[ . . . ] إن قلت : إن الإطلاقات أو العمومات إنما تجدي لدفع الشبهة الحكمية ، كما إذا شك في صحة معاملة أو فسادها ، وأما الشبهة من ناحية القابلية ، بأن المحل ، هل هو قابل لإيقاع المعاملة أو لا ؟ فلا ، كما لا تجدي لدفع الشبهة المصداقية . ومن المعلوم : أن الأعيان النجسة مشكوكة من حيث القابلية ، فإذا لا مجال للتمسك بالإطلاقات أو العمومات لدفع هذا الشك وإحراز القابلية . قلت : إن قابلية المحل لإيقاع المعاملة ، تدور مدار المالية العرفية وهي هنا متحققة ، وعليه : فليس الشك في المقام من قبيل الشك في القابلية كي يقال : بعدم جواز التمسك بالعمومات أو الإطلاقات فيه ، كما لا يجوز التمسك بها في الشبهات المصداقية . ومنها : قوله تعالى : * ( يا أيها الذين امنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) * [1] وهذا مما استدل به العلامة ( قدس سره ) حيث قال : " ولو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير ، لم يصح إجماعا لقوله تعالى : " فاجتنبوه " . [2] ولعل تقريب الاستدلال هو أن ذكر : " الفاء " في قوله تعالى : " فاجتنبوه " بعد كلمة : " الرجس " قرينة واضحة على كونه علة لوجوب الإجتناب ، وإطلاق وجوب الإجتناب ، مقتضاه - أيضا - وجوبه بالنسبة إلى جميع التصرفات والتقلبات ، ومنها البيع والشراء .
[1] سورة المائدة ( 5 ) : الآية 90 . [2] تذكرة الفقهاء : ج 1 ، ص 464 .