نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 285
والصغرى معلومة والكبرى يستدل عليها بما يستدل به على كبرى دليلك أعني كل ما هو مظنون الحرمة بالظن الفعلي فهو حرام إذ لا فرق بين قولنا وقولك إلا أنك تدعي أن ظن المجتهد أو إخبار العدل مثلا علة لحدوث حكم اللَّه الثانوي وبقائه فيرتفع بارتفاعه ونحن ندعي أنه علة للحدوث خاصة وأما البقاء فلا يكفي أصل حدوث الظن آنا ما في بقاء الحكم الثانوي فإن طالبتني بدليل لأطالبنّك به فقولك إن الحكم بعد زوال الظن بالموت يبقى خاليا عن السند مصادرة واضحة كما قاله المعترض لأنا نقول دليلنا على كبرى قياسنا يعني على بقاء اشتراط الظن مثلا في بقاء الحكم الثاني عدم الدليل على أزيد من ذلك كما ستعرف في قدح مدارك التقليد لأنك قد عرفت أن الظن بالحرمة مثلا غير مستلزم لها في ذاته والقدر الثابت من الملازمة الشرعية التي دعتنا إلى الاستدلال بها على الحكم الثانوي إنما هي بينه وبين الظن بالحكم الأولي فعلا ومن ادعى ثبوتها بينه وبين الظن بحكم اللَّه الواقعي الأولي في أحد الأزمنة فهو مطالب بالدليل لأن كلامنا مبني على الأخذ بالقدر المتيقن فيما هو مخالف للأصل ومن هنا ظهر أن الاعتراض الثاني ليس من آداب المناظرة لأن مطالبة الدليل من المنكر مع عدم إقامة الحجة على الإثبات خروج عن قاعدة الاعتراض نعم يمكن أن يناقش على الدليل المزبور بأن تماميته تتوقف حينئذ على إعمال الأصل في المسألة فلا يكون استدلالا مع الإغماض عنه كما هو الشأن في كل مقام يجمع فيه بين الاستدلال بالأصل والدليل ومنها ما ذكره المحقق والشهيد الثانيان من أنه لو جاز العمل بفتوى الفقيه بعد موته لامتنع في زماننا الإجماع على وجوب تقليد الأعلم والأورع من المجتهدين والوقوف بالنسبة إلى الأعصار الماضية في هذا العصر غير ممكن وهذا الدليل بعين عباراته نقل أيضا عن المحقق المزبور والظاهر بل المتعين أن الفقير المضطر امتنع أن يرجع إلى العمل بفتوى الميت دون مطلق التقليد ووجه الملازمة على فرض واقعية الإجماع الذي ادّعاه واضح لأن تقليد الميت مشروط بأعلميته ولا سبيل للمكلف إلى العلم وأما المناقشة في ذلك بإمكان تحصيل العلم بالأعلمية والأورعية بالرجوع إلى الكتب والتصانيف الباقية كما في الوافية وتبعه غيره لأن الكتب والتصانيف كثيرا ما تقصر عن كشف مقدار فضيلة ونحن قد رأينا فضل المصنف على مصنفه في زماننا وبالعكس وقد يستدل بالإجماع المزبور على المدعى بعكس طريقة الاستدلال المذكور وهو أن تربية الزمان مثل بعض الأموات الأعلام كالشيخ والمرتضى والعلامة والشهيد والكركي وأمثالهم من أجلاء أهل التحقيق وكشف دقائق الفقه ودرك خفياته في كل عصر نادر بل معدوم فلو جاز تقليد الميت وجب الاقتصار على فتاويهم وينسد باب الفتوى بين الأحياء له كما في ما بين العامة وهذا مما يمكن بالحدس الصائب القطع بعدم رضاء صاحب الشريعة به وربما يكون في استقرار طريقة الخاصة على الاجتهاد دلالة واضحة على عدم الاعتداد