responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 69


هو الداعي إلى إيجاد ما تعلق به فإن الشيء المطلوب بواسطة الغير من حيث إنه مطلوب بالغير لا داعي إلى إيجاده إلا التوصل إلى ذلك الغير فالمطلوب الحقيقي هو الغير والامتثال بمقدماته ليس إلا الامتثال بذلك الغير وذلك ظاهر لمن راجع وجدانه وأنصف من نفسه ويستكشف ذلك بملاحظة أوامر الموالي المتعلقة بمراداتهم في الموارد المختلفة فإن العقلاء بكافتهم مطبقون على أن الإتيان بواجب واحد يتوقف على مقدمات عديدة ولو بلغ ما بلغت إطاعة وامتثال واحد والتارك لواجب واحد وإن تعددت مقدماته لم يعص إلَّا معصية واحدة ولا يترتب على إطاعة واحدة أو معصية واحدة إلا جزاء واحد ولا فرق في ذلك في نظر العقل بين أن يكون المقدمة ملحوظة في نفسها في ضمن خطاب أصلي وبين أن لا يكون مدلولا عليها إلا بخطاب تبعي إذ تأثير الملاحظة التفصيلية والتعبير عن مطلوبيتها بعبارة مستقلة فيما نحن بصدده غير معقول فإن مناط استحقاق الثواب والعقاب متعدد بتعدد الإطاعة والعصيان والمفروض أنهما متحدان حينئذ أيضا وأما القول بأن ذلك يوجب التعدد ففاسد جدّا كيف وذلك تفصيل ما في نفس الأمر بالنسبة إلى سائر المقدمات على القول بوجوبها كما ستعرف نعم يبقى في المقام نكتة التصريح بالبعض دون الآخر والخطب فيه من أسهل الخطوب كما هو ظاهر وأما التفرقة بين الثواب والعقاب فلعله ما لا يرجع إلى طائل بالنظر إلى حكم العقل لما عرفت من إمكان المناقشة في استحقاق الثواب على فعل الطاعات النفسية فكيف يقال استحقاق الثواب في الغيري دون العقاب وأما النقل فغاية ما يمكن الاستناد إليه أمران أحدهما الآيات الدالة على ترتب الثواب والعقاب بوجوب الإطاعة والعصيان الشاملين بعمومها الجميع المطلوبات الشرعية غيريا كان أو نفسيا كقوله من يطع اللَّه ورسوله ويخش اللَّه ويتقه فأولئك هم الفائزون وقوله ومن يعص اللَّه ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارا إلى غير ذلك والجواب عنه ظاهر بعد ما عرفت من عدم صدق الإطاعة والمعصية في الواجبات الغيرية وذلك ظاهر وثانيهما الأدلة الدالة على ترتب الثواب في خصوص بعض المقدمات ويستكشف عن ذلك بجواز رتبة عليها فيكون من الطاعات ويستند في الباقي إلى دعوى عدم الفصل وذلك مثل قوله ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل اللَّه ولا يطئون موطئا يغيظ الكفّار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن اللَّه لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون فإن دلالة الآية على ترتب الثواب على المقدمات التي يترتب عليها الجهاد من قطع البوادي وإنفاق الأموال وصرف المئونات مما لا ينبغي إنكارها مضافا إلى ما ورد في زيارة مولانا الحسين عليه السلام من أنه لكل قدم ثواب عتق عبد من أولاد إسماعيل وغيره من الأخبار الصادرة في ذلك على ما أوردها غواص بحار أنوار الأئمة فيها وما ورد في ثواب الوضوء والغسل وغير ذلك والإنصاف أن منع ظهور هذه الروايات أو دلالتها على ترتب الثواب على فعل المقدمات مما لا وجه له إلا أنه مع ذلك لا دلالة فيها على المدعى إذ المقصود في المقام إثبات الاستحقاق ولا أثر من ذلك فيها فلعله مستند إلى فضل الرب الكريم فإن الفضل بيده يؤتيه من يشاء مع أنه يحتمل أن يقال احتمالا ظاهرا أن الثواب المترتب عليها في هذه المقامات بالحقيقة هو الثواب المترتب على فعل ذي المقدمة ولكنه إذا وزع على الأفعال الصادرة من المكلف في تحصيله يكون لكل واحد من أفعاله شيء من الثواب نظير ما يقول التاجر المسافر الساعي في تحصيل الأرباح عند توزيعه ما حصل له على أيام مسافرته ومما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأخبار من ترتب الثواب على الأقدام بعد المراجعة من الزيارة الحسينية عليه السلام فإنها ليست من المقدمات جدا ولا سيما بملاحظة أن ثوابها ضعف ثواب الرواح كما لا يخفى لا يقال لو كان الثواب المترتب على فعل المقدمات هو الثواب المترتب على ذويها من دون مدخلية لها فيه يلزم مساوات زيارة البعيد والقريب لأنا نقول لا ريب في أن عسر المقدمات يوجب ازدياد ثواب الواجب فإن أفضل الأعمال أشقها ولعل ذلك أمر ظاهر لا سترة عليه جدا فإن قلت لا ريب في استحقاق المدح لمن ارتكب المقدمات وإن لم يأت بالواجب وذلك يكشف عن خلاف ما ذكرته قلت نعم ولكنه لا يجديك شيئا إذ العقلاء يحاولون بمدحهم الآتي بالمقدمة الكشف عن حسن سريرته وعدم كدورة طينته وأين ذلك من استحقاق الثواب على فعل المقدمة وذلك نظير ما نبهنا عليه في الانقياد والتجري فإن قلت قد ذكر بعض المتكلمين أن كل فعل قصد به الإطاعة ففاعله يستحق الثواب عليه والمقدمة لا تنقص عن أحد الأفعال المباحة فإذا فرض ترتب الثواب عليها فترتبه عليها بطريق أولى قلت إن أريد بذلك من حيث دخول المباح تحت عنوان المطلوب نفسا فهو مسلم ولكنه غير مفيد إذ لا إشكال في ترتب الثواب على المطلوبات النفسية فالمضاجعة مثلا تصير مطلوبة نفسية لو وقعت على وجه قضاء حاجة الزوجة المؤمنة إلى غير ذلك من العناوين المطلوبة وإن أريد بذلك ولو مع قطع النظر عن اندراجه تحت عنوان مطلوب فغير سديد ضرورة عدم تحقق الإطاعة إلَّا بعد تحقق الأمر والإرادة وعند عدمه كما هو المفروض لا سبيل إلى التزام وجود الإطاعة وصدقها والعجب من بعض المحققين حيث إنه جنح إلى إثبات الثواب بمثل ما ذكرناه في السؤال ومما ذكرنا تقدر على استخراج مواضع النظر فيما أفاده بعض الأجلة حيث إنه ردّد في المقام بين أن يكون المراد بالثواب هو الأجر أو المدح فقال إن أراد وبالثواب أمرا غير المدح والقرب فربما كان له وجه نظرا إلى العقل لا يستقل بإثباته في جميع موارده وثبوته في بعض الموارد شرعا كالسير إلى الجهاد ونحوه لا يثبت الكلية وقوله تعالى لا يضيع عمل عامل منكم لا دلالة له على تعيين أثر غيرهما وإن أرادوا الأعم فترتب الأول أعني المدح مما لا ريب فيه بشهادة العقل والعادة

69

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست