responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 63


لا يكاد يلتزم به المنصف فلا بد من إن يحمل على المعنى الثاني كما يشعر بذلك ورودها بهذا المعنى في كثير من الموارد في القرآن الكريم وغيره كما في الأمر بإطاعة الوالدين إذ ليس المراد بها فيه إلا مجرد عدم المخالفة وكما في قوله ومن يطع الرسول فقد أطاع اللَّه ومن تولَّى فما أرسلناك عليهم حفيظا فإن مقابلة التولي بالإطاعة من أقوى الشواهد على أن المراد بها في الآية عدم المخالفة وقوله أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرّسول فإن تولَّوا فإنما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وقوله أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول فإن تولَّوا فإن اللَّه لا يحبّ الكاذبين وفي الزيارات من أطاعكم فقد أطاع اللَّه ومن عصاكم فقد عصى اللَّه فإن مقابلة العصيان كمقابلة التولي يؤذن بالمراد منها ثم إن ما ذكرنا من أن المراد بالإطاعة هو عدم المعصية ليس على وجه المجازية لما ستعرف من أنه قد يمكن أن يكون المقصود أعم من مدلول اللفظ بحسب الظاهر على وجه لا سبيل إلى التأدية عن ذلك المعنى المقصود الأعم إلا على الوجه الغير المفيد لخصوص المراد على خلاف الواجبات التعبدية فإن المقصود منها التعبد بها مع أنه لا يمكن أن يكون المفاد للأمر الدال عليه وبالجملة فالمقصود بهذه الأوامر ليس إلا مجرد عدم الترك إلا أن اللفظ المفيد لذلك المعنى يفيد معنى آخر ليس مرادا وإن أبيت عن ذلك فالمجاز مما يجب أن يصار إليه إذا دل عليه الدليل كما عرفت ذلك ولو أغمضنا عن ذلك وقلنا بأن المراد من الإطاعة معناها الحقيقي فلا نسلم أنها حاكمة على الأدلة الخاصة إذ لعلها واجبة في حد ذاتها من غير أن يكون مناطا لأمر آخر فالامتثال واجب مستقل وفعل الصلاة واجب آخر ويمكن سقوط الأمر الأول مع عدم سقوط الأمر الثاني بمعنى حصول المكلف فيها إذا الأمر الأوّل موضوع للإطاعة على ما عرفت فيكون سقوط الأمر الأول رافعا للعقاب المترتب على مخالفته وإن كان موجبا للعقاب المترتب على العصيان بواسطة الأمر بالإطاعة إلا أن ذلك خلاف الإنصاف إذ الالتزام بمثل ذلك لعله خلاف الإجماع فإن سقوط الواجب لو كان موجبا لعدم ترتب العقاب المترتب على تركه لا يعقل أن يكون موجبا للعقاب المترتب على ترك الإطاعة بواسطة ارتفاع موضوعه كما لا يخفى فتدبر في المقام جيّدا الثالث قوله لا عمل إلا بالنية ونظيره قوله إنما الأعمال بالنيات وقوله لا قول إلا بالعمل ولا عمل إلا بالنية ولا نية إلا بإصابة السنة وقوله لكل امرئ ما نوى وجه الدلالة أن العمل عبارة عن مطلق الأفعال التي يتعلق بها الأمر والطلب من الأمور الواجبة والنية عبارة عن قصد القربة ونفي العمل بدون النية يوجب الكذب فلا بد من حمله على نفي الأثر كما في روادفه كقوله لا صلاة إلا بطهور فالمعنى أنه لا يترتب على واجب من الواجبات أثر من الآثار المطلوبة منها من سقوط الأمر وفراغ الذمة واستحقاق الثواب إلا بقصد القربة وهو المطلوب والجواب عنه أولا منع كون المراد من العمل مطلق الأفعال الواجبة بل الظاهر بملاحظة ورود لفظ العمل في مقامات عديدة تناظر المقام أن المراد بالعمل خصوص العبادات كما في قوله والعالمون كلهم هالكون إلا العاملون وفي قوله لا عمل لي أستحق به الجنة وإن أبيت عن ذلك فلا بد من حمله على ظاهره لغة وهو مطلق الأفعال من دون اختصاص له بالواجبات ولازمه عدم ترتيب الأثر على كل فعل ولو كان من الأفعال المحرمة إلا بنية القربة وفساده غنى عن البيّنة وثانيا نمنع كون المراد بالنية هو قصد القربة إذ المقصود من لفظ النية عرفا ولغة ليس إلا مجرد القصد إلى الفعل ولا دليل على أن المراد بها في المقام هو قصد القربة غاية ما في الباب دلالته حينئذ على اعتبار قصد العنوان في العمل فما لم يتحقق قصد الفاعل إلى عنوان الفعل والعمل لا يتحقق عمل منه ولا فعل ومع ذلك فليس يجوز حمله على هذا المعنى أيضا ضرورة وجود ذات العمل مع عدم القصد إلى عنوان الفعل فلا يصح رجوع النفي إلى الذات فلا بد أن يحمل العمل على الأفعال الاختيارية من حيث إنها اختيارية فيكون المراد ليس الفعل الاختياري موجودا ما لم يكن مقصودا ومع ذلك فلا يجوز حمله على هذا المعنى أيضا ضرورة وجود الفعل الاختياري من غير قصد إلى عنوان الفعل إذا كان له عناوين متعددة مع تعلق القصد بأحدها فإنه يكفي في وقوع الفعل اختيارا أن يكون أحد عناوينه مقصودا للفاعل نعم لا يكون اختياريا باعتبار عنوانه الغير الملتفت إليه كما هو ظاهر فلا بد من أن يحمل الرواية على أن الفعل الاختياري بعنوانه الاختياري غير واقع إلا بالقصد إلى ذلك العنوان هذا ما يقتضيه قواعد اللغة وأما ما يمكن استظهاره من الرواية فهو ما عرفت من إن المراد بها خصوص الأفعال العبادية ويدل على اعتبار القربة فيها فلا دلالة فيها على المطلوب بوجه على أنه لو حمل على ما زعم يلزم تخصيص بشيع لا يكاد يلتزم به من له مسكة فالأمر دائر بين التصرف في الرواية بأحد الوجوه المذكورة ونحن لو لم ندع ظهور الاحتمال الأخير لا نسلم ظهورها في غيره فلا وجه للاستدلال لمكان الإجمال وأمّا قوله وإنما الأعمال بالنيات فقد ادعي تواتره لفظا إلا أن بعض أصحابنا على ما حكاه الأستاذ قال باتصال أسناده إلى خليفة الثاني وكيف كان فهو بمنزلة أن يقال كل عمل بالنية وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل ما ليس متلبّسا بالنية ليس بعمل فيكون مفادها مفاد الرواية السّابقة في الاحتمالات المتصورة وعلى قياسه الرواية الأخرى وأما قوله لكل امرئ ما نوى فمن الظاهر عدم انتهاضه بشيء من المقصود فلا وجه للاستناد إليه فالتحقيق أن مقتضى الأوامر الخاصة على ما عرفت لا يزيد على التوصلية والأدلة المذكورة لا تنهض حجة على إثبات الأصل الثانوي فعند الشك لا بد من الأخذ بمقتضى أصالة البراءة أو أصالة العدم على ما نبهنا عليه في الهداية هداية في أن قصد العنوان لازم أم لا في العبادات بعد ما عرفت من أنه لا دليل على لزوم قصد القربة في الأوامر فهل هناك ما يدل على اعتبار قصد العنوان في

63

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست