نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 282
فالمرجع فيه هو المنع بخلاف ما إذا حصل الشك في حكم سائر الأشياء فإن المرجع فيها هي البراءة ومن هنا ينقدح كون الأصل مقتضيا للاشتراط عند فقد الإطلاق إذا شككنا في شرطية شيء لكون الشيء طريقا بخلاف ما إذا شككنا في شرطيته في غير الطرق وبالجملة الأصل في الطرق الجعلية غير الأصل في سائر الأشياء لا يقال الاحتياط في هذه المسألة ربما يعارض بالاحتياط في المسألة الفرعية كما إذا كان قول الميت موافقا للاحتياط لأنا نقول إن الاحتياط في المسألة الأصولية مقدم على الاحتياط في المسألة الفرعية بقاعدة المزيل والمزال كما يظهر بالتأمل ورابعا بأن الذمة مشغولة بالعبادة كالصلاة مثلا ولا يتفق الخروج عن عهدتها إلا بتقليد الحي لأن تقليد الميت معركة للآراء فقاعدة الشغل واستصحابه يقتضيان المنع من تقليد الميت هذا في العبادات وأما في المعاملات فأصالة عدم ترتب الأثر محكمة ويمكن تقرير أصول أخر يظهر بالتأمل ولا وارد على هذه الأصول من الأدلة سوى الاستصحاب وظاهر الأخبار والآيات التي قد يتمسك بها في إثبات جواز التقليد وستعرف إن شاء الله فساد الاستدلال بها وبقاعدة الانسداد التي تمسك بها الفاضل القمي ومنها أن المفتي إذا مات سقط قوله عن درجة الاعتبار ولا يعتد بقوله أصلا ومن هذا شأنه لا يجوز الاستناد إليه شرعا بيان الملازمة أن مخالفة الحي لسائر أهل عصره يمنع عن انعقاد الإجماع على خلافه إجماعا بخلاف مخالفة الميت فإنها غير قادحة في انعقاده فلو كان قوله نحو قول الحي معتبرا شرعا لكان مخالفته قادحة أيضا كمخالفة الحي وهذه الحجة ذكرها المحقق الشيخ علي في حاشية الشرائع ثم اعترض على نفسه بما يرجع إلى منع الملازمة الثانية وحاصله أن انعقاد الإجماع على خلافه بموته ليس لأجل سقوط اعتبار قوله بموته بل لحصول العلم حينئذ بدخول المعصوم عليه السلام في الباقين الذي هو الباعث على حجية الإجماع عندنا فلا دلالة في انعقاد الإجماع على خلافه بموته على أن الموت يوجب عدم اعتبار قوله بعد أن كان معتبرا في حال الحياة ثم أجاب عنه بما أجاد وحاصله أن موت الفقيه حينئذ يكشف عن خطإ قوله في حال الحياة فلا يجوز العمل به وخلاصة الفرق بين هذا الجواب وبين الاستدلال أن مقتضى الاستدلال كون الموت مسقطا لاعتبار القول بعد أن كان معتبرا وقضية الجواب كونه كاشفا عن خطإ القول رأسا باعتبار حصول العلم بكون قوله خلاف قول المعصوم فالتفت ولا تغفل وربما يتوهم اختصاص هذا الدليل بما إذا كان قول الميت مخالفا لإجماع علماء العصر فلا يقتضي عدم جواز التقليد فيما إذا لم يكن كذلك كما إذا كانوا مختلفين وكان قول بعضهم موافقا لقول الميت وليس كذلك وإن كان بناء الاستدلال على فرض الكلام فيما إذا كان رأي المجتهد مخالفا لآراء سائر أهل العصر فمات فإن ممانعة قوله حال الحياة في هذا الفرض عن انعقاد الإجماع على خلافه وعدم المسابقة بعد الموت دليل واضح على كون الموت موجبا لسقوط اعتبار القول بعد أن كان معتبرا فالدليل وإن كان من مقدماته فرض مخالفة قوله لسائر أهل العصر إلا أن النتيجة الحاصلة منها سقوط اعتبار القول بالموت مطلقا كما يظهر بالتأمل هذا ولك أن تقرر الدليل على وجه آخر وهو أن قول الميت إذا وافق قول أحد الأحياء فالعمل بقوله ليس تقليدا للميت بل تقليد للحي بناء على عدم اعتبار تعيين المفتي في التقليد الذي هو شرط لصحة العمل كما لعله الأقوى وإن لم يوافق قول أحدهم كان مخالفا لأقوال أهل العصر ومعلوم البطلان بالإجماع بناء على حجيته من باب اللطف فالتقليد للميت دون الحي لا ينفك عن مخالفة الإجماع قطعا فتأمل ثم إن صاحب الوافية بعد أن نقل هذا الدليل قال وضعف هذا الوجه ظاهر لأنه بعد عدم حجيته على أصولنا ينتقض بمعروف النسب مع أنهم اعتبروا بشهادة الميت في الجرح والتعديل وهو يستلزم الاعتداد بقوله في عدد الكبائر فتأمل انتهى وتبعه في النقض بمعروف النسب غير واحد ممن تأخر عنه وصورته واضحة وهي أن انعقاد الإجماع على الخلاف مشترك الورود بين الحي والميت بناء على ما هو التحقيق عند الإمامية في الإجماع من كون حجيته من باب الكشف عن قول المعصوم أو زائد لعدم منافاته لمخالفة الحي المعلوم النسب أيضا والظاهر أنه بعد التأمل في جواب الشيخ علي ره عن الاعتراض الذي أورده على نفسه يظهر جواب هذا النقض أيضا فإن كون مخالفة معلوم النسب غير قادحة في انعقاد الإجماع لا ينافي كون الموت كاشفا عن خطإ قوله وهو الباعث لعدم الاعتداد بقوله توضيح المرام أنك عرفت أن الاستدلال بالدليل المزبور يتصور على وجهين أحدهما أن يقال إن المجتهد ما دام كونه حيا يعتبر قوله وإذا مات سقط اعتبار قوله بنفس الموت وذلك لأن المجتهد المخالف لأهل عصره في الرأي ما لم يمت يمنع مخالفته عن انعقاد الإجماع على خلافه وإذا مات فبموته يتحقق الإجماع على خلافه وهذا يدل على اعتبار قوله في حال الحياة وعدم اعتباره في حال الممات إذ لو كان معتبرا أيضا مثل اعتباره قبل الموت لكان مانعا عن انعقاد الإجماع على خلافه وحيث لا يمنع علم أن قوله ميّت مثله لا اعتداد بشأنه فإن قرر الاستدلال كذلك فهذا مبني على كون الإجماع اتفاق الكل بحيث يقدح في ثبوته مخالفة بعض آحاد الأمة سواء كان معلوم النسب أو مجهوله كما عليه العامة وحينئذ فالجواب عنه بأن هذا الدليل لا يلائم مذهبا في الإجماع من عدم قدح خلاف مجهول النسب حيا كان أو ميتا جيّد إلَّا أنه ليس من النقض في شيء بل هو منع لمبنى الاستدلال أعني قدح خلاف الحي في انعقاد الإجماع فتضعيف صاحب الوافية له أولا بعدم حجيته على أصولنا وثانيا بالنقض ضعيف خارج عن رسم الإيراد وراجع إلى إيراد واحد ثم إن هذا الجواب إنما يناسب إذا كان المحجوج عليه بهذه الحجة الخاصّة والمستدل إنما احتج بها على العامة القائلين بحجية الإجماع من حقه اتفاق الأمة
282
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 282