نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 277
بذلك يلزم تدين كل واحد من المقلدين بغير ما تدين به الآخر بخلاف المرجح الداخلي الذي منه الأعلمية فإنه معتبر في حقه قطعا لانضباطه وعدم لزوم المحذور على تقديره مع حكم العقل بلزوم الأخذ بالأقرب ولا يقاس ذلك بالشهرة ونحوها والحاصل أن الإجماع قام على عدم اعتبار ظن المقلد في مقام الترجيح فيما إذا لم يكن مستندا بنفس الأمارة نعم في المقام شيء آخر وهو أن فتوى غير الأعلم قد يكون بنفسها أقوى من فتوى الأعلم بواسطة زيادة حاصلة فيها من زيادة فحص وكثرة تتبع لأقوال العلماء بعد اشتراكهما فيما هو المصحّح للاجتهاد والفتوى فلو لم نقل بأن ذلك يوجب الأعلمية في هذه الواقعة الخاصة لا يستقيم الاستناد إلى الدليل المذكور بل ولا يجري غيره من الأدلة أيضا أمّا الإجماعات المنقولة فلعدم الاطمئنان بشمولها للمقام وأما الأخبار فيمكن دعوى عدم انصرافها إلى مثل المقام وهل يتخير بينهما نظرا إلى عدم الترجيح بينهما بواسطة اشتمال كل منهما على مرجح داخلي أو لعدم الفاضل الأقوى نوعا نظرا إلى إطلاق معاقد الإجماعات والأخبار أو تقدم المفضول نظرا إلى كونه أوثق شخصا وجوه أوسطها الأوسط لو لم نقل بأن ذلك يوجب أعلمية المفضول في الواقعة الخاصة فتدبر وأما عن الثاني فبأن التقليد ما هو ليس من الأمارات التعبدية المحضة التي لا يلاحظ فيها حال الواقع بوجه كأن يكون مفادها في عرض الواقع على وجه يكون موضوعا لما يترتب عليهما حتى لا يكون الأقربية إلى الواقع موجبا للأخذ بها عند المعارضة ولا من الأمارات الثابتة بواسطة دليل الانسداد حتى يؤخذ بالطرف الراجح ولو كان من الأمور الخارجية بل المتحقق أن اعتبار التقليد في حق العامي إنما هو من باب التعبد لكن على وجه الطريقية فالملحوظ فيه هو الكشف عن الواقع قطعا ولا إشكال في أن الأخذ بما هو الأقوى في هذه الأمارات لازم لحكم العقل والحاصل أن التقليد إنما هو معتبر من حيث إنه يطابق الواقع في الأغلب وإن لم يكن مداره على حصول الظن في خصوصيات الموارد وذلك يوجب الأخذ بالأقرب الأقوى نوعا إذا كان الأقربية مستندة إلى ذات الأمارة وقد يدعى في المقام أن بناء العقلاء على الرجوع إلى الأعلم وهو في محله لما عرفت من أن بناء التقليد ليس على التعبدية الصرفة فإن من المعلوم أن وجه بنائهم في أمورهم إنما هو بواسطة إناطة أمورهم بالواقع المستكشف عندهم في الغالب بالإدراكات الظنية وينبغي التنبيه على أمور الأول الظاهر من لفظ الأعلم على حسب الاشتقاق في اللغة هو اختلاف الفاضل والمفضول في مراتب الإدراك المختلفة شدة وضعفا ولكنه ليس بمراد قطعا بل المراد منه إما من هو أقوى ملكة أو أكثر خبرة من غيره وإما من هو أكثر معلوما من غيره والظاهر هو الأول وإن قيل انفكاكه عن الثاني في الغالب والوجه في ذلك أن كثرة المعلومات مع ضعف الملكة الحاصلة منها الاستنباط ربما يكون موجبا لمزيد البعد عن الواقع كما نشاهد في أغلب أبناء زماننا من الطلبة ويشير إلى ذلك تفسير الفقه بالعلم بالملكة مع شيوعه في العرف والعادة وفي بعض الآثار ما يرشد إليه حيث قال أنتم أعلم الناس إذا علمتم وفهمتم معاني كلامنا وبالجملة الأعلم من الأمور الخفية التي لا يعرفها العرف والعادة ولا مدخلية لكثرة المعلومات في ذلك نعم لو كان ذلك سببا لوثاقة فتواه بناء على اختلاف بين الأعلمية والأوثقية كان الوجه ما عرفت من الوجوه فلو علم المقلد بواسطة مراجعة أهل الخبرة إتقان أمر المفتي في الاستنباط واستحكام مباني اجتهاده على وجه يكون ذلك زائدا على ما هو المعتبر في الاستنباط فالواجب الرجوع إليه وهل الظن بذلك يقوم مقام العلم الأقرب نعم لا لما يتوهم من اعتبار الظن في أمثاله بل لما عرفت من كفاية احتمال وجوب ما يحتمل المرجحية بين المتعارضين فكيف بالظن بوجوده وهل يجوز التعويل على الظن مع إمكان تحصيل العلم الأقرب نعم إذا لم يحتمل أعلمية الموهون بل يحتمل مساواتهما فإذا احتمل الأعلمية فاللازم هو الفحص على القول بوجوبه كما ستعرف وعلى القول بعدمه فلا فحص الثاني هل اللازم هو الأخذ بالأورع عند تساويهما في العلم والفضيلة أو يتخير بينهما قولان ظاهر المنقول من النهاية والتهذيب والذكرى والدروس والجعفرية والمقاصد العملية والمسالك والتمهيد وشرح الزبدة للفاضل الصّالح هو الأول وهو الأقوى لما عرفت من الأصل وبعض الأخبار ويزداد قوة إذا فرض وثاقة بواسطة شدة ورعه وبذل جهده فإنه يندرج في عنوان الدليل العقلي أيضا وهل يتخيّر بين الأعلم والأورع أو يقدم الأول أو الثاني وجوه الأقرب الثاني لأن المناط في الاستفتاء والعمل بقوله آكد فيه من غيره وإن كان أورع اللهم إلا أن يكون ذلك سببا لوثاقة فتواه بواسطة إعمال الفكر زائدا على ما هو المعتبر لو لم نقل بخروجه عن الفرض الثالث إذا علم المقلد كون زيد أعلم وعلم موارد الاختلاف تفصيلا بينه وبين غيره فقد عرفت وجوب الأخذ بالأعلم وإذا علم بالأعلم تفصيلا وبالاختلاف إجمالا فهل يجب تميز المسائل المختلف فيها عن غيرها أو لا وجهان الأظهر الوجوب إذا كان المعلوم بالإجمال غير ملحق بالشبهة الغير المحصورة فإن العلم الإجمالي على الوجه المذكور كالعلم التفصيلي من غير فرق وأما إذا كان ملحقا بالشبهة الغير المحصورة فهو نظير ما إذا علم التفاضل ولم يعلم الاختلاف أصلا ولا دليل على وجوب الفحص عن الاختلاف سوى الأصل المنقطع بالسيرة المستمرة على ما مرّ الوجه فيها فيجوز الأخذ بفتوى المفضول مع العلم بالتفاضل مضافا إلى أصالة عدم المعارض غير المعارضة بأصالة عدم غيره إذ لا يترتب عليها حكم مع جواز الرجوع إلى بعض الإطلاقات عند القائلين بدلالتها فتدبر وإذا علم الاختلاف واحتمل التفاضل فهل يجب
277
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 277