بقول الميت كائنا من كان فإن هذا ليس من مجرد فضيلة الاجتهاد من دون مساس حاجة إليه ومنها أن العمل بالفتوى المتأخرة عند تعددها واختلافها واجب بالإجماع ولا يتميز في الميت فتواه الأولى عن الأخيرة وهذا الدليل أيضا منقول عن المحقق وأجاب عنه صاحب الوافية بأنه يمكن العمل بتقدم الفتوى وتأخرها في الميت عن كتبه وأنه لا يتم إلا في ميت تغير فتواه في مسألة واحدة ومنها أن اجتهاد الحي أقرب إلى الواقع عن اجتهاد الميت لأن الحي يقف غالبا على فتوى الميت وعلى ما هو مستنده فيها فإذا أفتى بخلافها علم أنه قد بلغ نظره إلى ما لم يكن قد بلغ إليه نظر الميت ولأن الرجوع من الخطإ إلى الصّواب ممكن في حق الحيّ دون الميت فيكون الأخذ بقول الحي أوثق ولا ينافي الأول كون الميت أفضل وأحوط من الحي بالمدارك كما توهم لأن أثر الفضل إنما يظهر في الأفكار الابتدائية فيمكن ظهور خطائه في الاستدلال للمفضول ولو من جهة الإصابة بالمعارض الذي خفي على الفاضل وأما ما قبل في الثاني من أن الرجوع من الفتوى قد يكون من الحق إلى الباطل وهذا الباب مسدود في حق الأموات بخلاف الأحياء فلا يكون في إمكان الرجوع دلالة على أقربية القول عن الواقع إذا لم يرجع لأن عدم الرجوع مع إمكانه إنما يقتضي تأكد الظن بالواقع إذا كان الرجوع دائما عن الخطإ إلى الصواب وحيث يمكن أن يتعاكس الأمر لم يكن فيه زيادة ظن فيمكن الجواب عنه بأن المدار على ما هو الغالب في رجوع المجتهدين ولا ريب أن أغلب موارد الرجوع رجوع عن الباطل وأما الرجوع عن الحق ففي غاية القلة فليتأمل وقد استدل على المطلوب بوجوه أخر أعرضنا عن ذكرها لعدم اعتمادنا في إثبات المدعى على غير الأولين من الأصل والإجماعات المعتضدة بظهور الاتفاق ولابتنائها على أن الموت يوجب زوال الظن وقد عرفت الكلام في ذلك وأنه لا بد وأن يرجع فيه بالآخرة إلى الأصل فقد تحقق وتبين مما ذكرنا أنه على فرض عدم تمامية حجج القول بالمنع لا يثبت دعوى المجوزين أيضا إلَّا بإقامة ما يعتمد عليه من الدليل وللقول بالجواز أيضا وجوه فمنها الكتاب والسنة والإجماع والعقل ومنها أنه لو لم يجز تقليد الميت لما أجمعوا على النقل إلى السلف وعلى وضع الكتب بيان الملازمة أنه لا فائدة في هذين إلا العمل بأقوال السلف والاعتماد عليها في العبادات والمعاملات وليس هذا إلا التقليد ولا ينافي ذلك كون الراجعين إلى كتبهم هم العلماء فإن العمل بقول الموتى على تقدير حرمته يساوى فيه العامي والعالم ومنها أن كثير البلاد وكثير الأزمنة فاقدة للمجتهد الحي فلو لا جاز العمل بقول الميت للزم العسر والحرج وضعف هذين الوجهين ظاهر وجوابهما واضح ولقد أطال الكلام المولى البهبهاني في تزييفهما والظاهر أن إطالة الكلام في بقية الأدلة أحسن منها فيهما لأن الرجوع إلى كتب السلف ليس للعمل بأقوالهم تعبدا بل للاستعانة على فهم مدرك المسألة وأيّ نفع أعظم من ذلك وأما لزوم العسر والحرج
285
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 285