نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 280
[ تحقيق الكلام في مسألتي تقليد الميّت وتقليد الأعلم ] بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم واعلم أنّ مسألتي تقليد الميّت وتقليد الأعلم اللَّتين ليستا بعنوان الهداية خارجتان عن أجزاء كتاب مطارح الأنظار وإن كانتا أيضا من إفادات المحقق الثالث والعلَّامة الثّاني الشيخ مرتضى الأنصاري الَّتي حرّرها بعض الأساطين من تلامذته ولعمري إنّهما في غاية الجودة والإيقان في الإفادة والتحرير ومن هنا أحببنا التكرير هو المسك ما أكررته يتضوّأ بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم الحمد للَّه ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على خير خلقه محمّد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة اللَّه على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين وبعد فقد اختلف العلماء بعد اتفاقهم على جواز التقليد عند تعذر العلم عدا بعض من فقهاء حلب كابن زهرة وجملة من المعتزلة في اشتراط حياة المفتي في الاستفتاء والتقليد فالمعروف عند الإمامية والمشهور فيما بينهم شهرة دعت جماعة من أجلاء الأصحاب إلى نفي الخلاف أو دعوى الإجماع عليه هو الاشتراط فعن شرح الألفية للمحقق الثاني لا يجوز الأخذ عن الميت مع وجود المجتهد الحي بلا خلاف بين علماء الإمامية وعن المسالك قد صرّح الأصحاب في كتبهم المختصرة والمطولة وفي غيرهما باشتراط حياة المجتهد في جواز العمل بقوله ولم يتحقق إلى الآن في ذلك خلاف ممن يعتد بقوله من أصحابنا وإن كان للعامة في ذلك خلاف مشهور وبمثله قال في آداب العلم والمتعلم وقال في محكي الرسالة المنسوبة إليه نحن بعد التتبع الصادق في ما وصل إلينا من كلامهم ما علمنا من أصحابنا السّابقين وعلمائنا الصّالحين مخالفا في ذلك فإنهم قد ذكروا في كتبهم الأصولية والفقهية قاطعين فيه بما ذكرنا من أنه لا يجوز تقليد الميت وأن قوله يبطل بموته من غير نقل خلاف أحد فيه وفي المعالم نسبه إلى ظاهر الأصحاب ثم قال والعمل بفتاوي الموتى مخالف لما يظهر من اتفاق علمائنا على المنع عن الرجوع إلى فتوى الميت مع وجود الحي وعن القاساني الذي ستعرف خلافه في المسألة الاعتراف بأنه مختار أكثر المجتهدين بحيث كاد أن يكون إجماعا بينهم وعن صريح شارح النجاة نفي الخلاف في ذلك وكذا عن ظاهر النهاية بناء على أن عدم ذكر الخلاف هنا بعد الفتوى ذكر لعدم الخلاف في مثل المقام خصوصا من مثل الفاضل المتعرض للخلاف في جميع المسائل سيما في النهاية وعن الكفاية نقل الاتفاق عن بعضهم وبالإجماع صرح ابن أبي جمهور الأحسائي فيما حكي عنه حيث قال لا بد في جواز العمل بقول المجتهد من بقائه فلو مات بطل العمل بقوله فوجب الرجوع إلى غيره إذ الميت لا قول له وعلى هذا انعقد إجماع الإمامية وبه نطقت مصنفاتهم الأصولية والفروعية ونسبه في محكي الذكرى إلى ظاهر العلماء وفي محكي الجعفرية ومجمع الفائدة إلى الأكثر وبالجملة لا يخفى على المتتبع أن كلمات الأوائل والأواسط متفقة في منع العمل بقول الموتى وأن القول به من خصائص العامة فمن ادعى إجماعهم على ذلك كما ادعاه المحقق النراقي في المناهج والمولى البهبهاني على ما حكي عنه لم يكن مغربا وإنما المغرب من أنكره تمسكا بصراحة بعض الكلمات كما ستعرفه وظهور الآخر في ثبوت الخلاف لأن الخلاف المصرح به في بعض العبائر والمستظهر عن البعض الآخر لم يعلم كونه من أصحابنا بل الظاهر كما اعترف به الشهيد الثاني في محكي الرّسالة أن الخلاف إنما هو من العامة وأغرب من ذلك إنكار حجية هذه الإجماعات كما صدر عن الفاضل القمي رحمه الله بدعوى عدم إفادتها إلا الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره في المسائل الأصولية سيما مثل هذه المسألة التي حدوث ابتلاء الناس بها وعدم تداولها في الصدر الأول تأييدا لصدق دعوى الإجماع فيها لأن الدال على اعتبار الظن في الفروع إنما يدل على اعتباره في التكاليف الفعلية التي يعتقد بها المكلف في الوقائع ومن الواضح أن الظن بحكم شيء من مدارك الفروع يئول بالآخرة إلى الظن بالتكليف الفعلي وتحقيق ذلك مطلوب من محله وعلى تقدير عدم حجيته مطلقا أو في مسألتنا على فرض كونها أصولية نقول إن هذه الإجماعات الشاهد على صدقها التتبع واعتراف بعض الأعاظم بأنه بعد الفحص الأكيد لم يطلع على الخلاف بين الأصحاب المجتهدين في الأوائل والأواسط يفيد القطع بوجوب دليل عند القدماء متفق عليه بينهم في الحجية ولا أقل من الأصل السالم عن معارضة ما توهم دليلا على الجواز من الآيات والأخبار وذلك فإن عثورهم على تلك الأخبار والآيات التي نتلوها عليك مع عدم اعتدادهم بشأنها ومصيرهم إلى ما يقتضيه الأصول والضوابط من المنع مما يقتضي بعدم انقطاع حكم الأصل عندهم فيتطرق الوهن في دلالتها على جواز تقليد الميت بعد فرض دلالتها على أصل التقليد فهذه الإجماعات تعدّ من الحجج في المسألة كل ذلك مع الاعتراف بكون مسألتنا هذه أعني وجوب تقليد الحي عينا من المسائل الأصولية والحق أنها مسألة فرعية لأنها مما ينتفع به المقلد على تقدير كونها من القطعيات ولا ينتفع بها في الاجتهاد أصلا ورأسا وقد تقرر في غير موضع أنه المعيار في تميز مسائل الأصول عن الفروع فلا عذر لمن أنكر حجية هذه الإجماعات مع كونه ممن يقول بحجيتها في الفروع فتأمل بقي الكلام في نقل خلاف جملة من المتأخرين وأشدّهم خلافا هم الأخبارية فذهب الأسترآبادي والقاساني فيما حكي عنهما إلى الجواز مطلقا ونسبه الشهيد في محكي الذكرى إلى بعض وهو المحكي عن القمي وحجة الإسلام والجزائري في منبع الحياة ووافقهم التوني إذا كان المجتهد ممن لا يفتي إلا بمنطوقات الأدلة ومدلولاتها الصريحة أو الظاهرة كالصدوقين وإن كان يفتي بالمداليل الالتزامية الغير البينة فمنع عن تقليده حيا كان أو ميتا وذهب الأردبيلي والعلامة فيما حكي عنهما إلى الجواز عند فقد المجتهد الحي مطلقا أو في ذلك إلا الزمان والفاضل القمي رحمه الله أناط الحكم مناط حصول الظن الأقوى سواء حصل من قول الميت أو الحي فهو من المجوزين مطلقا ولم أجد غيره من المجتهدين وافقه في كتابه ممن يعتد بشأنه والحق الذي لا ينبغي الارتياب فيه هو المنع مطلقا لنا على ذلك وجوه منها ما سمعت من الإجماعات المعتضدة بظهور اتفاق الإمامية على ذلك إذ قد عرفت أنه لا خلاف بين قدماء الأصحاب والمتوسطين بحكم
280
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 280