نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 290
العزيز بن المهدي لما قال ربما أحتاج ولست ألقاك في كل وقت أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ منه معالم ديني قال نعم وغير ذلك مما لا يخفى على المتتبع ومنه قول أبي لعميري وابنه ما سمعت وإن كان ظاهره في الرواية دون الفتوى وأما الطائفة الثانية فمنها ما يدل على وجوب قبول الحكم عند الترافع مثل قول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن حنظلة المتلقى بالقبول انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حاكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنه بحكم اللَّه استخفّ وعلينا ردّ والراد علينا رادّ على اللَّه وهو على حدّ الشرك باللَّه عز وجل ومثل قوله أيضا في خبر أبي خديجة إياكم أن يحاكم بعضكم إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم حكما فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه ووجه الاستدلال بها على التقليد إما لأن قبول الحكم يستلزم قبول الفتوى بالإجماع المركب أو بالأولوية كما قيل فتأمل أو لأن الترافع قد يكون من جهة اختلاف المتحاكمين في حكم اللَّه تعالى فيكون قبول الحكم حينئذ متوقفا على اعتبار فتواه في بيان الحكم الشرعي إذ لو لا ذلك لما حصل فصل للخصومة وهو واضح ومنها ما يدل على جواز الرجوع إليهم من غير تقييد بالرواية أو الفتوى فيكون بإطلاقه دليلا على جواز التقليد لأهله كما يكون دليلا على جواز العمل بالرواية لأهله مثل قول الحجة عجل الله فرجه في التوقيع الشريف لإسحاق بن يعقوب على ما عن كتاب ألفية الشيخ وإكمال الدين للصدوق والاحتجاج للطبرسي وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة اللَّه حيث إن الأمر بالرجوع إلى الرواة لو سلم ظهوره في العمل بالرواية فمقتضى التعليل بأنهم حجة على الناس من قبل الإمام وجوب الأخذ بفتاويهم أيضا لأن المجتهد يجب اتباعه في كل ما يخبر به سواء كان نفس الحكم الشرعي أو دليله بل يقتضي ذاك التعليل وجوب الرجوع إلى أقوالهم بعد موتهم أيضا لأن موت الحجة لا يوجب سقوط اعتبار قوله ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام وأنا حجة اللَّه عقيب التعليل المزبور الدال على كون حجيتهم مثل حجيته عليه السلام فإن حياة الحجة ومماته سيان في اعتبار قوله ومنها ما نص على جواز تقليد الفقيه الجامع لسائر شرائط الفتوى كالعدالة مثل ما في محكي الاحتجاج عن تفسير العسكري عليه السلام في قوله تعالى * ( ومِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ ) * الآية واردة في ذم عوام اليهود والنصارى في متابعة علمائهم في إنكار آيات النبوة وآثارها وهو طويل لا بأس بذكره على طوله تيمنا وتبركا بذكره وهو أنه قال رجل للصادق عليه السلام وإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلا ما يسمعون من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلَّدون علماءهم وإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم فقال عليه السلام بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة أما من حيث استووا فإن اللَّه تعالى ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم بتقليدهم علماءهم وأما من حيث افترقوا فلا قال بيّن لي يا بن رسول اللَّه قال عليه السلام إن عوام اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشا وتغيير الأحكام عن وجهها بالشفاعات والعنايات وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون اللَّه أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه لمن تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلمهم وعرفوهم يقارفون المحرمات واضطرّوا لمعارف قلوبهم إلا أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على اللَّه تعالى ولا على الوسائط بين الخلق وبين اللَّه تعالى فلذلك ذمّهم لما قلدوا من عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إذا كانت دلائله أوضح من أن يخفى وأشهر من أن لا يظهر لهم وكذلك عوام أمّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها وإهلاك من يتعصّبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا بالترفرف بالبرّ والإحسان على من تعصّبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا من قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمّهم اللَّه تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلَّدوه وذلك لا يكون إلَّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم فأما من ركب من القبائح مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة وإنما كثر التخليط فيما يتحمل منا أهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين لتلك لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم وأخرى يتعمدون الكذب علينا ليجزوا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم ومنهم قوم نصّاب لا لا يقدرون على القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون عند شيعتنا وينقضون بنا عند أعدائنا ثم يضعون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها فينقلوا للمسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا فضلوا وأضلَّوا أولئك أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد لعنه اللَّه على الحسين بن علي عليهما السّلام انتهى الحديث الشريف دلّ بموضعيه على مشروعية التقليد في حق العوام أحدهما لما أشكل عليه ظاهر الآية الواردة في ذم تقليد عوام اليهود لعلمائهم لما وجده من المسلمات عند الشيعة من تقليد عوامهم لعلمائهم أجاب عليه السلام بإبداء الفرق بين التقليدين لا بإنكار أصل التقليد الذي كان هو الأولى بالجواب لو كان التقليد أمرا فاسدا من أصله وهذا تقرير منه عليه السلام لما اعتقده من مشروعية التقليد والثاني قوله عليه السّلام فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه إلى آخره فإنه صريح في حجية
290
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 290