responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 62


وأمرت لأعدل بينكم ويريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت فمدخول اللام هذه يكون مفعولا به على ما صرح به بعضهم حتى أن المصرّح به في كلام ابن هشام على ما حكي أن القائل بعدم التقوية في مثل هذه إنما زعم ذلك لعدم قصور الفعل وعدم الحاجة إلى التقوية فالمفعول به عنده مقدر لكنه لا يخالف المذكور بل يكون من جنسه فالتقدير في آية التطهير يريد اللَّه الإذهاب وكيف كان فلا ينبغي التأمل في أن اللام هذه ليست للغاية لما عرفت مضافا إلى عدم استقامة العطف في قوله تعالى ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزكاة فإنهما معطوفان على قوله ليعبدوا وقضية ذلك تكرار العامل كما يؤذن به حذف النون منهما أيضا مع أنهما ليسا غايتين بل هما مأمور بهما وذلك ظاهر ومع التنزل فلا دلالة في الآية على المطلوب لاحتمال أن يكون الأوامر المتعلقة بهم لطفا في التعبد كما في قوله تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فتكون العبادة والتذلل من الغايات المترتبة على الأوامر سواء كانت تعبدية أو توصلية وإن أريد من حصر المأمور به في العبادة أن العبادة هي المأمور بها فقط على وجه لا يكون غيرها مأمور به كأن يكون اللام للصلة والتقوية كما هو الظاهر ففيه أن المراد بالعبادة على وجه الإخلاص ليس إلا التوحيد كما فسرت بذلك في لسان بعض أهل التفسير فعن الطبرسي أنه قال بعد قوله وما أمروا إلَّا ليعبدوا اللَّه إلخ أي لم يأمرهم اللَّه تعالى إلا لأن يعبدوا اللَّه وحده لا يشركون بعبادته فهو مما لا يختلف فيه ملة ولا يقع فيه التبدل قلت ولعله يشير بذلك إلى تفسير قوله وذلك الدين القيّمة وعنه أيضا بعد قوله مخلصين له الدين لا يخلطون بعبادته عبادة ما سواه وعن الصافي بعد ذكر الآية أي لا يشركون به ويساعد ذلك ورودها في مقابلة المشركين ويعاضده نظائرها من الآيات القرآنية كقوله تعالى فاعبدوا اللَّه مخلصين له الدين وقوله تعالى ألا له الدين الخالص وقوله عزّ من قائل قل اللَّه أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم فإن ملاحظة مساقها يكفي عن الاستدلال في إرادة التوحيد منها وكيف كان فالآية مفادها نفي الشرك فهي مشتملة على المسائل الإلهية والأحكام الشرعية الفرعية وهي الصلاة والزكاة على حسب ما يقتضيه المقام كما أنه جمع بين التوحيد وحقوق الوالدين في قوله تعالى وقضى ربّك أن لا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانا وبالجملة فالمنصف لا مجال له من تسليم ذلك إذ العبادة ليست على ما اصطلح عليها الفقهاء بحسب اللغة فإن المراد بها لغة هو التذلل والانقياد ويعبر عنه بالفارسية بپرستش وبندگى كردن وستودن وستايش كردن ونحو ذلك مما لا مدخل لها بالأفعال التي اصطلح عليها الفقهاء ولعل ذلك ظاهر لا ينبغي الإطالة فيه وأما الجواب عن الوجه الثاني فبأن الدين له احتمالات وإطلاقات فتارة يكون المراد به ما عرفت من معنى العبادة كما يظهر من الآيات السابقة وأخرى يكون المراد به الطاعة كما قيل في قوله تعالى ولا يدينون دين الحق أي لا يطيعون طاعة الحق وو مرة يكون المراد به الجزاء كما في قوله مالك يوم الدين وتارة يكون المراد به الإسلام كما في قوله تعالى إن الدين عند اللَّه الإسلام وقيل إنه وضع إلهي لأولي الألباب يتناول الأصول والفروع لا إشكال في أن المراد به في الآية ليس هو الجزاء لعدم تعلقه فيها على ما هو ظاهر والكل محتمل وعلى التقادير لا يتم التقريب إذ الاستدلال موقوف على أن يكون المراد بالدين خصوص الأعمال الفرعية المأمور بها في الشريعة ولا دليل على أن المراد به في المقام هو خصوص ذلك مع كونه معنى مجازيا غير ظاهر من مساق الاستعمال لا يقال يتم التقريب على تقدير إرادة المعنى الأعم من الأعمال الفرعية والعقائد الأصلية كما هو أحد الوجوه المحتملة فيما سبق لأنا نقول وذلك يتم على تقدير أن يكون المراد بالإخلاص هو قصد التقرب وهو غير معقول في العقائد فإن قلت لعل المراد بالدين هو الأعمال التي يجزى بها تسمية للسبب باسم المسبب قلت بعد كونه مجازا لا يصار إليه إلَّا بعد دلالة لا يجديك شيئا إذ يكون محصل مفاد الآية على ذلك التقدير وما أمروا إلا بالعبادة والانقياد وحال كونهم قاصدين للتقرب بالأعمال التي يجزى بها فيكون قصد القربة معتبرا فيما يترتب عليه الجزاء وظاهر أن استحقاق الثواب مشروط بالامتثال كما نبهنا على ذلك فيما تقدم والكلام في اشتراط سقوط التكليف بالقصد وأين أحدهما من الآخر لجواز سقوط التكليف مع عدم ترتب الثواب والجزاء والإنصاف أن الظاهر من الدين هو العبادة التي يرادف الانقياد والإخلاص فيه عبارة عن عدم اختلاطه بالانقياد لغير وجهه الكريم فيكون المراد به أنهم مأمورون بالانقياد والتذلل حال كونهم مخلصين له التعبّد والانقياد من غير اختلاطه بانقياد غيره كما ينظر إلى ذلك التفاسير المنقولة والآيات المشابهة لها في المساق على ما عرفت ولو نزلنا وأغمضنا عن ذلك كله فيجب حمل الآية على الاستحباب إذ على تقدير إرادة وجوب نية القربة يلزم تخصيص مستبشع لا يمكن التزامه إذ الأغلب في الأوامر الواردة في شريعتنا أنها واجبات توصلية ولعل ذلك مما لا يقبل الإنكار الثاني قوله تعالى أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم وجه الدلالة أن الإطاعة مما قد أمر بها في هذه الآية ولا تصدق إلا بقصد الامتثال فيجب ذلك في الأوامر نظرا إلى وجوب الإطاعة فتكون هذه الآية حاكمة على ظواهر الأوامر الواردة في المقامات الخاصة نظير ورود قوله تعالى وسارعوا على الأوامر الخاصة على القول بدلالتها على الفور والجواب عنه أن الإطاعة تارة تطلق ويراد بها ما لا يصدق بدون قصد الامتثال على ما هو مناط الاستدلال وتارة يطلق ويراد بها مجرد عدم المعصية وليس يجوز أن يكون المراد بها في المقام هو الأول إذ على تقديره يلزم أن يكون إطاعة الرسول واجبة أيضا مع أن الإجماع قائم بعدم وجوب إطاعة الرسول بهذا المعنى إذ لم يقل بوجوب قصد التقرب إليه أحد من العلماء ولا يكفي في ذلك أن إطاعة اللَّه بعينها هي إطاعة الرسول إذ الظاهر من تكرار الأمر في الآية تكرار المأمور به ولذلك أوردنا في الاستدلال هذه الآية مع أنه يمكن الاستدلال بآية لم يكرر فيها الإطاعة فتدبر سلمنا ولكنه تخصيص للأكثر على

62

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست