responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 60


بل ولو حصل من دون مباشرة آدمي أيضا كان مجزيا قلت فرق ظاهر بين حصول الواجب في الخارج وبين ارتفاع موضوعه ومحله في الخارج وما يرى من الأمثلة إنما هي من قبيل الثاني كما إذا ارتفع موضوع التعبدي أيضا مثل ما إذا احترق الميت فلا يجب عليه الصلاة وبالجملة ظاهر الأمر هو المباشرة والقائل بعدم لزوم المباشرة إنما اختلط عليه الأمر بين الوجهين مع ظهور افتراقهما وغاية ما يمكن أن يقال في المقام توجيها لكونه هو أن الأمر وإن كان ظاهرا في تعلق الطلب بشخص خاص إلا أن الغرض تعلقه بحصول الفعل في الخارج على أي وجه وقع وهو فاسد جدّا إذ حقّ التعبير حينئذ هو التأدية بكلام لا يكون مفاده التخصيص بالمخاطب كأن يقال فليفعل كذا وغير ذلك لا يقال يصح أن يكون المراد بالأمر إيجاد المأمور به ولو بفعل غيره في الخارج لأنا نقول إن أريد بذلك من غير تأويل في نفس الفعل فهو فاسد قطعا لامتناع إرادة فعل الغير عن المأمور وإن أريد به ذلك مع التأويل كأن يكون المراد التسبيب فهو مجاز لا ينبغي أن يصار إليه من دون دليل على ما صرح به جماعة في أمثال قوله تعالى يا هامان ابن لي صرحا وذلك ظاهر جدّا وأما الثاني فلأن الفرق المذكور لو تم على ما ستعرف الوجه فيه فهو من فروع الفرق الأول وهو اشتراط التعبدي بالنية دون التوصّلي وليس بفرق آخر إذا عرفت ذلك فاعلم أنه متى ما علمنا بامتياز أحدهما عن الآخر مصداقا فلا إشكال فإنه يجب الإتيان بالتعبدي على وجه الامتثال كأن يكون الداعي إلى إيجاد الفعل في الخارج هو الأمر وهو المراد بالقربة التي قلنا باعتبارها في التعبدي ولا يجب الإتيان بالتوصلي على وجه الامتثال فلو أتى بالفعل المأمور به في الخارج لا بداعي الأمر بل بواسطة الدواعي الموجودة في نفسه مما لا يتعلق بالأمر لم يجز في الأول ويجزي في الثاني أما الأول فللإخلال بما هو المقصود من الفعل وعدم وقوعه على وجهه فيجب الإتيان به ثانيا على ما هو المطلوب وأما الثاني فلأن المفروض حصول المطلوب من المكلف في الخارج على وجهه فلا بد من سقوط الأمر نعم استحقاق الأمر للثواب المترتب على الفعل على ما هو المصرح به في كلام المتكلمين إنما هو فيما إذا أتى بالفعل على وجه الامتثال والقربة والكلام ليس في ذلك وإذا شك في واجب من الواجبات أنه من الأول أو من الثاني فهل ظاهر الأمر قاض بأيهما ذهب جماعة من أصحابنا ومنهم بعض الأفاضل إلى أن ظاهر الأمر قاض بالتعبدية ويظهر من جماعة أخرى أن الأمر ظاهر في التوصلية ولعله الأقرب واحتجوا في ذلك بأمور أقواها أن العقل من قاض بوجوب الامتثال بعد العلم بالأمر ولا يتحقق إلا بقصد القربة والإطاعة وفيه أنه مصادرة محضة إذ الكلام إنما هو في وجوب الامتثال فإن أريد بالامتثال مجرد عدم المخالفة والإتيان بالفعل فهو مسلم لكنه ليس بمفيد وإن أريد به الإتيان بالفعل على وجه التقرب كأن يكون الداعي إلى الفعل نفس الأمر فهو ممنوع والقول بأن العقل قاض بذلك ليس بسديد إذ غاية ما يحكم به العقل هو عدم المخالفة وعدم ترك المأمور به في الخارج فإن استند في ذلك إلى أن الإتيان نفس الفعل في الخارج على تقدير أن يكون الامتثال به مطلوبا للآمر يعد من المخالفة التي يحكم بقبحها العقل على ما عرفت نقول نعم ولكن الكلام بعد في اعتبار الامتثال في المأمور به وليس المستفاد من الأمر إلا مطلوبية الفعل فقط فلا مخالفة على تقدير الإتيان به كما لا يخفى مع أن الاستدلال المذكور خارج عما نحن بصدده إذ الكلام إنما هو في أن الأمر ظاهر في الوجوب التعبدي أو التوصلي والوجه المذكور مما لا مساس له به على ما هو غير خفي واحتج بعض موافقينا على التوصلية بأن إطلاق الأمر قاض بالتوصلية إذ الشك إنما هو في تقييد الأمر والإطلاق يدفعه نعم لو كان الدليل الدال على الوجوب إجماعا أو نحوه من الأدلة اللبية لا وجه للاستناد إلى الإطلاق فيكون الأمر راجعا إلى الخلاف المقرر في محله من الشك في الشرطية والجزئية فإن قلنا بالاشتغال لا بد من القول بالتعبدية وإلا فلا وهو أيضا ليس في محله إذ الاستناد إلى إطلاق الأمر في دفع مثل هذا التقييد فاسد إذ القيد مما لا يتحقق إلا بعد الأمر توضيحه أن الإطلاق إنما ينهض دليلا فيما إذا كان القيد مما يصح أن يكون قيدا له كما إذا قيل أكرم إنسانا أو أعتق رقبة فإنه يصح أن يكون المطلق في المثالين مقيدا بالإيمان والكفر والسواد والبياض ونحوها من أنواع القيود التي لا مدخل في الأمر فيها وأما إذا كان القيد من القيود التي لا يتحقق إلا بعد اعتبار الأمر في المطلق فلا يصح الاستناد إلى إطلاق اللفظ في دفع الشك في مثل التقييد المذكور وما نحن بصدده من قبيل الثاني فلا بد لنا في المقام من بيان أمرين أحدهما يتكلف بيان الصغرى والآخر بيان الكبرى أما الأول فلأن القربة عبارة عن الإتيان بالفعل المأمور به على وجه يكون الداعي إليه هو الأمر فهذه من الاعتبارات اللاحقة للفعل بعد ملاحظة كونه مأمورا به وأما قبل أن يعقل الفعل مأمورا به لا وجه لأن يلاحظ مقيدا بالقربة أو مطلقا كما يصح أن يلاحظ مقيدا بوقوعه في زمان كذا أو مكان كذا أو عن آلة كذا ونحوها وأن يلاحظ مطلقا ولعل ذلك ظاهر لمن له أدنى فطانة ولطافة قريحة وأما الثاني وهو أنه إذا كان القيد من القيود التي يعتور على المطلق بعد لحوق الأمر له لا يصح دفعه عند الشك بالإطلاق فلأن المراد إما الإطلاق المعتبر في المادة أو الإطلاق المتوهم في الهيئة ولا سبيل إلى شيء منهما أما الأول فبعد ما عرفت من معنى القربة مما لا ينبغي الإشكال فيه كان المفروض أنها ليست من قيوده مع قطع النظر عن الأمر فالقول بارتفاع الشك في التقييد المذكور بالاستناد إلى إطلاق المادة في نفسها مع عدم ملاحظة الأمر فيها يستلزم التناقض من اعتبار الأمر ليصح اعتبار القيد فيها ومن عدمه كما هو المفروض ومن هنا قلنا في بعض المباحث المتقدمة بأن الطالب لو حاول طلب شيء على وجه الامتثال لا بد له من أن يحتال في ذلك بأن يأمر بالفعل المقصود إتيانه على وجه القربة أو لا

60

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست