إسم الكتاب : مفتاح البصيرة في فقه الشريعة ( عدد الصفحات : 369)
[ . . . ] أما الأول : ( وهو الجاهل الملتفت ) فلأن الشاك في مقام الإمتثال لابد وأن يرجع بحكم العقل إلى أصل الإشتغال المقتضي لإعادة الصلاة في الوقت ، أو خارجه ، إذ الإشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، فلا يجوز الإكتفاء بما هو مشكوك الصحة . وبالجملة : كانت وظيفة الجاهل الملتفت الشاك هو الرجوع إلى الإحتياط المبرء لذمته ، لكونه مخاطبا بما هو الواقع ، والواقع منجز عليه حال الشك والاحتمال ، فإذا تركه وصلى في النجس بطلت صلاته ، حيث إنها فاقدة لشرط الطهارة أو واجدة لما هو المانع من الصحة وهو النجاسة . وأما الثاني ( وهو الجاهل الغافل ) : فلان الغفلة لا توجب صحة العمل برفع الشرطية أو المانعية ، ولا تقتضي تغييرا في متعلق الأمر ومصب الخطاب ، بأن توجب تعلقه بما هو الفاقد للشرط أو المقترن بالمانع ، غاية الأمر : أنها ترفع العقاب . وعليه : فلو ارتفعت الغفلة في الوقت تجب الإعادة ، وبعده يجب القضاء ، لصدق عنوان الفوت ، سواء كان في الوقت تكليف ، كما في العاصي العالم العامد ، أم لم يكن ، كما في الغافل ، أو النائم أو السكران . هذا كله بناءا على ما عليه المشهور ، من عدم شمول الخطابات الإلهية للجاهلين والغافلين ونحوهما . وأما بناءا على ما قررنا في الأصول ، من أن الخطابات تتوجه إلى هؤلاء - أيضا - فالأمر أوضح .