responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 59


بالنسبة إلى نفس العصيان فكأنه غفل عنه مع أنه منشأ الإشكال فلا بد من أوله إما إلى الوجوب المطلق أو إلى المشروط وعلى كل تقدير يلحقهما حكمهما وليت شعري ما أبعده عن الواقع حيث إن الفعل الاختياري الذي يتوقف عليه الواجب لا يخلو عن القسمين كما هو غير خفي على أوائل العقول نعم يمكن تصحيح التكليف في المقام بوجه آخر وهو أن تعلق الطلب بشيء إنما يكون بواسطة حيث المطلوب منه على الفعل المطلوب وحمله عليه وعلى تقدير علم الطالب بأن المطلوب منه لا محالة يشتغل بما هو مطلوبه فلا وجه لطلبه منه لكونه لغوا إلا إذا كان المقصود التعبد بذلك المطلوب فلا ضير في الأمر به وحمله عليه إذ على تقدير عدم الطلب والأمر يمتنع أن يكون الداعي إليه هو الأمر كما هو المقصود وحيث إن الطلب المتعلق بالمقدمة ليس إلا طلبا توصّليا لا يحتمل فيه التعبد فعند علم الطالب بتحقق المطلوب لا يتعلق به الطلب حذرا عن اللغوية ففيما إذا توقف الفعل على المقدمة المحرمة مع علم الطالب بأن تلك المقدمة مما تقع لا محالة ولو عصيانا ليس تلك المقدمة موردا للطلب اللازم من طلب ذيها فلا يلزم محذور قلت وذلك على تقدير إنما يجدي بالنسبة إلى لزوم اجتماع الأمر والنهي وأما بالنسبة إلى المحذور الآخر وهو التكليف بما لا يطاق فلا يجدي قطعا إذ التكليف بالفعل حال تحريم مقدمته تكليف بما لا يطاق إذ لا كلام في حرمة المقدمة المفروضة وستعرف لذلك زيادة تحقيق في بعض المباحث الآتية فإن قلت على ما بنيت عليه الأمر في الهداية السابقة من وجوب المقدمة قبل مجيء زمان ذيها لا مانع من التكليف المذكور إذ نلتزم بأن الوجوب فيه وجوب شرطي وشرطه العصيان وبعد علم المكلف بتحقق الشرط يجب عليه الامتثال بمقدمات المشروط فيما إذا انحصرت كما هو المفروض قلت ليس الكلام في مقدمات ذلك الواجب المشروط بل المقصود هو الاشتغال بنفس الواجب ولا يعقل الاشتغال بالواجب قبل تحقق الشرط مع أن القول بامتناع اشتراط الواجب بمقدمة محرمة مقارنة لذيها في الوجود حيث إن تمام الشرط لا يمكن إلا بتمام الفعل كما في مثال الاعتراف وكذلك في مثال الصلاة والإزالة وذلك ظاهر فلا يجب المقدمات أيضا ثم إنه يرد على أصحاب هذه المقالة الفاسدة أمران آخران أحدهما التزام تعدد العقاب في المسألة المفروضة لأنه إذا غصب ولم يتوضأ فقد ارتكب فعلا محرما وترك أمرا واجبا وكذلك إذا ترك الواجبين المضيقين مع أهمية أحدهما من الآخر وثانيهما التزام صحة العمل فيما إذا تعلق النهي بنفس العمل والعبادة ضرورة ممانعة غير الأهم عن فعل الأهم ومن هنا كان تركه مقدمة له والمانع عن العبادة منهي عنه فغير الأهم بنفسه منهي عنه ولقد تصدى لدفعه في التعليقة وستعرف التحقيق فيه إن شاء الله وهو ولي التوفيق والهداية هداية في تقسيم الواجب إلى التعبدي والتوصلي قد عرفت فيما سبق أن للواجب أقساما عديدة باعتبارات مختلفة وقد عرفت الكلام في تحقيق الواجب المطلق والمشروط وما يتفرع عليه وينقسم باعتبار آخر إلى تعبدي وتوصلي وقد يعرف الأول بما لا يعلم انحصار مصلحته في شيء والثاني بما يعلم انحصارها في شيء والثاني غير منعكس لخروج جملة من التوصليات التي لا يعلم وجه المصلحة فيها فضلا عن انحصارها في شيء كتوجيه الميت حال الاحتضار إلى القبلة ومواراته ونحو ذلك فالأوجه أن يعرف أن التعبدي ما يشترط فيه القربة والتوصلي ما لا يشترط فيه القربة سواء في ذلك كون الواجب من الماهيات المخترعة كالصلاة والحج ونحوهما أو لا كالذبح والنحر والحلق والتقصير ونحوها وبين كل من التعبدي والتوصلي والنفسي والغيري عموم من وجه والصور أربع والأمثلة ظاهرة غير خارجة عن الوضوء والصلاة وتوجيه الميت إلى القبلة وغسل الثوب ومنه يظهر فساد ما قد زعمه بعضهم في تحديدهما أن التوصلي ما كان الغرض من الأمر به الأمر بشيء آخر والتعبدي بخلافه فإن ذلك سهو ظاهر وكأنه تشابه الأمر عليه في إملاء التوصل بالصاد مع التوصل بالسين وهو يساوق الوجوب الغيري وإلا فكيف يعقل أن يكون تغسيل الأموات وتكفينها ودفنها من الواجبات التوصلية فحاصل الفرق بين القسمين أن التعبدي مشروط بالقربة والتوصلي لا يشترط فيه ذلك وقد يفرق بينهما بوجهين آخرين أحدهما لزوم المباشرة في الأول بخلاف الثاني إذ يجري فيه حصول الفعل في الخارج ولو بمباشرة من غير المكلف الثاني اجتماع الثاني مع الحرام بخلاف الأول إذ لا يعقل أن يكون العبادة محرمة وكلاهما فاسدان أما الأول فلأن القائل بالفرق المذكور إن أراد به أن ظاهر الأوامر التوصلية يقضي بعدم لزوم المباشرة من المخاطب بالخطابات الدالة على هذه الواجبات فهو مما لا ينبغي أن يصغى إليه ضرورة أن ظاهر الصيغ الأمرية توجه التكليف المستفاد منها إلى خصوص المخاطب بها كيف وحال الفاعل ونفس الفعل سواء فلو احتمل أن لا يكون الفاعل المخاطب مباشرا له فيحتمل أن لا يكون نفس الفعل مأمورا به أيضا وذلك ظاهر جدّا وإن أراد بذلك أن مجرد كون الواجب توصّليا يقضي بأن لا يكون المباشرة للفعل المأمور به واجبا وإن كان ظاهرا في المباشرة بحسب القواعد اللفظية فهو أوضح فسادا من سابقه إذ ليس فيها ما يقضي إذ لا نعني بالتوصلية إلا ما لا يكون قصد القربة معتبرا فيه وذلك لا يقتضي شيئا وإن أراد بذلك أن أدلة جواز الاستنابة إنما هي حاكمة على ظاهر الأوامر الواردة في الأفعال الخاصة وهي لا تجزي في التعبديات فهو منقوض بجملة من التوصليات التي لا يجوز فيها الاستنابة كالمضاجعة والجماع وبجملة من التعبديات التي يصح الاستنابة فيها كالحج والزيارة ونحوهما والوجه في ذلك أن أدلة النيابة لا اختصاص لها بواجب دون واجب ففيما يكون محله لا يفرق بين التعبدي والتوصلي فإن قلت لا ينبغي إنكار عدم لزوم المباشرة في الواجبات التوصلية ضرورة حصول الواجب فيها بفعل الغير كما في غسل الثوب إذا التزم غسله غير

59

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست