نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 301
إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)
الأفضل فتخير بينه وبين المفضول وبها يخرج عن حكم الأصل القاضي بالاقتصار على الأفضل وجوابها بعد الغض عما في دلالتها على جواز أصل التقليد من المناقشات الواضحة المتقدم إلى جملة منها الإشارة أنه ليس في شيء منها دلالة على مساواة الأفضل والمفضول عند اختلافهما في حكم المسألة لا من حيث الإطلاق ولا من حيث العموم ولا من حيثيات أخرى فإن منها ما ورد في مقام جعل طائفة من العلماء مرجعا للجهال القاصرين عن إدراك معالم الدين بأنفسهم فلا يدل إلا على انحصار الحجة في هذه الطائفة وعدم جواز الرجوع إلى غيرهم وأما أن كل واحد منهم حجة مطلقا أو عند فقد المعارض فهو بمعزل عن بيان ذلك ومن هذا القبيل قول اللَّه عز وجل * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * فإن إضافة اسم الجمع إلى الجمع لا يفيد إلا تعلق الحكم بجنس الجمع فلا يستفاد منها إلا ثبوت الحجية لجنس العلماء حتى لو احتملنا اشتراط اتفاقهم في أصل المرجعية وأنهم إذا اختلفوا كان المرجع غيرهم لم يكن دفع هذا الاحتمال بالإطلاق أو العموم فضلا عما لو التزمنا بالحجية عند الاختلاف واحتملنا ترجيح أحد المتخالفين على الآخر باعتبار ما فيه من المزية التي ليست في الآخر أ لا ترى أنه إذا قيل للمرضى ارجعوا إلى أهل الطب في مقام بيان المرجع لم يستفد منه إلا عدم جواز الاستعلاج من غير هذا الجنس بحيث لو اختلف الأطباء في المعالجة فربما يتوقف حينئذ في أصل مرجعيتهم رأسا فضلا عن مرجعية كل واحد على سبيل التخيير وهذا مثل المطلقات الواردة في بيان حكم آخر التي لا يرتفع منها شيء من جهات الشك ويؤيده أن السؤال ثانيا عن حكم اختلاف المرجع حينئذ ليس مما علم جوابه من الحكم الأول بحيث لو حكم بعدم كونهم مرجعا رأسا أو بمرجعية خصوص أحد المتخالفين عينا لم يكن منافيا لما تقدم من الأمر بالرجوع إليهم كما لا يخفى ومنها ما دل على وجوب الرجوع إلى كل واحد واحد عينا على قيام العام الأصولي فيستفاد منه أن كل واحد من العلماء حجته شأنية لو لا المعارض وأما معه فلا دلالة فيه أيضا على حكم لأن الحكم بدخول المتعارضين معا تحته ممتنع وتعين أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح مثل ما إذا وجب إنقاذ كل غريق عينا ووقع المزاحمة بين الإنقاذين فإن الدليل الدال على إنقاذ الغرقى مما لا سبيل إلى تناوله لهما معا ولا لأحدهما المعين بل الغير المعين فيرجع الأمر في الترجيح أو التخيير إلى ما رآه العقل وقد عرفت فيما تقدم آنفا أن شغل العقل في مثل هذا التخيير الوقوف عند ما يحتمل رجحانه على الآخر ولو سلم حكمه بالتخيير حينئذ فهذا خروج عن الاحتجاج بالإطلاقات كما لا يخفى ومن هذا الباب آية النفر وآية الكتمان وقول الحجة صلوات اللَّه عليه وعجل اللَّه فرجه في التوقيع الشريف فارجعوا إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة اللَّه فإن قضية الآيتين وجوب الحذر والقبول عقيب كل إنذار وإظهار وكذا قوله عليه السلام فإنهم حجتي يدل على حجية كل واحد من الرواة عينا بحسب الشأن الملحوظ فيه عدم المعارض وأمّا معا فلا يستفاد حجية أحد المتعارضين منه تعيينا ولا تخييرا نعم يحكم العقل فيه بالتخيير إذا علم بالتساوي في الاهتمام وبالجملة هذا القسم والقسم الأول لا يتفاوتان في إفادة التخيير الشرعي بين الحجتين المتعارضتين حتى يتناولا بإطلاقهما موضع النزاع أعني تعارض الأفاضل والمفضول ومنها ما لا يأبى عن الدلالة على التخيير الشرعي بينهما في نفسه لو لم يكن قد ورد في مقام بيان حكم آخر فالفرق بينه وبين الأولتين أنهما قاصرتان عن إفادة التخيير شأنا بخلاف هذا القسم فإن له أهلية لذلك لو كان المقام مقتضيا له ومن هذا القبيل قوله عليه السلام في خبر أبي خديجة المتقدم إليه الإشارة ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا إلى آخره فإن إطلاق الرجل يتناول كل واحد من المتعارضين فيكون دليلا على التخيير الشرعي فإن امتثال الأوامر المطلقة يحصل بإتيان بعض الأفراد مخيرا بينها لأن قاعدة الإطلاق وقبح الإغراء بالجهل يقتضيان البناء على التخيير في مقام الامتثال ولا ينافي كونه تخييرا شرعيّا تسميته تخييرا عقليا أيضا لأن المراد به استناد التخيير إلى حكم العقل المستند إلى الإطلاق وقبح الإغراء بالجهل ومثله ما في مقبولة عمر بن حنظلة لكن انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا إلى آخره وقول العسكري صلوات اللَّه عليه في رواية الاحتجاج المروية عن تفسيره عليه السلام وأما من كان من الفقهاء صائنا لدينه وحافظا لنفسه كاسرا لهواه تابعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه فإن الظاهر من الموصول جنس للفرد دون الجمع أو الاستغراق والمعنى أن للعوام تقليد أحد من الفقهاء الموصوفين بالأوصاف المزبورة وهذا يشمل بإطلاقه صورة الاختلاف كما مر وروي أن أبا الحسن عليه السلام كتب جوابا عن السؤال عمن يعتمد عليه في الدين اعتمدا في دينكما على كل من في حبّنا كثير القدم في أمرنا وهذا أيضا يدل على التخيير مثل قوله انظروا إلى رجل لأن الاعتماد على كل واحد من أفراد الرجل عينا لا يجوز الأمر به جدا فينزل على التخيير والجواب عن هذه الأخبار ونحوها مما يشاركها في إفادة التخيير أنها قد وردت نهيا عن الرجوع إلى فقهاء المخالفين ورواتهم وحكامهم فلا يستفاد منها سوى جعل فقهاء الشيعة مرجعا لعوامهم لعدم ورودها على هذا التقدير في مقام بيان الحجية العقلية حتى يتمسك بإطلاقها بل في مقام تشخيص طائفة المرجع من غيرها في الجملة ومما يدل على ذلك أن عمر بن حنظلة سأل ثانيا عن حكم صورة الاختلاف فقال فإن اختار كل منهما أي المتحاكمين رجلا من أصحابكم فاختلفا في حكمكم إلى آخره إذ لو كان في قوله انظروا إلى من كان منكم إطلاق متناول لصورة التعارض لم يكن بهذا السؤال ثانيا وجه ولكان تعيين الإمام عليه السلام الأعدل والأفقه عند المعارضة مخصّصا ولا يذهب إليه ذاهب وأولى بعدم الإطلاق من الجميع ما في رواية الاحتجاج الواردة في مقام بيان الفرق بين علماء اليهود وعلمائنا لا في مقام بيان التكليف الفعلي المحتاج إليه لأن الرجل السائل كان يعلم أن تكليف عوامنا هو الرجوع إلى علمائنا أشكل عليه ذم اللَّه تعالى
301
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 301