نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 276
كلام الشهيد الثاني المؤيد بنقل عدم الخلاف عند أصحابنا كما يظهر من السيد في الذريعة والبهائي حيث قال وتقليد الأفضل معين عندنا وفي المعالم وهو قول الأصحاب الذين وصل إلينا كلامهم المعاضدة بالشهرة المحققة بين الأصحاب وهو الحجة في مثل المقام الملحق بالفرعيات بل ولا يجوز الاجتراء في الإفتاء في مثل هذه المسألة التي بمنزلة الإفتاء في جميع الفقه بخلاف المنقول من الأصحاب كيف ولا نرى منهم الاختلاف مع وجود ذلك فيما هو أهون من المقام كما لا يخفى على من تتبع فتاويهم ولا وجه للوسوسة بعدم حجية الإجماع المنقول في المقام كما عرفت والتعليل الفاسد في كلام المجمعين ليس بضائر بعد الاتفاق الكاشف مع ما تعرف من صحة التعليل أيضا الثاني الأخبار الدالة على ترجيح الأعلم على غيره منها مقبولة عمر بن حنظلة حيث قال فيها الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر ومنها رواية الصدوق عن داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما خلاف واختلف العدلان بينهما عن قول أيّهما يمضي الحكم قال عليه السلام ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا ومنها قول أمير المؤمنين عليه السلام المنقول في نهج البلاغة اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك والتقريب في الكل ظاهر فإن الإمام قدم قول الأفقه والأعلم على غيره عند العلم بالمعارضة والمخالفة وهو المطلوب لا يقال إن ظاهر المقبولة هو اختصاصها بالقضاء كما هو المصرّح به في صدرها حيث سأل الراوي عن رجلين بينهما منازعة في دين أو ميراث فلا يستقيم الاستدلال بهما في الفتوى لأنا نقول أولا يعلم المطلوب بالإجماع المركب إذ لا قائل بالفصل بين وجوب قضاء الأعلم وتقليده وإن احتمل عدم تحققه في العكس وتوهم اختصاص الرواية بظاهرها بصورة تقارن الحكمين ولم يثبت الإجماع حينئذ مدفوع بأن ذلك يوجب حمل الرواية على النادر إذ التقارن قلَّما يتفق مع إمكان دعوى الإطلاق أيضا وثانيا أن ظاهر المقبولة صدرا وذيلا فيما إذا كان الاشتباه في الحكم الشرعي الذي مرجعه إلى الاختلاف في الفتوى دون الأمور الخارجية التي لا يكون رفع الاشتباه فيها بالرجوع إلى الأحاديث فيكون الرواية دليلا على الترجيح بالأعلمية عند اختلاف أرباب الفتوى ويرشد إلى ذلك أن رفع الاشتباه في غيرها إنما هو بالأمارات المفيدة للأمور الخارجة كالأيمان والبينات ونحوها بخلاف الاشتباه في الحكم الشرعي فإن مرجع الاشتباه فيها بالرجوع إلى الأدلة الشرعية التي منها الأحاديث الواردة بينهم وتوضيح ذلك أيضا أن المرجحات المذكورة بعد ذلك أيضا من مرجحات الاستنباط للحكم الشرعي مثل موافقة الكتاب ومخالفة العامة ونحوها ويؤيده أن النزاع في الأمور الخارجية لا وجه له لاختلاف الحكمين فيه إذ لا يجوز نقض حكم الحاكم الأول للثاني فلا يعقل الاختلاف بينهما فإن قلت لا وجه لحمل الرواية على التقليد أيضا فإن إعمال هذه المرجحات ليس من مثال المقلد أيضا ضرورة أن اللازم في حق المقلد هو الأخذ بالفتوى من دون مراجعة إلى دليل الواقعة حتى يحتاج إلى إعمال المرجحات قلنا ذلك مبني على اختلاف حال المقلدين الموجودين في ذلك الزمان والموجودين في زماننا إذ يمكن أن يكون المقلدون في ذلك الزمان من أرباب الاجتهاد ولا ينافي ذلك تقليدهم لحصول الاطمئنان لهم بأن المذكور في مقام الفتوى هو مضمون الرواية المسموعة عن الإمام أ لا ترى أمر الصادق عليه السلام بعبد اللَّه بن أبي يعفور مع كونه مع أصحاب الرواية بالرجوع إلى الثقفي فالظاهر أنهم كانوا يعتمدون بما عندهم من الروايات وإذا احتاجوا في واقعة إلى حكم كانوا يسألون بعضهم بعضا فيعتمدون على جوابه وإن لم يكن لفظ الرواية تنزيلا لفتواهم منزلة رواياتهم مثل المقلدين في زماننا وأما اجتماع الأوصاف المذكورة في الرواية فالظاهر من مساقها اكتفاء بعضها أيضا مضافا إلى انعقاد الإجماع على خلافه ولا يوجب نقضا في الاستدلال كما أن مخالفة ترتيب المرجحات أيضا للعمل لا يضر ما نحن بصدده فلا وجه للمناقشة في دلالة المقبولة كما لا وجه للمناقشة في سندها فإنها مقبولة معمول بها مثل المناقشة في الرواية الثانية نعم لو كان ولا بد من المناقشة فليناقش في الرواية المنقولة في نهج البلاغة فإن الظاهر من مساقها الاستحباب الثالث أن فتوى الأعلم أقرب من غيرها فيجب الأخذ بها عند التعارض لأن الأخذ بالأقرب لازم عند التعارض أما الأول فظاهر وأما الثاني فلقضاء صريح العقل به واعترض عليه تارة في الصغرى وأخرى في الكبرى أما الأول فبأن الأقربية على وجه الإطلاق مما لا وجه لها إذ ربما يكون فتوى غيره أقرب بواسطة اعتضادها بالأمور الخارجية كموافقتها المشهور أو لفتوى أعلم الأموات أو غير ذلك فإذا فرض اطلاع المقلد على هذه المرجحات يكون فتوى غير الأعلم أقرب وأما الثاني فبأنه لا دليل على اعتبار الأقربية في الأمارات التعبدية التي منها قول المفتي في حق المستفتي نعم لو كان اعتباره من باب الظن كان ذلك وجها ولكنه قد اعترفت مرارا بفساد هذه الدعوى ويمكن الجواب أما عن الأول فبأن الأقربية تارة تكون بواسطة المرجحات الداخلية في ذات الأمارة نظير قوة الدلالة في تعارض الأخبار وقوة السند فيها وتارة تكون بواسطة أمور خارجية عن ذات الأمارة مثل موافقة المشهور وأمثاله مما لا ربط له بنفس الأمارة وإن كان يوجب أقربية مضمونها إلى الواقع والفرق بينهما ظاهر مذكور في محله في باب التعارض لا كلام في اعتبار المرجح الداخلي في حق المجتهد وأما المرجحات الخارجية فقد تحقق في محلها أنها معتبرة في حق المجتهد أيضا وأما المقلد فالإجماع بل الضرورة قضت على عدم اعتبار المرجح الخارجي في حقه والسر فيه ظاهر حيث إنه لو قلنا
276
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 276