responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 41

إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)


أن من المحقق في مقامه أن الأحكام الوضعية مما لا تقبل الجعل فإنها أمور واقعية قد كشف عنها المطلع عليها فمرجع اشتراط الصلاة بالطهارة إلى أن الشارع قد كشف عن توقف وجود الصلاة بحسب الواقع على الطهارة فالصلاة الواقعية مما يمتنع حصولها بدون حصول الشرائط فمرجع المقدمة الشرعية إذا لم يكن على وجه التقييد أيضا إلى المقدمة العقلية وذلك أمر ظاهر بعد الاطلاع على ما هو المحقق في محله ولا خفاء في دخول الأقسام الثلاثة كلها في النزاع ومنها تقسيمها إلى مقدمة الصحة ومقدمة الوجوب ومقدمة العلم ومقدمة الوجود والتحقيق رجوع الثلاثة الأول إلى الأخيرة فإن وجود الصحة والوجوب والعلم موقوف على مقدماتها إلا أنهم لاحظوا الموصوف بهذه الأوصاف فاعتبروا تقسيم المقدمة بالنسبة إليه ملاحظا فيه حال تلك الأوصاف فما يتوقف عليه وجود ذلك الموصوف هي مقدمة الوجود وما يتوقف عليه الأمر به هي مقدمة الوجوب وما يتوقف عليه صحة هي مقدمة الصحة وما يتوقف عليه العلم بوجوده وتحققه هي مقدمة العلم والأمثلة ظاهرة كنصب السلَّم والاستطاعة والطهارة وإيقاع الصلاة في أربع جهات عند اشتباه القبلة ثم إنه لا شك في دخول مقدمة الوجود في النزاع وخروج مقدمة الوجوب إذ لا يعقل أن يكون مقدمة الوجوب واجبة لأن وجوب ذيها متفرع على وجودها فما لم يوجد لم يتحقق وجوب وعلى تقدير وجوده لا يعقل وجوبه لامتناع طلب الحاصل ولا فرق في ذلك بين أن يكون مقدمة الوجوب فقط أو كانت مع ذلك مقدمة للوجود أيضا ولا كلام في دخول مقدمة الصحة أيضا وهل المقدمة العلمية داخلة في حريم الخلاف مطلقا أو فيما إذا كانت خارجة عن حقيقة الواجب ولم يحتمل أن يكون هو الواجب كمسح جزء من الكعبين وغسل جزء من الرأس وما فوق المرفق للعلم بحصول الواجب منها وأما إذا كانت المقدمة العلمية مما يحتمل مدخليتها في حقيقة الواجب شرطا أو شطرا ومن جهة احتمال كونها نفس الواجب فلا خلاف فيها لأنها من موارد القاعدة التي قد أجمع الكل عليها من أن الشغل اليقيني يقتضي البراءة اليقينية أو تكون خارجة عن النزاع مطلقا لقطع العقل بوجوبها مطلقا وجوه بل وأقوال والتحقيق أن يقال إنه لا ينبغي انتزاع في المقدمة العلمية مطلقا بل ينبغي أن يكون وجوبها مفروغا عنه على تقدير وعدم وجوبه كذلك على تقدير آخر وتوضيح ذلك أن الوجوب المتنازع فيه في المقام إن كان المراد به ما يترتب على فعل الواجب المتصف به الثواب وعلى تركه العقاب كما زعمه بعضهم فينبغي أن لا يكون المقدمة العملية محلا للنزاع وإن كان المراد به الطلب الحتمي الذي يكشف عنه العقل على وجه يكفي في حامل التكليف نفس حكم العقل من دون مدخلية لما يترتب عليه من الثواب والعقاب فالمقدمة العلمية مما لا ينبغي النزاع في وجوبها بيان الأول يحتاج إلى تمهيد فنقول إن الطلب يقع على وجهين أحدهما ما ينقدح في نفس الطالب والآمر من الإرادة المتعلقة بالفعل على وجه المولوية والآمرية وإن كان الداعي إلى ذلك الطلب والأمر هو ما يترتب على نفس الفعل المطلوب بناء على ما ذهب إليه العدلية من الملازمة الثاني ما يوجده الطالب على جهة الإرشاد إلى ما هو الكامن في المأمور به لكن لا على وجه الآمرية والمولوية كما في أوامر الطبيب بالنسبة إلى المريض فإنها طلب حقيقي إلزامي لا يرضى بترك ما تعلق به أصلا ووقوع الطلب على هذين الوجهين مما لا ينبغي أن ينازع فيه ومن لوازم الأول ترتب الذم والعقاب عند المخالفة فيما إذا كان الأمر ممن له أهلية ذلك والمدح والثواب عند الإطاعة ومن لوازم الثاني ترتب ما هو مترتب على نفس الفعل المطلوب من المنافع والمضار فقول الطبيب بردّ مثلا ينحل إلى جزء مادّي وهو التبريد وجزء صوري يفيد تعلق إرادة الطبيب بوجود التبريد من المريض لما فيه من المنافع الملائمة لطبيعة المريض ومخالفة قوله لا يترتب عليها شيء عدا ما يترتب على مخالفته عدا ما يترتب على نفس ترك التبريد فالهيئة في الأمر لا يترتب على مخالفتها شيء وقول المولى للعبد اضرب زيدا يترتب على مخالفة الضرب ما هو من لوازم عدمه من المفاسد ويترتب على نفس مخالفة المولى وترك ما هو مراده الذم والعقاب فالهيئة الأمرية الكاشفة عن الإرادة الحتمية الطلبية لا يترتب على مخالفتها شيء آخر سوى ما يترتب على عدم نفس المادة وانتفائه من المفاسد وإذ قد تقرر ذلك فاعلم أن الإتيان بالمقدمة العلمية في مورد الاحتياط اللازم إنما هو بواسطة تحصيل العلم بوجود ما هو المأمور به في الواقع والعلم بالامتثال وإن كان من الأمور الواجبة التي يستقل بها العقل إلا أن ذلك الوجوب وجوب عقلي إرشادي لا يترتب على امتثاله مصلحة زائدة على مصلحة المأمور به ولا على مخالفته عقاب آخر غير العقاب اللازم على تقدير ترك المأمور به وإذا كان حال ذي المقدمة على هذه المثابة فكيف يعقل أن يكون المقدمة مما يترتب على تركه العقاب أو على فعله الثواب فإن ذلك في الحقيقة راجع إلى وجوب الإطاعة وحرمة المعصية ومن الأمور التي ينبغي أن لا يخفى على أوائل العقول أن الأمر بالإطاعة ولو كان أمرا شرعيا يمتنع أن يكون أمرا تكليفيا إذ الأمر الأول إما أن يكون كافيا في حمل المكلف على التكليف أو لا يكون فعلى الثاني لا يكون الأمر الثاني أيضا كافيا لاستوائهما في الطلب واختلافهما في المادة مما لا يفيد شيئا إذ الحامل على التكليف هو الكاشف عن الطلب ولا دخل للمادة فيه وعلى الأول لا حاجة إليه ولا يعقل أن يكون تأكيدا للأول لأن المؤكد إنما يكون في مرتبة المؤكد والأمر بالإطاعة إنما هو متفرع على الأوّل إذ الإطاعة عبارة عن الإتيان بالمأمور به فلا يتحقق لها مصداق إلا بعد تحقق مصداق الأمر فكيف يكون اللفظ الدال على طلب الإطاعة مطابقا في المدلول للأمر الأول كما في قولك اضرب اضرب مثلا نعم المطلوب منه في لب المعنى هو المطلوب في الأمر الأول وذلك هو معنى الإرشاد في هذه الأوامر وبالجملة فقوله تعالى أطيعوا اللَّه ورسوله لا يترتب على مخالفة بترك الإطاعة سوى ما يترتب على عدم مادة الإطاعة التي

41

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست