نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 275
الجنس كآية السؤال فإن المأمور به فيها هو وجوب السؤال عن جنس العالم كما هو ظاهر على من لاحظها ونظيره قوله وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا وصنف منها ما يدل على وجوب الأخذ بكل عالم على وجه العموم كآية النفر فإنها على ما هو المقرر في توجيه الاستدلال بها تدل على وجوب الأخذ بقول المنذرين ونظيره قوله من عرف أحكامنا وقوله وأما من كان من العلماء صائنا لدينه فللعوام أن يقلَّدوه وصنف منها ما يدل على وجوب الأخذ بقول كل عالم على أي وجه اتفق على وجه العموم البدلي مثل قوله اعتمدا في دينكما على كل مسن في حبّنا فإنّ مفاده وجوب الرجوع إلى العلماء على وجه يستفاد منه التخيير مثل الرواية المنقولة عند الجمهور أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم لا ريب في أن الاستناد إلى الصنفين الأولين مما لا يجدي في المقام فإن المستفاد منها مشروعية جواز الرجوع إلى العلماء في أصل الشريعة ولا كلام لنا فيه إذ لا إشكال في أن قول غير الأعلم حجة وأنه يجب الأخذ به في حد ذاته عند عدم معارضته بقول الأعلم وإنما الكلام في أن من الجائز الأخذ به عند معارضته بقول الأعلم أو لا ولا إشكال في أن هذه الواقعة خارجة عن مفاد الدليل المذكور فلا بد لها من دليل يوافقها وأمّا الصنف الثالث فيمكن أن يكون دليلا للخصم لما عرفت من أنه يستفاد منه التخيير فيمكن الاستناد إليه عند الشك في رجحان قول الأعلم على غيره إلا أن الإنصاف أن ذلك لا يجدي أيضا والوجه فيه أن مجرد إمكان الاستفادة لا يجدي في التمسك بالإطلاق بل لا بد وأن يكون المطلق في مقام بيان الحكم المذكور والظاهر أن هذه الأقسام كلها مسوقة لبيان جواز نفس التقليد من دون ملاحظة أمر آخر كقولك فارجع إلى الأطباء أو إلى الطبيب أو إلى كل من يعالج مثلا فإن المفهوم منها بيان أصل المرجع وأما الواقعة المترتبة على هذه الواقعة من وقوع التعارض بين أقوال الأطباء فلا يستفاد منها ولذلك لا يعدّ بيان المرجع عند التعارض قبيحا كما هو كذلك في المقبولة فإنه بعد الأمر بالرجوع إلى العارف بالأحكام يتصدى لبيان المرجع عند التعارض ولذلك حسن استفسار السّائل أيضا نعم يصح التعويل على هذه الإطلاقات عند عدم العلم بالاختلاف والتعارض ولا بأس به وأما الأخبار الخاصة فالاستناد إليها يتوقف على دعوى العلم بوجود الاختلاف بين هؤلاء المفتين في العلم والفضيلة والعلم باطلاع الناس على اختلافهم فيه والعلم باختلافهم في الفروع الفقهية والإنصاف أن إثبات ذلك فيمن أمر الإمام عليه السلام بالاستفتاء منهم في غاية الصّعوبة بل لا يكون ذلك إلَّا تعرصا على الغيب وأما السيرة فالمسلَّم منها أنهم مع عدم علمهم بالاختلاف في الفتاوي كانوا يرجعون بعضهم إلى بعض وأما مع العلم بالاختلاف إجمالا فلا نسلم عدم فحصهم عن الفاضل وعدم رجوعهم إليه فكيف بما إذا علموا بالفضيلة والاختلاف تفصيلا بل يمكن دعوى ندرة الاختلاف بين أصحاب الأئمة أيضا ولا ننكر أصل الاجتهاد في حقهم بل نقول بالفرق بيننا وبينهم من وجود أسباب الاختلاف في حقنا دونهم فإن حالهم كما مر مرارا حال المقلدين في أمثال زماننا حيث إنهم لا يختلفون في الفتاوي المنقولة عن مجتهدهم فإنه كلما يزداد بعد عهدنا عن مشكاة الإمامة ومصباح الولاية يزداد الحيرة والاختلاف فينا ولذلك قال النبي صلى ا لله عليه وآله أصحابي كالنجوم فإن فيه دلالة على خلاف مراد المتمسّكين به أما أولا فلأن لفظ الاهتداء يخالف اختلاف الهادين فلا بد من أن يكون الكل متفقا في الكلمة وأما ثانيا فلأن التشبيه بالنجوم يفيد ذلك فإنها طرق قطعية يتوصل بكل واحد منها إلى المقصود على اختلاف أوضاع المقاصد وهيئات الكواكب وكيف كان فالإنصاف أن دعوى استقرار السيرة على جواز الرجوع إلى غير الأعلم عند العلم بالاختلاف وإمكان الرجوع إلى الأعلم على وجه يكون شائعا معلوما للأئمة بالعلم المعتاد المعتبر في حجية السيرة غير بينة ولم يقم دليل عليها أيضا فعهدتها على مدعيها وأما لزوم الحرج فإن أريد لزومه في تشخيص موضوعه ففيه أن تشخيص الأعلم ليس ما خفي من تشخيص نفس الاجتهاد فيما هو الموصول فيه أيضا وإن أريد لزومه من حيث الانحصار ففيه أن الواجب حينئذ الرجوع إلى الأعلم فيمن لا يلزم منه العسر ولا يمكن إلحاق الغير بالإجماع لما عرفت مرارا من أن التفصيل بواسطة لزوم العسر ليس تفصيلا في الحقيقة لحكومة الأدلة الدالة على نفسه على جميع الأدلة في الأحكام الواقعية وإن أريد أن فتوى الأعلم فيها عسر ففيه أن فتوى غيره أيضا قد يكون فيه العسر وبالجملة فلا وجه للاعتماد على هذه الوجوه كما هو ظاهر وأمّا الخامس فهو من غرائب الاستدلال في المقام إذ المقصود على ما عرفت عند العلم بالاختلاف والعلم بمخالفة الإمام مع غيره يوجب العلم ببطلان الغير ومع ذلك لا يجوز التقليد مضافا إلى أن قياس الإمام بغيره مما يشمئزّ منه أصحاب الإنصاف كما هو ظاهر وأمّا السّادس فهو مبني على مقدمات لم يساعد عليها بداهته ولا برهان بل قامت الضرورة الدينية على خلافه كما أومأنا إلى ذلك مفصّلا ولو سلم فالواجب هو الأخذ بالأعلم أيضا لما ستعرف في أدلة المانعين وقد يستدل أيضا بأن إهمال الغير الأعلم عند معارضته بالأعلم يوجب الحكم بمساواته بغير العالم أصلا وقد قال تبارك وتعالى * ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) * وفيه أن مساواة الأعلم وغيره أيضا يوجب الحكم بمساواة العالم وغيره مع أن التمسك بالآية في أمثال المقام مما لا وجه له أصلا كما لا يخفى إذ نفي المساواة من جميع الجهات مما لا سبيل إليه ولا ظاهر في البين يجدي في المقام فيكفي في نفي المساواة الاختلاف في بعض الجهات ولم يثبت كون المقام منها فتدبر هداية في ذكر احتجاج المانعين وهو بعد الأصل كما عرفت تقريره وجوه الأول الإجماعات المنقولة صريحا في كلام المحقق الثاني كما حكاه الأردبيلي عن بعضهم أيضا وظاهرا في
275
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 275