[ . . . ] وحاصل ما قلنا هناك تبعا لجمع من الأعلام منهم الإمام الراحل ( قدس سره ) [1] : هو أن الخطابات الإلهية ليست شخصية كي يكون توجهها إلى ذوي الأعذار - كالجاهل والغافل - من الأمور القبيحة عند العقول السليمة ، بل تكون قانونية ، فتعم الناس قاطبة ، بحيث إنها بالنسبة إلى جميع المكلفين ، حتى ذوي الأعذار منهم ، فعلية ، إلا أن العقاب مرفوع عنهم دون غيرهم . وعليه : فالخطابات القانونية شاملة لذوي الأعذار - أيضا - كسائر المكلفين وتكون الأحكام والتكاليف بالنسبة إليهم - أيضا - فعلية ، وإنما المرفوع عنهم - لأجل الغفلة والجهل والعجز - هو العقاب ، لا التكليف والخطاب . فتحصل : من جميع ما ذكرنا : أن مقتضى الأدلة هو بطلان صلاة الجاهل المقصر مطلقا ، سواء كان ملتفتا مترددا بين الصحة والفساد ، أم كان غافلا زاعما للصحة ، ولم يرد في المقام ما يقيد تلك الأدلة المطلقة إلا حديث : " لا تعاد " وهو ما ورد عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، و الوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود . . . " [2] بناءا على أن المراد من الطهارة في عقد المستثنى هي الحدثية فقط ، لا الخبثية - أيضا - فقد يتخيل أن إطلاق هذا " الحديث " بعقده المستثنى منه يعم الجاهل المقصر ، فلا يجب عليه الإعادة لو صلى في النجس .
[1] راجع ، تهذيب الأصول : ج 1 ، ص 241 و 242 . [2] وسائل الشيعة : ج 4 ، كتاب الصلاة ، الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة ، الحديث 14 ، ص 683 .