responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 38


لا بد من تمحل إما بالقول بأنها من كثرة ارتباطها إنما قدمت نفسها فيكون قدم على ما هو المعهود من استعماله متعديا وإما بالقول بأن قدم بمعنى تقدم فيكون التفعيل للتكثير كما في قوله تعالى وغلقت الأبواب وقولهم موّتت الإبل وقولهم فرّح بمعنى تفرح وعلى الثاني فلا إشكال لأنها مأخوذة من مقدمة الجيش وهي على الظاهر طائفة من الجيش تقدم في المسير ليكون عيونا لهم من الأعداء فيكون التفعيل للتعدية لأنهم قدموهم على أنفسهم ومن هنا يظهر أن التاء فيها للتأنيث من حيث اعتمادها على موصوف مؤنث كما في قولهم باقية وسارية وباغية وطاغية لاعتمادها على النفس المحذوفة لفظا وليست للنقل كما توهم لعدم ثبوت النقل أولا وعدم ثبوتها ثانيا أما الأول فلأن المنساق منها عرفا واصطلاحا وإن كان مختلفا فإن المراد منها اصطلاحا أخص مما هو المراد منها عرفا إذ لا يلاحظ الارتباط بين المقدم والمؤخر في العرف وفي الاصطلاح لا بد من ملاحظة الارتباط والتوقف بينهما فوجود زيد وإن كان سابقا على وجود عمرو لا يكون مقدمة لوجود عمرو اصطلاحا إذا لم يتوقف وجوده عليه ويكون مقدما عليه لغة وعرفا إلا أن مجدد الاختلاف لا يقضي بالنقل وأما الثاني فلما قرر في محله وبالجملة فالمقدمة بحسب مصطلح الأصوليين عبارة عما يتوقف عليه الشيء والمناسبة بين المعنيين ظاهرة وكيف كان فلها تقسيمات مختلفة باعتبارات متفاوتة منها تقسيمها إلى الداخلية والخارجية فالمراد بالأول ما كان داخلا في ذيها كأجزاء الماهية المركبة فإنها مما يتوقف عليها ضرورة احتياج الكل إلى الأجزاء مع دخولها في حقيقة الكل وماهيته والمراد بالثاني ما كان خارجا عنها فيما إذا كان مما يتوقف عليه وجود ذيها وهذا القسم في الواقع يقع على أنحاء فتارة يكون على وجه يمتنع تخلف ذيها عنها وتارة يكون على وجه لو لم يكن ما يمنع منه لكان مترتبا عليه وتارة يكون مما يستند إليه بعد حصول الشرائط المعتبرة في تأثيره أو في تأثر المحل منه وتارة يكون على وجه له مدخل في وجود ذي المقدمة فتارة بوجوده فقط وأخرى بعدمه فقط ومرة بهما معا وقد جرى اصطلاح أرباب النظر على تسمية القسم الأول بالعلة التامة كما يظهر من مطاوي كلماتهم والقسم الثاني بالمقتضي ويدل على ذلك ملاحظة موارد استدلالاتهم في المقامات المختلفة من وجود المقتضي وارتفاع المانع فلو لا أن المقتضي هو مجموع ما يتوقف عليه الشيء ما عدا المانع لم يكن الاستدلال موجها لاحتمال انتفاء شرط من شروط التأثير ويظهر من بعضهم أن السبب في مصطلح الفقهاء هو المقتضي وليس كذلك بل الظاهر أن السبب في مصطلحهم هو القسم الثالث وعلى تسمية القسم الرابع بالشرط والخامس بالمانع والسادس بالمعد ولا يخفى أن ما ذكرنا من انحصار المقدمات في الأمور الستة إنما هو بملاحظة أوليته وإلا فلا حصر في ذلك فإن جزء المقتضي أو السبب أو الشرط فيما إذا كان مركبا لا يكون شيئا من الأمور المذكورة مع أنه من الأمور التي يتوقف عليها المعلول كما هو ظاهر ثم إن المقصود من هذا التقسيم في المقام تشخيص ما هو مراد المفصّل بين السبب وغيره إلا أنه لما كان منوطا بذكر الحدود التي هي مذكورة في كتب القوم لهذه الأنواع من المقدمات فلا بأس بإيرادها وملاحظة ما يرد عليها ثم يذكر ما هو الظاهر من مراد المفصل فنقول قد عرفوا السبب بأنه ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته وإنما قيد بقولهم لذاته لئلا ينتقض عكس الحد بالسبب الذي لم يستلزم وجوده وجود المسبب بواسطة وجود المانع أو عدمه العدم لقيام سبب آخر مقامه فإن السبب المجامع للمانع أو لعدم الشرط لا يوجب وجودا كما أن عدمه مع قيام مثله لا يورث عدما وهذا هو الذي اختاره المحقق القمي في المقام واعترض عليه بعض الأجلة بعد أن المعنى المذكور بعيد عن مراد المفصل في المقام على ما ستعرف الوجه فيه بأنه إن أريد بالاستلزام دوامه لم يتناول السبب الناقص وكذا إن أراد الاستلزام بحسب الذات كما هو الظاهر من لفظ الحد لامتناع تخلف ما بالذات عنها وإن أراد الاستلزام في الجملة دخل الشرط أيضا لأنه قد يستلزم ذلك إذا أخذت بشرط المقارنة لغيرها وفيه أن المراد بالاستلزام هو ما يقتضيه المقتضي لوجود الشيء الذي يجامع وجود المانع من غير اعتبار شيء زائد في المقتضي فلا يرتبط المقام بما زعمه من امتناع تخلف ما بالذات فإن قولنا لذاته تارة يعتبر على وجه يراد منه ملاحظة نفس الشيء وذاته من غير اعتبار شيء آخر فيه أو معه من وجود شيء آخر أو عدمه أو غير ذلك وتارة تلاحظ على وجه يستفاد منه استناد الحكم المذكور في الكلام إلى ذات الشيء وحقيقته وهويته والمعترض إنما خلط بين الوجهين فإن قولهم لذاته في التعريف المذكور من قبيل الأول والمعترض إنما حمله على الوجه الثاني فاعترض عليه بامتناع تخلف ما بالذات كما لا يخفى واعترض أيضا بأن قوله ويلزم من عدمه العدم مستدرك إذ ما يقيد وجود الشيء ولا محالة يرتفع ذلك الشيء بارتفاعه فلا حاجة إلى ذكره فإن قلت فلعل ذكره بواسطة إخراج المانع قلنا ذلك واه جدّا لأنه صرح بخروج المانع من الجملة الأولى هذا ما ذكره بعد التوضيح وأنت خبير بما فيه أما أولا فلأن الجملة الثانية بمنزلة الجنس لماهية السبب وحقيقته واستيفاء ذاتيات المعرف أو ما هو بمنزلتها من الأمور العامة في صناعة التعريف ثم ذكر الخواص المميزة له عن مشاركات تلك الأمور العامة ليس بأمر عجيب ولا بشيء مرغوب عنه بل من الأمور المستحسنة بل اللازمة نعم يبقى في المقام بيان وجه تقديم ما هو بمنزلة الفصل على ما هو بمنزلة الجنس فإن الترتيب الطبيعي في التعاريف هو ذكر الجنس أولا ثم الفصل كما هو ظاهر فلعل الوجه في تقديم ذلك في المقام هو التنبيه على أن المقصود الأصلي من السبب هو الوجود أو غير ذلك من النكات وبالجملة فأمثال ذلك لا يعدّ من المستدرك نعم لو كان ما هو بمنزلة الجنس مما يغني عما هو بمنزلة الفصل كان الإيراد بالاستدراك موجها وأما ثانيا فلأن ما زعمه في توجيه كلامه في غاية السخافة إذ لا ينبغي لذي مسكة أن يتوهم أن ذكر الجملة الثانية لإخراج المانع إذ هو مما يلزم من وجوده العدم

38

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست