نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 306
إنما هو بعد فرض تساوي الفاضل والمفضول في جميع الجهات غير الفضل فيجب اتباعه بحكم العقل القاطع بوجوب العمل بأقوى الأمارتين الثالث إمكان دعوى الاتفاق على سقوط إنكار العوام والمقلدين عن درجة الاعتبار في جميع المقامات حتى الترجيح نعم قضية ما أسّسه الفاضل القمي رحمه الله من الأصل كون المقلد كالمجتهد في الأخذ بالأمارات كائنا ما كان ولكنه لم أجد موافقا له في ذلك كما مر غير مرة فإن كل من أجاز التقليد جعله من الظنون الخاصة الثابت حجيتها بالدليل لا من الظنون المطلقة الناشئة من الدليل الرابع في حق المقلد وبالجملة ما ذكره الجماعة في منع صغرى الدليل المزبور بعد تسليمه مما لا يقدح في تماميته لأن حصول الأقوى من الأدون بملاحظة موافقته لبعض الأمور وعدمه سيان في عدم مصادمته ومقاومته لقول الأعلم نعم يمكن المناقشة في الصغرى بوجه آخر لأن قول المفضول ربما يكون مفيدا للظن الأقوى من حيث الأمور الداخلية مثل أن يكون قوة الظن مستندة إلى فحصة وبذل جهده زيادة عما يعتبر في اجتهاد المجتهدين من الفحص فإن هذا الظن ظن مستند إلى قول المفضول نفسه فيكون معتبرا لحصوله من الطريق الشرعي ولا يتوهم أن الأعلمية تنافي نقصان فحص الأعلم عن فحص المفضول لأن التعدي عن المقدار المعتبر من الفحص ليس بواجب على المجتهد فقد يقتصر الأعلم على ذلك المقدار ويتعدى المفضول عنه فيحصل الظن من قوله أقوى من الظن الحاصل من قول الأعلم المقتصر على القدر الواجب من الفحص لأن ذلك غير مناف أيضا للأعلمية فإن زيادة العلم إنما تجدي عند التساوي من جميع الجهات الداخلية المفيدة للظن وستعرف الكلام في هذا الفرض وأنه يحتمل فيه وجوه ثلاثة وربما أجيب عن منع الصغرى أولا بأن فرض حصول الظن من قول الأدون نادر في الغاية وإن كان ممكنا سيّما في حق المتجزي ومن دونه من المحصّلين البالغين رتبة من العلم وبناء الشرع على الغالب فينزل عليه ما دل على وجوب الأخذ بأقوى الأمارتين وفيه أنّ دليله المعتمد عليه إنما هو العقل وهو غير فارق بين الغالب والنادر وثانيا أنه إذا ثبت وجوب تقليد الأعلم يحصل الظن الأقوى من قوله فيثبت فيما عداه من الصور لعدم القول بالفصل ثم قال لا يقال يمكن معارضة هذا بمثله فيما لو حصل الظن الأقوى من قول المفضول لأنا نقول هذا حسن لو لم ينعقد الإجماع على عدم تعيين تقليد المفضول مطلقا وأما معه كما هو الظاهر فلا سلمنا لكن نقول حيث حصل التعارض وجب الرجوع إلى الترجيح ومعلوم أنه مع ما دل على وجوب العمل بقول الأعلم وأما منع الكبرى فهو صريح القوانين والمفاتيح ربما نقل عن مناهج النراقي أيضا وحاصله أن تعيين الأعلم لقوة الظن الحاصل من قوله إنما يتم إذا كان المناط في التقليد حصول الظن لا التعبّد فعلى تقدير كونه تعبدا محضا راجعا إلى نحو من السببية المطلقة كالعمل بالبينة عند القائلين بها تعبدا فلا وجه لملاحظة قوة الظن وضعفه بل بحسب الاعتماد على أحدهما تخييرا كما في البينة المتعارضة وإلى هذا أشار في القوانين حيث قال بعد منع الصغرى ودعوى كون المدار على ظن المقلد الحاصل من أي شيء وإن أرادوا أن ذلك مشير إلى التقليد حكم آخر ينوب مناب الحكم الواقعي وإن لم يحصل الظن بالحكم الواقعي كالتقية النائية عن مراد الحق فلا دليل على وجوب الترجيح فإن الذي ثبت من الدليل أنه إذا لم يكن للمقلد العلم بحكم اللَّه الواقعي يجوز العمل بظن كل من تمكن من استنباط الحكم من هذه الأدلة وأما إن ظن هذا الشخص هل هو كاشف عن الواقع أم لا فلا يحتاج إليه على هذا الفرض وحينئذ فلا دليل على اعتبار الأقوى بل لا معنى لاعتبار الأقوى والأقرب والأرجح لأن قولنا حكم اللَّه الظاهري هو ما كان أرجح لا بد له من متعلق ومن بيان أرجحيته في أي شيء انتهى كلامه رفع اللَّه مقامه وجوابهم ثبوت الواسطة بين ما زعموه من الظن الشخصي والتعبد المحض لأن حجية الأمارات تارة تناط بحصول الظن الشخصي وأخرى بحصول الظن النوعي وأيضا أن كل الأمارات الشرعية أو جلها حجيتها إنما هي من أجل إفادتها الظنّ شأنا ونوعا لا شخصا وفعلا ولا تعبدا محضا يدل على ذلك في المقام أولا الأصل المقرر في نظائر المقام كما مر غير مرة لأن البناء على التعبد المحض يقتضي البناء على التخيير فيما إذا اختلفت الأمارتان بحسب الظن النوعي بخلاف البناء على كون حجيتها من جهة الظن النوعي فإن مقتضاه متابعة الأقوى خاصة اقتصارا فيما خالف الأصل على القدر المتيقن كما ظهر وجهه غير مرة وثانيا اشتمال جملة من الأخبار الخاصة التي هي عمدة أدلة شرعية التقليد على قدح المفتي بالوثاقة وصدق الحديث وهذا يفصح عن كون اعتبار الفتوى من جهة إفادتها الظن نوعا والحاصل أنه لا إشكال في أن بناء التقليد ليس على السببية المحضة والتعبد المحض وما ذكروه من عدم ملاحظة مراتب الظنون إنما يتجه في الأمور التعبدية المحضة الراجعة إلى السببية المطلقة وأما في الطرق المعتبرة من حيث إفادتها الظن نوعا لا شخصا فلا ضرورة قضاء بداهة العقول بمراعاة أقوى الأمارتين اللتين حجيتهما من جهة الظن النوعي وبالجملة ليس الأمر كما توهمه الفاضل القمي رحمه الله من كون التقليد أحد الظنون المطلقة الشخصية حتى يتجه الأخذ بقول الميت والمفضول إذا كان الظن الحاصل منه أقوى من الحي الأعلم ولا كما زعمه المانعون عن الكبرى من كونه تعبّدا محضا حتى ينهدم أساس الأخذ بأقوى الأقوال نوعا بل أمر بين الأمرين وقصد بين الإفراط والتفريط واللَّه العالم وربما استدل على وجوب تقليد الأعلم بأمور أخر زيادة عما ذكرنا منها ما عن كشف اللثام وشرح الزبدة للفاضل الصّالح من أن تقليد المفضول مع وجود الأفضل يستلزم ترجيح المرجوح على الراجح وهذا في الحقيقة دليل من الأدلة المستدل بها على كبرى القياس المزبور ويحتاج في تقريبه إلى فرض سقوط الظنون الخارجية التي تحصل للمقلد عن الاعتبار كما هو الحق ألا فمن الواضح عدم جريانه إذا تساوى الظنان
306
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 306