نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 273
بالتقليد فلا يعقل لرجوعه إلى غير الأعلم على وجه التقليد وجه لأن استعلام حال هذه الواقعة من غير الأعلم لعله غير مفيد إذ لم يثبت جوازه بعد فإن كان ذلك منه على سبيل عدم المبالاة بأحكام الشريعة فالعياذ باللَّه وإن كان الاعتماد في الاستعلام المذكور هو قول غير الأعلم فهو دور فالمقلد إذا كان ملتفتا لا بد له من الرجوع إلى الأعلم نعم المجتهد إنما يجوز له الإفتاء بما ظنه من الأدلة الشرعية جوازا ومنعا فالكلام في المقام إنما هو فيما يظهر من الأدلة الشرعية للناظر فيها فالمجتهد لو بنى على الجواز يفتي به لو راجعه المقلد كما أنه يفتي بعدمه فيما لو بنى على عدمه الثاني في تأسيس الأصل في المسألة فنقول إن الظاهر من كل من تعرض للمسألة ووصل كلامه إلينا أن الأصل مع المانعين وتقريره أنه لا شك أن العمل بقول الغير ومطابقة العمل بقوله وهو المعبر عندهم بالتقليد عمل بما وراء العلم سواء كان اعتباره بواسطة حصول الظن كما يراه البعض أو بواسطة التعبد كما هو الظاهر على ما ستعرف الكلام فيه إجمالا وذلك ظاهر والأصل المستفاد من الأدلة القطعية كتابا وسنة وإجماعا وعقلا على ما مر تفصيل القول فيه في محله هو حرمة العمل بغير العلم خرج منه متابعة الفاضل بالاتفاق من المجوزين والمانعين فإنه هو المجمع عليه فيبقى متابعة المفضول في عموم حرمة العمل بما وراء العلم ولم نقف من لا يذعن بهذا الأصل سوى المحقق القمي رحمه الله حيث إنه أفاد في بعض إفاداته بأنه لا أصل لهذا الأصل واشتغال الذمة لم يثبت إلا بالقدر المشترك المتحقق في ضمن الأدون أيضا والأصل عدم لزوم الزيادة وهذا الكلام منه رحمه الله ليس في محله ولذلك ترى المجوزين مطبقين على أن ذلك إنما هو بواسطة الدليل الوارد على هذا الأصل من استصحاب أو إطلاق ونحوهما فإن أراد بذلك منع قيام الدليل على حرمة العمل بالظن فلا بد له من الرجوع إلى الكتاب والسنة وكلمات العلماء فإن ذلك هو الحاكم بين مدعي وجود الدليل وبين المنكر وإن أراد أن انسداد باب العلم إنما اقتضى جواز العمل بالظن فذلك يوجب الإغناء عن البحث في المسألة لدوران الأمر مدار الظن فربما يحصل من الأعلم وربما يحصل من غيره مع أن المعلوم فيما سبق عدم استقامة الكلام المذكور بواسطة عدم جريان مقدمات الانسداد في حق المقلد لقيام الضرورة الدينية على وجوب رجوع العامي إلى المجتهد وعلمه بذلك ليس ما خفي من علمه بوجوب متابعة أحكام الشريعة ولو على الإجمال فإن قلت إن مرجع الأصل المذكور إلى ملاحظة الاحتياط في هذه المسألة التي هي بمنزلة المسائل الأصولية من حيث ترتب المسائل الفرعية عليها وقد يعارض ذلك بالاحتياط في المسألة الفرعية كما إذا كان فتوى الأدون موافقا للاحتياط والاحتياط في المسألة الفرعية مقدم على الاحتياط فيما هو بمنزلة المدرك لها قلت إن بعد إعمال الاحتياط في المبنى لا يبقى الشك في المسألة الفرعية شرعا مثل استصحاب المزيل حين يحكم بتقديمه على المزال فتدبر وقد يدعى أن الأصل هو الجواز من وجوه الأول أن أصالة حرمة العمل بما وراء العلم قد انقطع بما دل على مشروعية التقليد في الجملة ولا ريب أنه إذا كان المجتهدان متساويان في العلم كان كل منهما حجة وكان المكلف مخيرا بينهما ويستصحب التخيير الثابت عند حدوث الشك في زواله بواسطة حصول الترقي لأحدهما فيتم في الباقي بعدم القول بالفصل ولا وجه لما يتوهم من القلب لفرض من هو واجب التقليد عينا ثم تساوى مع غيره فإنه يستصحب وجوبه التعيني ثم يتم في الباقي بعدم القول بالفصل فإن الاستصحاب المثبت مقدم على النافي كما قيل وفيه أن مناط التخيير قبل التفاضل هو حكم العقل به بواسطة جريان مقدماته وبعد حصول التفاضل يرتفع ما هو مناط الحكم بالتخيير قطعا ولا يجري في أمثال هذه الموارد الاستصحاب لارتفاع مناط الحكم قطعا وتوضيحه أن مناط حكم العقل بالتخيير هو اجتماع أمور أحدها عدم إمكان الجمع وثانيها عدم إمكان الطرح وثالثها عدم الأخذ بأحدهما على وجه التعيين لانتفاء المعين واستحالة الترجيح بلا مرجح فإذا فرض وجود أمر يحتمل أن يكون مرجحا يرتفع الأمر الثالث فلا وجه للحكم بالتخيير لا حقيقة ولا استصحابا أما الأول فظاهر وأما الثاني فلما قررنا في محله من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام العقلية لاختلاف الموضوع إذ على تقدير عدم الاختلاف في موضوع الحكم العقلي لا يعقل الشك فيه لأن العقل لا يحكم إلَّا بعد الإحاطة بحدود الموضوع وأطرافه وذلك أمر ظاهر الثاني أن الأمر دائر في المقام بين كون المكلف به الرجوع إلى مطلق الفقيه حتى يكون المكلف مخيرا بينهما وبين أن يكون هو الرجوع إلى الأعلم ولا شك أن الثاني فيه كلفة ليس في الأول فمع عدم ما يلزم من الدليل لا يجب الالتزام لأن الناس في سعة ما لا يعلمون وذلك كالشك في أن المطلوب هو مطلق الرقبة أو الرقبة المؤمنة مع انتفاء الإطلاق في البين وفيه منع كون المقام مما دار الأمر فيه بين الإطلاق والتقييد على وجه يجري فيه البراءة وتوضيحه أن الشك في التعيين والتخيير يتصور في مقامات أحدها ما عرفت من دوران الأمر بين الإطلاق والتقييد ومرجعه إلى الأمر بالكلي المردّد بين أفراده المخير فيها بحسب حكم العقل الثاني أن يكون ذلك التخيير بحسب حكم الشرع كالتخيير بين الخصال الثالث أن يكون التخيير عقليا بواسطة المزاحمة والفرق بينه وبين الأول ظاهر فإن الأمر لم يعلم تعلقه بغير الكلي في الأول بخلاف الثالث فإن تعلق الأمر بكل واحد منها معلوم مع قطع النظر عن المزاحمة وإنما قلنا بالتخيير بواسطة المزاحمة مع اشتمال كل واحد من طرفي التخيير على المصلحة الفعلية الرابع أن يكون التخيير بين فعل الشيء وتركه بواسطة دوران حكمه بين الوجوب والحرمة مع عدم المرجح في البين وإذ قد عرفت ذلك فلا بد من بيان أن ما نحن بصدده من أيّ هذه الأقسام فنقول لا إشكال في أن التخيير بين الأعلم وغيره ليس من القسم الثاني إذ لا دليل في الشرع بكون مفاده التخيير
273
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 273