responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 284


لا تبقى تلك الصّورة قطعا بل وحين النسيان والغفلة أيضا فما ظنك بما بعد الموت حيث صار الذهن جمادا لا حسّ فيه وهذا الاستدلال مبني على كون الظن جزءا من الأجزاء البدنية وهو غير واضح وإنما الذي نتعقله ويساعد عليه الوجدان بل البرهان أيضا هو الذي ذكرنا من كونه قوة من قوى الحيوان الناطق يدرك بها الأشياء النظرية وبه قوامها وتعينها بالحياة وبقاء تركيب الأخلاط الأربعة في هذا البدن ووجه ذلك أنه قد تقرر أن لكل خلط من الأخلاط الأربعة أثر في النفس الناطقة مثل أن أثر الصفراء هو الإدراك وسرعة الانتقال وجودة الذهن وأثر البلغم هو البلادة وسوء الفهم وبطء الانتقال وأثر الدم هو الشهوة والغضب وهكذا ولا ريب أن هذه الإشارة إنما تظهر من الأخلاط الأربعة في حال الحياة فإن الموت عبارة عن فناء هذه الأخلاط كلها في البدن وتجرد النفس وخروجها عن الجسمانيات وبالجملة لا خفاء ولا إشكال عند المحققين مثل المير والثانيين وأمثالهم أن الموت يوجب زوال الظن وأنه من الأعراض المشروطة بالحياة فدعوى بقائه بعد الموت واهية لا ينبغي الالتفات إليها وزعم صاحب الفصول وفاقا لبعض من تقدمه أن سبب زوال الظن إنما هو انكشاف حقائق الأمور بعد الموت ومنع عن قيام دليل قاطع على ذلك قبل قيام السّاعة وأنت قد عرفت أن زوال الظن ليس لأجل انكشاف الواقع وانقلابه بالعلم بل لأجل فناء محله الذي هو الذهن المتقوم بتركيب الأخلاط والقوى في البدن وأما انكشاف الأشياء عند النفس بعد الموت وعدمه فهو مقام آخر لا يتوقف على أحد الطرفين بفوت المطلوب لأنا لو لم نقل بالانكشاف لقلنا بزوال الظن أيضا لما ذكرنا ثم قال سلمنا يعني زوال الظنون وانكشاف واقع الأحكام للمجتهد لكن الاعتقاد الراجح المحقق في ضمن الظن مما يمكن بقاؤه بموافقة العلم الطارئ فيستصحب بقاؤه لعدم القطع بزواله إذ التقدير تجويز موافقة علمه لظنه وزوال تجويز النقيض انتهى وفيه أولا ما عرفت لا ملازمة بين زوال الظن بعد الموت وانكشاف الوقائع فنقول إن الظن قد زال قطعا لما ذكرنا وحصول الاعتقاد الجديد الذي حصل له بعد الموت على فرض كونه موافقا للظن بحكم الاستصحاب بناء على حجيته في مثل المقام مع أن الاعتقاد الظني والاعتقاد الجزمي مرتبتان متضادتان مختلفتان والأول قد ارتفع جدا والثاني حادث جديد وإجراء الاستصحاب فيه مبني على المسامحة وعدم التدقيق في البقاء والحدوث كما في استصحاب الألوان الضعيفة مع القطع بتكاملها انقلابها إلى حالة الشدة على فرض بقائها اعتقاد نشأ لا عن دليل لأن اعتقادات الموتى وعلومهم تحصيل بالمكاشفة والشهود ولم يقم دليل على أن جواز التقليد حكم من أحكام هذا النحو من الاعتقاد الخارج عن عالم الاجتهاد وقد تقرر أن استصحاب الموضوعات الغير الشرعية كالحياة والعلم والظن ونحوها إنما هي عبارة عن إجراء أحكامها الشرعية عليها التي يعلم ثبوتها لها على فرض بقائها كحرمة نكاح الزوجة على فرض حياة بعلها مثلا فحيث كان المستصحب على فرض بقائه مما لم يقم دليل شرعا على ترتيب الحكم عليه لم يكن فائدة في استصحابها فبعد اللتيا والتي صار نتيجة كلامه أن الاعتقاد الظني الحاصل للمجتهد في حال الحياة قد تكامل بالموت وبلغ حد الجزم بحكم الاستصحاب ومن الواضح أن مجرد ذلك لا يتم به المدعى بل لا بد أن يكون دليل دل على أن جواز التقليد حكم من أحكام الاعتقاد الراجح كسبيّا كان أو كشفيا ثم إثبات بقاء الاعتقاد بعد الموت ليترتب عليه حكمه الشرعي ونحن نقول كما ستعرف في ردّ الاستصحاب الذي يتمسك به المجوزون إن هذا الدليل مفقود وحينئذ فلا ينفع استصحاب بقاء الاعتقاد الراجح بعد الموت جدّا ومن هنا ينقدح أنه لا يضرّنا الاعتراف ببقاء الظن نفسه من دون تكامل وتقلب بالقطع أيضا وإن كان بناء أهل الاستدلال على الزوال ولعله لأجل معلومية ذلك عند المستدل بحيث لم يخطر بباله أن عاقلا يذهب إلى بقاء الظن فالأولى أن يقال إن الدلائل الظنية حجيتها إنما هي باعتبار الظن الحاصل منها للمجتهد الحي لكنه لا يخلو عن مصادرة ويدفع الثاني بأن مناط الحجية إذ كان هو الظن كان الحكم يدور مداره لأنه يقع وسطا لقياس نتيجته القطعية المطلوبة ومن الواضح المقرر أن الاستنتاج يحتاج إلى ثبوت الملازمة بين النتيجة وبين الوسط بحيث يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر ومن انتفائه انتفاؤه بيان ذلك أن الدليل ما كان بينه وبين مدلوله ملازمة واقعية بحيث يلزم من العلم به العلم به وهذا في غير الأدلة الشرعية واضح وأما فيها ففي القطعيات منها أيضا لا إشكال في ثبوت الملازمة بينها وبين نتائجها واقعا وأما الظنيات كخبر الواحد والشهرة وأمثالها فهي في أنفسها ليست من الأدلة حقيقة لانتفاء الملازمة بينها وبين المطلوب منها لكنها بملاحظة الدليل الثانوي الدال على حجيتها من العقل والنقل صارت حجة شرعية إما تعبّدا أو باعتبار ما فيها من الظن الذي يحصل للمجتهد ومعنى صيرورتها حجة دوران النتيجة معها على قياس دوران المطلوب مدار الحد الوسط في سائر القياسات مثل ما يقال زيد متعفن الأخلاط وكل متعفن الأخلاط محموم فكما أن الحكم بالحمى في زيد يتوقف على بقاء تعفن الأخلاط كذلك الحكم بحرمة ما ظنه المجتهد واعتقده باجتهاده حراما يتوقف على بقاء الظن لأنه بمنزلة تعفن الأخلاط في قولنا هذا مظنون الحرمة وكل مظنون الحرمة حرام لا يقال لا كلام في أن الحجة عبارة عن الوسط الذي يستلزم المطلوب وجودا وعدما وإنما الكلام في أن ذلك الوسط ما ذا وأنت تدعي أنه الظن المستمر إلى آن الحكم ونحن نقول إنه تعلق الظن بالحكم في الجملة ونقول فيما إذا زال الظن بعد أن كان موجودا إن هذا مما تعلق بحرمته ظن المجتهد قبل وكل ما كان كذلك فهو حرام

284

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست