نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 281
إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)
التتبع وشهادة جملة من الفحول فإن جريان عادتهم سيّما العلامة على ذكر المخالفين في المسائل مع عدم ذكر مخالف واحد معا في المسألة مما يعطي الجزم باتفاق كلمتهم في ذلك ودعوى صراحة الذكرى في خلاف بعض الأصحاب يدفعها ما عن رسالة الشهيد الثاني من أن العلماء يعم العامة والخاصة وبعض الأعم أعم من بعض الأخص مع أن خلافا نادرا من أصحابنا غير قادح فيما ادعينا من الإجماع على طريقة المتأخرين ومنه يظهر ضعف توهم الخلاف من كلام من جعل الحكم أي المنع الأقرب كالعلامة في محكي التهذيب أو نسبه إلى الأكثر لأن المسألة إذا كانت من الخلافيات بين العامة والخاصة ونحو هذه الكلمات مما لا صراحة بل لا ظهور لها في تحقق الخلاف بين الخاصة وقد نسب الشهيد الثاني قول المشهور إلى الأكثر في المنية والمقاصد ومع ذلك فقد اعترف بعدم الخلاف من الخاصة في الرسالة والمسالك وآداب المعلم والمتعلم وهذا مما يؤكد كون هذه الكلمات إشارة إلى خلاف العامة وأما الخلاف الذي نقلوه من العلامة وقد سمعته فلعله على فرض ثبوته مع أنه مما أنكره في الدين الشيخ السعيد والمحقق الثاني فيما حكي عنهما يحمله على الاستعانة بكتب أموات من المتقدمين عند فقد المجتهد الحي مما لا يضرنا لأن كلامنا الآن في قبال من أجاز العمل بقول الموتى مع وجود الحيّ وأمّا المتأخرون فلم ينقل منهم الخلاف أيضا سوى من عرفته من الأخباريين وبعض المجتهدين وخلاف الأخباريين ومن يقرب منهم في المشرب أعني إنكار طريقة الاجتهاد والتقليد غير قادح في اتفاق المجتهدين نظرا إلى اختلال طريقتهم وعدم قولهم بالاجتهاد والتقليد رأسا واقتصارهم في استنباط الأحكام على الأخذ من كتب المحدثين أحياء كانوا أو أمواتا وعدهم الفتوى للعوام نقلا لمضمون الأخبار ومن هنا اعتبر التوني في التقليد كون المجتهد ممن لا يعمل إلا بمداليل الأخبار الواضحة دون الالتزاميات الغير البينة التي يعمل بها المجتهدون ويفتون على حسب مقتضاها وسوى بين الحياة والممات كما هو الشأن في العمل بالأحاديث فإن نظره إلى تسويغ العمل بفتوى تكون نقلا لمضمون الأخبار حتى يكون العمل بها عملا بالخبر لا إلى عدم اشتراط حياة المفتي على فرض جواز العمل بالفتوى مثل ما يقول المجتهدون وكذا لا يقدح في الاتفاق المزبور خلاف الأردبيلي لما ظهر وجهه في خلاف العلامة رحمه الله فبقي من المخالفين المجتهد الفاضل القمي رحمه الله وهو باعتبار فساد مستنده وعدم مشاركة غيره له في ذلك وإن شاركه في أصل الحكم في الجملة مما لا يقدح خلافه وليس هذا الكلام إلا في الرد عليه وبالجملة هذا الاتفاق مما ادّعاه غير واحد من الأتقياء الفحول وأعاظم أهل الأصول بعد أن بلغوا في الفحص والتتبع ما هو المأمول فهو إما حجة واضحة في المسألة أو يدفع مانعية ما يتوهم مانعيته عن العمل بالأصل من الإطلاقات وعلى التقديرين ففيه الحجة ومنها الأصل وتقريره تارة بأن حجية قول الغير حكم يحتاج إلى دليل معتبر والمقدار الثابت منها إنما هو حجية قول الحي لكونه متفقا عليه بين الفريقين وأما قول الميت فالأصل عدم حجيته لا يقال لا نسلَّم تسالم الفريقين على حجية قول الحي لأن القائلين بجواز تقليد الميت منهم من يرى وجوب اتباع الظن الأقوى فقد يكون حاصلا من قول الميت ومنهم من يوجب تقليد الأعلم فإذا فرض كون الميت أعلم لم يجز تقليد الحي عنده فتقليد الحي والميت متساويان في الاحتياج إلى الدليل وعدم الإجماع وإجراء الأصل في أحدهما معارض بإجرائه في الآخر لأنا نقول نفرض الكلام فيما إذا تساوى الحي والميت من جميع الجهات فيتم الدليل فيه وفي صورة رجحان الميت في العلم أو في إفادة قوله الظن يتم المدعى بعدم القول بالفصل لأن كل من يرى وجوب تقليد الميت الأعلم أو الذي يفيد قوله الظن الأقوى عينا قال بوجوبه تخييرا في صورة المساواة والتفصيل بين الصورتين قول لا يقول به أحد من الفريقين وربما أجيب عن هذا الإيراد بمنع وجوب تقليد الأعلم عند هؤلاء القائلين بجواز تقليد الميت فإن صريح بعضهم عدم الوجوب وأما وجوب متابعة الظن الأقوى فالقائل به إنما هو بعض معاصري المجيب أعني الفاضل القمي ليس إلا فلا يقدح اختيار هذا المذهب في دعوى الإجماع على خروج قول الحي مطلقا حتى في صورة كون الظن الحاصل من قول الميت أقوى من تحت الأصل وما ذكرنا في الجواب أحسن لأنا لو بنينا على عدم قدح مخالفة هذا القائل في الإجماع على حجية قول الحي مطلقا لم يبعد دعوى الإجماع المحقق على بطلانه فإن الظاهر أنه لم يقل غيره بوجوب اتباع الظن الأقوى وتعين العمل بقول الميت إذا كان الأقوى منه في نظر المقلد فيخرج الكلام عن كونه استدلالا بالأصل فليتدبر وأخرى بأن التقليد عمل بما وراء العلم وهو منفي بالآثار والاعتبار خرج قول الحي بالإجماع وبقي الباقي تحت الأصل وأجاب عنه صاحب الوافية بمنع كون العمل بما وراء العلم منهيا إلا في أصول العقائد وهو عجيب وليس من مشاكلته وطريقة الأخبارية عجيبا لأن العقل القاطع عندهم ليس بحجة وثالثة بأن التقليد طريق جعلي للمكلف بحيث لو لا دليل دل على اعتباره لما جاز الأخذ به كما عرفت ولا ريب أنه إذا دار الأمر بين التخيير والتعيين في الطريق ولا يدرى أنه يجب الأخذ بهذا عينا أو مخيرا بينها وبين غيره وجب الأخذ بما يحتمل وجوب الأخذ به عينا بحكم الاحتياط القاضي به العقل لأنه لا ينافي احتمال كونه أحد فردي الواجب التخييري لا يقال هذا الأصل إنما يتم على مذهب من يبني على الاحتياط فيما إذا دار الأمر بين التخيير والتعيين وأما على مذهب من يبني على البراءة فلا يتم ذلك الأصل لأنا نقول فرق بين الطريق وغيره فإنّ الأصل الأولي في الطرق الغير العملية هي الحرمة إلا ما خرج بالدليل وفي غيره هي البراءة فمتى حصل الشك في حكم شيء من الطرق
281
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 281