأما العفو فيها ، فهو إما مستند إلى استصحاب العدم الأزلي ، بناءا على أن موضوع العفو أمر عدمي وهو عدم كون الدم قدر الدرهم ، أو إلى أصالة البراءة من العقلية والنقلية ، كما عرفت في الصورة الأولى . ثم إن المصنف ( قدس سره ) بعد الإحتياط بعدم العفو في الصورة الثانية ، استثنى ما إذا كان الدم مسبوقا بالأقلية وشك في زيادته ، فيحكم فيه بالعفو . والوجه فيه ، واضح ، إذ يجري استصحاب الأقلية ، أو استصحاب عدم الزيادة في الفرض بلا شبهة ، كما يجري استصحاب الكثرة ، أو استصحاب عدم القلة لو كان الدم مسبوقا بالكثرة وعدم الأقلية .